قال امبارك بودرقة، عضو سابق في هيئة الإنصاف والمصالحة، مؤلف كتاب "كذلك كان" رفقة المحامي والحقوقي أحمد شوقي بنيوب، إن وثائق الأرشيف المغربي "كانت تستعمل لشحن مدافع رمضان، وكذا كحطب لنيران الأفران". وأضاف بودرقة، متحدثا في حفل توقيع كتاب "كذلك كان" ببيت الصحافة بطنجة، مساء الاثنين، أن الأرشيف المغربي ظل مهملا منذ سنة 1944 إلى غاية عهد حكومة التناوب، التي اقترح خلال فترة ولايتها كل من عبد الرحمن اليوسفي ومحمد الأشعري على الملك الراحل الحسن الثاني أن تتم العناية بالأرشيف وتصنيفه مجددا. وواصل المتحدث: "من حسنات هيئة الإنصاف والمصالحة أنها هي التي أوصت بتنظيم هذا الأرشيف؛ إذ أصبحت للمغرب مؤسسة خاصة به بعد أن كنا نجد كل أوراقه مبعثرة". واستعرض بودرقة أهم ما طبع الكتاب المذكور من تركيزٍ على دقة المعلومات، واستعدادٍ لتصحيح أي معلومة خاطئة جاءت فيه في حالة رصدها، مع حرصٍ شديد على عدم تجريح أحد، بمن في ذلك "الخصوم". كما عرّج المتحدث على السياق التاريخي الذي أدى إلى إنشاء الهيئة، بدءا من إنشاء "تجمع المنفيين المغاربة"، وإلى غاية صدور العفو من طرف الملك الراحل الحسن الثاني في 9 يوليوز سنة 1994. وفي شهادته في حق مؤلف الكتاب، حكى الحقوقي والنقيب مصطفى الريسوني عن حيثيات تعرفه عليه، مؤكدا أن عنوان الكتاب هو اسم على مسمى، مشيرا إلى أن "الوقائع التي يتحدث عنها المؤلفان هي في الواقع تلك التي كانت بحذافيرها"، مفصلا في طريقة تعرض الكتاب لكيفية خوض تجربة العدالة الانتقالية دون حاجة إلى تغيير النظام. وأضاف الريسوني، الذي كان ضيفا على حفل التوقيع، أن بودرقة كان رئيس لجنة للبحث والتحري في الهيئة، "وهي أصعب مهمة في العدالة الانتقالية؛ لأنه يطلع على أسرار جثث ورفاة ومسائل أخرى خطيرة" يضيف المتحدث. من جهته، استحضر الدكتور محمد النشناش، عضو لجنة جبر الضرر بالهيئة والطبيب الوحيد بها، ما اعتبرها "الشخصية الأهم في الكتاب"، وهي الأم، موردا أنها هي التي منحت المؤلّفيْن الوطنية وروح النضال، وأنها رفقة الزوجات "كنّ أكثر تضررا من الضحايا"، وأن "الآثار النفسية والاجتماعية والاقتصادية على من اختطف زوجها أو اعتقل أو عذب أو قتل، كانت قاسية جدا". وزاد: "لهذا كان من المقرر عندنا أن توصي الهيئة بإنشاء مركز للدعم النفسي والصحي، وإلى حد الآن لم تنفذ هذه التوصية". يذكر أن كتاب "كذلك كان" يروي، بلسان مؤلِّفيْه، "الحكايات الخفية لمسار العدالة الانتقالية بالمغرب، وما لم يُقَلْ عن التجربة الرائدة لهيئة الإنصاف والمصالحة"، وقد عرف حفل التوقيع غياب أحمد شوقي بنيوب بسبب طارئ صحي.