أماط كتاب جديد صادر عن المركز المغربي للدراسات الإستراتيجية اللثام عن بعض خبايا النظام العسكري الجزائري، وما يتميز به من سلطوية جعلت الماسكين بزمام السلطة في قصر المرادية بالعاصمة الجزائر يسيرون شؤون بلادهم بالحديد والنار. "غياب الدولة في الجزائر" كان واحدا من الخلاصات الكبرى التي خرج بها كتاب "الجزائر.. أزمة النظام وسراب الدولة"، الذي ألفه الدكتور محمد بنحمو والذي جرى مساء الثلاثاء تنظيم حفل توقيع له في المكتبة الوطنية بالرباط بحضور فعاليات مدنية وسياسية، حيث سجل الكاتب أن "المُؤَلف يتطرق للجزائر باعتبارها دولة تعيش في مرحلة مفصلية". وقال بنحمو، في لقاء مع هسبريس على هامش توقيع الكتاب، إن "النظام الجزائري يستحق الدراسة. ومن ثم، قررت تخصيص هذا العمل الأكاديمي والتحليلي للموضوع، الذي جاء تحت عنوان "الجزائر.. أزمة النظام وسراب الدولة"، معتبرا أن عمله الأكاديمي يسعى إلى توضيح غياب الدولة في الجزائر عبر التاريخ؛ لأن الأمر لا يتوقف عند الاحتلال الفرنسي في 1830، ولكن قبل ذلك التاريخ من خلال حكم العثمانيين. واعتبر بنحمو أن "النظام الجزائري لم يستطع أن يبني دولة منذ استقلال الجارة الشرقية للمغرب، وهو ما تم التوقف عنده"، موضحا أن تدبير النظام في هذا البلد للصراعات كان عنيفا؛ وهو ما أخذ شكل انقلابات عسكرية، وإن كان واحدا منها سنة 1965 هو الذي نحج، ولكن كانت هناك محاولات أخرى أخذت شكل الإقالات والاستقالات والتصفيات الجسدية وأبشع هذه المراحل العشرية السوداء. ووقف المؤلف عند مختلف الرؤساء الذين حكموا الجزائر، محاولا الإجابة عن أسئلة عدة؛ من ضمنها كيف وصلوا إلى السلطة، وما هي الجهات التي كانت حاضرة، وكذلك التوازنات التي سهلت وصولهم، وما هي الأطراف التي كانت رائدة في كل منهم. من جهة ثانية، كانت المؤسسة العسكرية حاضرة بقوة في مؤلف بنحمو، حيث قال في هذا السياق إن الكتاب يبحث في طريقة هيمنتها على السلطة وسيطرتها على الحكم، مبرزا أنها كانت وما زالت حاضرة، مع وضعه لإجابات عن كيفية سيطرة جهاز المخابرات على الحكم الجزائري. "هناك وقوف عند جزائر الثروة والمال وما يرتبط بالفساد الذي عرفه النظام الجزائري"، يقول الكاتب في حديثه مع الجريدة، مشيرا إلى أن هناك شقا مرتبطا بأدوات الحكم، وخاصة إعمال الإعلام والمجتمع المدني ومختلف المؤسسات الذي ننتهي بفصل حول مآل الجزائر خاصة أن هذا النظام يعرف تصدعا كبيرا ويعرف احتجاجات كثيرة. وفي هذا السياق، خلص بنحمو، في كتابه، إلى "أننا أمام نظام يصنع الاحتجاج، وينتج الأزمات حيث بدأت الأمور تنفلت من بين يديه لكونه يعيش بأزمات عدة ليس له القدرة على تجاوزها"، مضيفا أن "هاته المحطة التي يتم تدارسها في فصل من فصول المؤلف تضع سيناريوهات ما بعد بوتفليقة والتي من ضمنها سير البلاد نحو المجهول". ومحمد بنحمو، الحاصل على دكتوراه الدولة في القانون، خبير دولي في القضايا الاستراتيجية والأمنية وهو رئيس المركز المغربي للدراسات الاستراتيجية. كما أنه يرأس الفدرالية الإفريقية للدراسات الاستراتيجية. ويشرف بنحمو الذي يدرس بالعديد من بلدان العالم (لندن وواشنطن وروما ودوالا)، على تنظيم المؤتمر السنوي حول الأمن في إفريقيا بمراكش ( مراكش سيكوريتي فوروم)، وهو حاصل على الجائزة الدولية للاستشراف والبحث الاستراتيجي التي يمنحها مركز الدراسات الدبلوماسية والاستراتيجية بدكار.