رفع عشرات المحتجين، مساء اليوم بالرباط، شعارات منددة بوفاة الطفلة إيديا، التي قضت بسبب ما اعتبر إهمالا من طرف مسؤولي المستشفى الإقليمي بمدينة تنغير، وهو ما فتحت بشأنه وزارة الصحة تحقيقا داخليا. الوقفة التي شهدتها الساحة المقابلة لبناية البرلمان بالعاصمة تحولت بعد حوالي نصف ساعة عن انطلاقها إلى مسيرة حاشدة جابت شارع محمد الخامس، وردد خلالها المحتجون شعارات باللغتين العربية والأمازيغية، من بينها "إيديا خلات وصية لا تنازل على القضية"، "هذا مغرب الله كريم لا صحة لا تعليم"، "لا سبيطار لا سكويلة وخمسة فالطاولة"، "المغربي جا وقتك نوض دوي على حقك"، "باش حنا مواطنين لا حقوق لا قوانين"، "إيديا ارتاح ارتاح سنواصل الكفاح"، "كلنا فدا فدا إيديا الشهيدة". الوقفة التي دعا إليها نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي تأتي بعد وقفة أولى شهدتها مدينة تنغير أمس السبت، طالب فيها نشطاء محليون ومتضامنون حلوا بالمنطقة خصيصا لهذا الغرض بمحاسبة المسؤولين عن وفاة الطفلة البالغة من العمر 3 سنوات. وشاركت في المسيرة التي انتهت قبل قليل شخصيات سياسية ومدنية، جدد فيها المشاركون التأكيد على ضرورة توفير حق الصحة لسكان المناطق المهمشة البعيدة عن المركز. وفي هذا الصدد قال عمر بلا فريج، البرلماني عن فدرالية اليسار: "أقدم تعازي الحارة لعائلة الطفلة إيديا التي أثرت وفاتها في كافة المغاربة، وكذلك أوجه رسالة للمسؤولين لمطالبتهم بوضع حد للتهميش الذي يطال المناطق النائية". وأضاف بلافريج، في تصريح لهسبريس، أن قطاعي التعليم والصحة في هذه المناطق يلزمهما تكثيف المجهودات، قبل أن يشدد على "ضرورة النضال من داخل وخارج المؤسسات في أي قضية عادلة من هذا القبيل". وبدا جليا خلال المسيرة الحضور المكثف لتيار يمثل الحركة الأمازيغية، رفع ممثلوه شعارات ولافتات منددة بوفاة الطفلة إيديا؛ كما حضر إلى جانبهم المخرج المغربي كمال هشكار، صاحب وثائقي "تنغير القدس"، والذي صرح لهسبريس بأن ما موقع للطفلة إيديا حادث تراجيدي، يعود بالأساس إلى ضعف التنمية وسوء الحكامة في بعض المناطق، ما يجعلها "صحارى استشفائية"، وفق تعبيره. وشدد هشكار على أن هذه المناطق المهمشة تعاني من مشاكل جمة على مستوى التعليم والصحة والتفاوتات الاجتماعية، مستغلا هذا الشكل الاحتجاجي لتمرير رسالة للمسؤولين عن وزارة الصحة، مفادها: "أوقفوا الحكرة والتهميش في تنغير التي وعدتمونا بتشييد مستشفى بها قبل سنتين من الآن يضمن الخدمات الصحية لساكنة الإقليم". من جانبها، نددت سهيلة الريكي، القيادية في حزب الأصالة والمعاصرة، بهذا الحادث الأليم، مضيفة في تصريح لهسبريس أن هذه الوقفة تأتي لعدم "تكرر مصير الطفلة إيديا في حق الأطفال المغاربة". وشددت الريكي على أن حق توفير العلاج والتطبيب والحد الأدنى من الحياة الكريمة يجب أن يوفر لكل مواطن مغربي، معتبرة أن من "العار أن يموت في هذا العهد أطفال مغاربة بهذا الشكل المؤلم لأسباب تبدو غبية"، وفق تعبيرها. إلى ذلك، اعتبرت المتحدثة نفسها أن هذه الوقفة "التي شاركت فيها مختلف الأطياف السياسية والحقوقية، تأتي للمطالبة بوقف "الحكرة" والتهميش، ولتقاسم هذا المصاب الجلل مع العائلة الصغيرة لإيديا".