تتواصل ردود الفعل والوقفات التضامنية المنددة بواقع الوضع الصحي بجهة درعة تافيلالت، والإهمال الطبي الذي أودى بحياة الطفلة إيديا فخر الدين، الملقبة ب"شهيدة الحكرة والإهمال"، من طرف عدد من الهيئات والجمعيات المدنية والحقوقية النشيطة بالجنوب الشرقي، والتي تتابع عن كثب هذه القضية منذ إعلانها يوم الثلاثاء الماضي. وشهدت ساحة البريد بمركز مدينة تنغير، مساء أمس السبت، تنظيم "وقفة تنديدية" شاركت فيها وفود حاشدة من مختلف أقاليم المغرب، احتجاجا على التهميش والإقصاء اللذين تئن تحت نيرهما الأقاليم الخمسة المكونة لجهة درعة تافيلالت منذ عقود من الزمن، مطالبين بالتدخل العاجل لإصلاح المنظومة الصحية، وتنمية المنطقة بهذه الجهة الفقيرة رغم توفرها على ثروات معدنية مهمة وكبيرة، حسب تعبيرات المحتجين. ورفع المحتجون لافتات رسمت عليها صور الراحلة ايديا فخر الدين، مصحوبة بعبارتي: "ايديا شهيدة الحكرة والإهمال"، و"المخزن هو المسؤول"، إلى جانب لافتات تحمل عبارات أخرى من قبيل "قتلوهوم اعتقلوهوم ولاد الشعب اخلفوهم"، و"أين حقنا في توزيع الثروات؟"، مشددين على ضرورة برمجة مشاريع تنموية مهيكلة بجميع الأقاليم المكونة لدرعة تافيلالت (زاكورة، ورزازات، تنغير، الرشيدية، ميدلت)، وانتشالها من قوقعة النسيان. وبالموازاة مع الوقفة الاحتجاجية السابق ذكرها، اتجهت الجماهير الحاضرة صوب منزل أسرة الضحية إيديا، في مسيرة وصفها المشاركون ب"المسيرة الوطنية التضامنية"، حيث قدموا واجب العزاء لأسرة الفقيدة وعائلتها، وانتقلوا إلى المكان الذي سقطت فيه، حيث وضعوا "الشموع" تأبينا لروح الشهيدة، مؤكدين أن الوضع الكارثي لقطاع الصحي بالمنطقة يختزله حدث انتحار مندوب الصحة بالرشيدية سنة 2014، وسخط نشطاء المنطقة بمواقع التواصل الاجتماعي حول واقع الصحة بتنغير في السنتين الأخيرتين. وعبر والد "الشهيدة إيديا"، فخر الدين ادريس، عن شكره لكل من شارك في هذه القافلة وتحمل عناء السفر من مدن بعيد، وكذا من حضر من أبناء المنطقة، مؤكدا أن القضية ليست قضية عائلة أو شخص، بل هي قضية صراع تاريخي لأبناء المنطقة ضد "الحكرة" والإقصاء والتهميش، بدأ منذ سنوات ولازال مستمرا وسيستمر، مبرزا أن استشهاد إيديا مرحلة من مراحل النضال المستمر. وذكر مولاي أحمد العمراني، رئيس شبكة جمعيات تنغير للتنمية والديمقراطية، أن "استشهاد الطفلة "إيديا" بمثابة "القشة التي أماطت اللثام عن فظاعة واقع الصحة بإقليم تنغير، وجهة درعة تافيلالت بشكل عام"، وفق تعبيره، مشيرا إلى أن "الجميع مطالب بالتعبئة الاستعجالية للترافع بشأن الحق في الولوج المتكافئ إلى الخدمات الأساسية، وخاصة الحق في الصحة بهذه المناطق المعنية بشكل أساسي بجبر الأضرار الجماعية ورفع التهميش ورفع الإقصاء"، مضيفا أن "المسؤولية الكبرى ملقاة على عاتق المسؤولين أصحاب القرار الذين يحكمون فعليا". ويضيف مولاي أحمد العمراني، الناشط المدني، في تصريحه لهسبريس: "هذه القافلة الوطنية التي شاركت فيها فعاليات حقوقية ومدنية وإعلامية من مدن مغربية مختلفة، تأتي في إطار التضامن التلقائي مع ضحايا الإهمال الطبي، وهي مبادرة من بين مبادرات عديدة تفاعلت مع حادث استشهاد "إيديا"، من بينها دعوة إلى وقفة تنديدية بمركز تنغير مساء اليوم الأحد 16 أبريل بدعوة من لجنة الحراك الشعبي أيت أسامر، بالتزامن مع وقفات أخرى بالرباط ومدن أخرى". وأكد الناشط المدني ذاته دعم لجنة الحراك الشعبي جميع المبادرات بهذا الخصوص كيفما كانت، وزاد: "نحن نعتبر أن الحراك الاحتجاجي شيء طبيعي مطلوب وايجابي، فالشعب الذي لا يغضب ولا يعبر عن غضبه شعب ميت.. إذا لم تغضب لأن طفلة صغيرة ماتت لأنها لم تجد سكانير، أو لم تغضب لأن العشرات ماتوا في انقلاب شاحنة بتيشكا يوما، ولم تغضب لأن امرأة ماتت أمام مستشفى لم يسعفها.. إن لم تغضب فلا وجود لك كإنسان". ويردف مولاي أحمد العمراني: "ندعو، على المستوى المحلي، إلى خلق تنسيق إقليمي مشترك يضم جميع الحساسيات المدنية للترافع حول القضايا التنموية بالإقليم؛ فلم يعد هناك مجال للخلاف والصراع الهامشي، إلى جانب خلق تنسيق وطني للدفاع عن ضحايا الإهمال الطبي، على اعتبار أن القضية وطنية بشكل عام". الحسين بوهوش، فاعل جمعوي وسياسي، اعتبر أن "الشكل الاحتجاجي الذي تم تنظيمه صرخة إضافية قصد الالتفاتة إلى هذا الإقليم الفتي بصفة خاصة والجهة بصفة عامة"، مضيفا: "ليس الجانب الصحي لوحده ما يحتاج إلى الالتفاتة، بل هناك قطاعات أخرى، أبرزها المشروع الحلم المتمثل في الطريق الوطنية بين بني ملال وزاكورة عبر تنغير؛ فضلا عن تمتيع الجهة بإعفاءات ضريبية تحفيزية قادرة على جلب استثمارات وخلق فرص شغل للعاطلين". وأضاف المتحدث ذاته، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن الجهة "في أمس الحاجة إلى برمجة مشاريع مهيكلة كبرى، مثل كلية طب ومستشفى جامعي؛ فضلا عن إحداث طريق سيار وسكك حديدية أسوة بباقي المناطق المغربية الأخرى"، مشيرا إلى أنه "بدون برمجة هذه المشاريع ستظل الجهة عنوانا بارزا لتوزيع الأموال على جمعيات باسم التنمية في الواجهة، وباطنها ولاء انتخابي صرف تصرف عليه الملايين من الدراهم، ويساهم في تعطل عجلة التنمية والمشاريع الكبرى التي أرادها المشرع من المجالس الجهوية بتعاون مع الدولة"، وزاد: "وهذه الحلقة هي المفقودة حاليا في جهة درعة تافيلالت". وفي السياق ذاته قررت تنظيمات مدنية وحقوقية بالجهة تنظيم وقفات احتجاجية حول الوضع التنموي بالأقاليم الخمسة، وذلك يومي 16 و30 أبريل الجاري.