"في الوقت الذي كانت تنتظر فيه أن تسلط عليها الأضواء ويفتح لها دور البطولة في فيلم فرنسي أبواب الشهرة والنجومية، وجدت نفسها في عوالم مظلمة؛ لأنها تعيش في مجتمع لا يقدر قيمة الصورة والفن، ولا يقدر حضور المرأة في هذا العالم"، بهذه الجملة لخص المخرج السينمائي عبد الإله الجوهري حياة الفنانة نجاة بن سالم المعروفة ب"رجاء بنت لملاح". وأبرز المخرج المغربي، في لقاء خصصه النادي السينمائي الحقوقي للAMDH، لمناقشة الفيلم الوثائقي "رجاء بنت لملاح" الذي نال أزيد من 16 جائزة وطنية ودولية، أنه يثير "قضية اجتماعية وحقوقية لمواطنة اسمها نجاة بن سالم، وجدت نفسها في مغامرة سينمائية مع مخرج فرنسي، وتضمن مصروف عيشها اليومي من بيع السجائر". وعلى الرغم من سير السينما المغربية في مسار وصفه الناقد المغربي ب"الصحيح"؛ فإنه اعتبر أن الإخراج يجب أن يجيب عن رؤيا فكرية وثقافية، وواقع اجتماعي يرفض الكثيرون الغوص في تفاصيله، وزاد: "الإخراج ليس زوايا تقنية فقط، بل رؤيا فكرية". وتمكنت نجاة بن سالم، بطلة الفيلم الوثائقي "رجاء بنت لملاح"، من خطف الأضواء وأضحت مثالا يقتدى به للفنانة المكافحة، بعد أن تعرف المغاربة على قصتها وكيف تشتغل صباحا في سوق الخضر وتبيع السجائر لإيجاد لقمة العيش، وهي الفنانة العربية الوحيدة التي استطاعت أن تنتزع جوائز عالمية كأحسن ممثلة. بمجرد أن تطفأ أضواء المهرجانات، تعود بن سالم إلى حياتها الطبيعية، إذ تستيقظ في الخامسة صباحا وتذهب إلى سوق الجملة للخضر، وفي الزوال تبيع السجائر. ما تعيشه اليوم نجاة تعتبره "تكرارا لسيناريو عاشته سنة 2003"، بعد فوزها بجائزة أحسن ممثلة بالمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، ومهرجان البندقية السينمائي الذي توجت فيه آنذاك كأول عربية بهذا اللقب عندما اقتنع المخرج الفرنسي جاد دويلون بموهبتها ومنحها الدور الرئيس في فيلم "رجاء"؛ فقد كانت نجاة تمني النفس، حينها، أن يفتح لها تتويجها أبواب السينما على مصراعيها، إلا أنها لم تستطع إيجاد أيّ دور في عمل أمام الكاميرات، بالرغم من كل محاولاتها المتكررة. ومن أجل كسب لقمة العيش والحصول على المصروف الكافي لتسديد متطلبات الحياة، اشتغلت نجاة خادمة في البيوت ونادلة في مقهى ثم بائعة للسجائر، إلى أن التقت بالمخرج المغربي عبد الإله الجواهري الذي قرر إخراج فيلم وثائقي يحكي قصتها تحت عنوان "رجاء بنت لملاح" الذي جرى تصويره بين سنتي 2006 و2014.