واقع مؤسف ذلك الذي نقلته صحيفة "20 دقيقة" الفرنسية بخصوص أطفال ومراهقين مغاربة ضائعين ومشردين بشوارع باريس، يتخذون من أحيائها الباردة محل سكن لهم، لا يجدون سوى شرب الكحول لتجاوز موجات البرد القوية هناك؛ فيما يتخذون من السرقة وظيفة لهم للحصول على بعض الأوروهات لسد رمقهم. وتقول الصحيفة ذاتها، ضمن ربورتاج نشرته تحت عنوان "المراهقون الضائعون بباريس": "زوال كل يوم، وحين الاقتراب من منطقة ألان باشونغ بباريس، قد تجد خمسة مراهقين أو أكثر بقبعاتهم المعكوسة على الرأس يتحدثون وهم لا يعيرون انتباها للأطفال البعيدين قليلا عنهم.. حتى الآن يبدو المشهد عاديا، قبل أن تقع العين على زجاجة مياه يمررونها بينهم، لكن ما بداخلها ليس ماء، بل "ويسكي""، مؤكدة أن "المشهد بات يتكرر مرارا وسط باريس". وتفيد الصحيفة المشار إليها بأنه منذ شهر أكتوبر قدم ما بين 25 إلى 30 مغربيا أغلبهم من مدينة فاس، جميعهم قاصرون وأصغرهم يبلغ من العمر تسع سنوات، إلى منطقة ألان باشونغ بباريس. وفي هذا الإطار يقول أحد سكان الحي: "في البداية كانوا ستة أو خمسة، ثم بدأت الدائرة تنموا شيئا فشيئا". ويؤكد المصدر ذاته أن معظم المعنيين لا يتحدثون الفرنسية، مثلما قال يونس، البالغ من العمر 11 سنة، الذي قدم إلى باريس قبل خمسة أشهر، فيما يقول أنس، وهو من الدارالبيضاء، ومن القلائل الذين يتحدثون الفرنسية ضمن المجموعة: "أريد العودة إلى بلدي، ففرنسا صعبة جدا..أريد رؤية عائلتي"، وعن شرب الكحول يقول: "الجو بارد جدا هنا ونريد الحفاظ على دفئنا". أحد أفراد المجموعة وأصغرهم سنا يؤكد أنه فر من منزله بعد وفاة والدته، وتمكن من الوصول إلى أوروبا بعدما اختبأ في شاحنة لنقل البضائع؛ فيما الشيء الوحيد المؤكد أنهم جميعا وصلوا إلى فرنسا عبر إسبانيا، ومنهم من ظل بها لأسابيع وآخرين لأشهر. وفي هذا الإطار يقول أوليفيي بييرو، عالم اجتماع وأحد أعضاء جمعية "مسارات" الفرنسية: "على ما يبدو فهؤلاء الأطفال ليسوا أيتام..على الأقل يتوفرون على أحد آبائهم، لكن غير معروف على وجه التحديد إن هربوا من تلقاء أنفسهم أو أن آباءهم دفعوا بهم إلى الهرب"، مضيفا: "بعضهم كانوا يدرسون، فيما البعض الآخر أميون ولا يجيدون القراءة ولا الكتابة". سكان الحي المذكور باتوا يشتكون من هؤلاء المراهقين المغاربة، خاصة بعد انتشار عدم شعورهم بالأمان بعد تكرار سرقتهم من طرفهم أو حتى سبهم أحيانا دون أي سبب؛ ناهيك عن حالة الفوضى التي يسببونها بسبب وضعهم للموسيقى بصوت مرتفع أو بسبب شجارهم أحيانا كثيرة، حسب المصدر ذاته. ونشرت "لوباريزيان" شريطا يظهر بعض اللقطات لهؤلاء المراهقين وهم يتجولون في الشارع، واصفة إياهم ب"المدمنين على الكحول والمخدرات والقذرين". ورسمت "بي إف إم تي في"، ضمن ربورتاج مصور لها مسار هؤلاء الأطفال، قائلة إنهم جميعا أتوا من فاس إلى الدارالبيضاء، لينتقلوا بعدها إلى مليلية ثم مالاقا، قاطعين البحر الأبيض المتوسط ضمن شاحنات نقل البضائع، لينتقلوا بعدها إلى برشلونة ثم باريس. ويقول أحد هؤلاء المراهقين: "نسافر في أوروبا عبر القطار ولا نؤدي ثمن التذاكر، لا نهتم بالمراقبة، فنحن لا نتوفر على أوراق رسمية".