School curriculum on the horizon of the reform of the educational system Les programmes scolaires à l'horizon du projet de de la réforme du système éducatif Los programas escolares en el horizonte de la reforma del proyecto del sistema de educación مما لاشك فيه أن قضية المناهج والمقررات المدرسية هي في صلب اهتمامات كل الجهات المعنية بقطاع التربية والتعليم بما في ذلك الوزارات المعنية بهذا القطاع وكذلك المجلس الاستشاري الأعلى للتربية والتعليم، وذلك نظراً لأهمية المناهج ودورها في العملية التربوية والتعليمية. ومما لاشك فيه أيضاً أن هناك دائماً تنسيق فيما بين تلك الجهات للخروج بمناهج موحدة معتمدة تفي بالغرض وتضمن مخرجات مدرسية عالية الجودة. وفي هذا الإطار ممكن أن نتساءل: هل نحن في حاجة اليوم إلى تشكيل هيئة وطنية للمناهج المدرسية، تُبعد تأثير بعض الاتجاهات السائدة على بناء المناهج، وتركز على المشتركات الثقافية والوطنية والاجتماعية، وتشرف بأجهزتها الفنية على بناء مناهج وطنية علمية حداثية مستقبلية تعكس كل مكونات المجتمع الثقافية بكل أطيافها وتساعد على اغتناء المخزون اللغوي لدى أبناء مجتمعنا وتغرس في نفوسهم مكارم الأخلاق والتسامح والتآخي والتشبث بعقيدتهم وهويتهم؟ هل نحن بحاجة ملحة لمناهج تعكس أيضاً فلسفة حقوق الإنسان وطريقة صون حقوقه وكرامته، وتعكس أيضاً معاني الحب والعاطفة والحنان والجمال والإبداع والخيال والنقد الفكري والموسيقى والفن والفلكلور الشعبي التراثي والحفاظ على العقيدة والممتلكات العامة والوقاية من حوادث السير والحفاظ على البيئة؟ لاشك أن ذلك هو طموح كل أم وكل أب وكل تلميذ، بل وكل غيور على هذا الوطن. وقبل الخوض في هذا الموضوع لابد من أن نعرج على تعريف مفهم "المناهج" لكي تكون الصورة أوضح. فما المقصود بمصطلح "المناهج" إذاً؟ لمحة عن مفهوم المناهج: يمكن اعتبار مفهوم المناهج على أنه قديم قدم العملية التربوية والتعليمية في حد ذاتها، إذ عُرف منذ القدم بأن المناهج هي تلك القائمة التي تحدد الكمية المعرفية التي يجب أن يسلكها الفرد تدريجياً لكي يصل إلى درجة عليا من التحصيل الفكري والمعرفي. كما أن فلاسفة اليونان قسموا مراحل التحصيل إلى مراحل ووضعوا تفصيلاً لمحتويات كل مرحلة لا تعتمد على آلية الكتابة فقط، بل ترتكز على فن الإلقاء الشفهي أيضاً. ويرى بعض الباحثين إلى أن مفهوم المناهج المدرسية والاهتمام بها يعود إلى أيام الإغريق حيث لفت الفيلسوف اليوناني «أفلاطون» في حوالي القرن الرابع قبل الميلاد الأنظار إلى أهمية وجود «منهج» يمكن استخدامه كمسلك أو طريقة لإعداد أفراد مجتمعه «الطبقي» «المثالي»، كذلك أولى «كومينيوس» في القرن السابع عشر الميلادي و«فرويبل» في القرن التاسع عشر المنهجَ ومشاكله قدرًا طيبًا من الدرس والمناقشة. كما أن علماء المسلمين هم أيضاً اهتموا بقضية المناهج وحددوا نوعية الكتب والمسالك التي يجب أن يتدرج فيها الطالب ليبلغ أعلى مراحل التحصيل. وقد اعتمد المسلمون أيضاَ على فن الخطابة والإلقاء وأعطوا للطالب حرية التنقل لطلب العلم فكان الناس يشدون الرحال إلى أمصار بعيدة طلباً للعلم أو أن يتتلمذوا على يد عالم أو مفكر أو شيخ معروف. وفي القرن العشرين بدأت تتضح ملامح ظهور المنهج كعلم مستقل له علماؤه. وبما أن مفهوم المناهج أصبح لصيقاً بالعملية التربوية والتعليمية وبطريقة لها تأثير مباشر على مردودية الطالب ومخرجات المدرسة أيضاً، أصبحت عملية بلورة واعتماد المناهج علم وتخصص في حد ذاته يدرّس في الجامعات والمعاهد وشرعت الكثير من كبريات مؤسسات التعليم العالي في العالم في افتتاح كليات خاصة بالمنهج (Curriculum Development & Instruction). هذا وقد برز العديد من العلماء والباحثين والمفكرين في هذا المجال، وفي حقيقة الأمر أن ذلك الاهتمام المتزايد والمضطرد والتطور المستمر السريع الذي شهده مجال «المناهج» في الحقل التربوي والتعليمي قد ولّد تباينا (بل وتعارضاً أحياناً) في وجهات النظر تجاه فلسفة المناهج والتعريف العلمي الدقيق لمفهوم وماهية «المناهج» والغرض منها شكلاً ومضموناً. كما يمكن أن نلخص بعض تلك الاتجاهات والإشارة إلى ما ورد عن روادها في النقاط التالية علماً أن المجال لا يسمح لذكر جميع أولئك المفكرين وآرائهم لأن اللائحة قد تطول: - جون ديوي (John Dewy): يرى بأن المنهج والتعليم الأمثل عنده هو الذي يغرس مهارات ولا يكدس معلومات، وهو الذي يلامس متطلبات الواقع، ولا ينغمس في تقديس الماضي. - مونتيسوري (Montessori): ترى أن المناهج كجزء أساسي من العملية التربوية يجب أن تهتم بتنمية شخصية الطفل ، منهج يؤكد على ضرورة أن تعتني بالطفل بصورة تكاملية في النواحي النفسية والعقلية والروحية والجسدية الحركية، لمساعدته على تطوير قدراته الإبداعية والقدرة على حل المشكلات وتنمية التفكير النقدي وقدرات إدارة الوقت وغير ذلك من الأمور. - مكدونالد (McDonald): يرى أن المناهج عبارة عن مهام وإجراءات مسبقة الإعداد. - كفوشي (Kafushi) : ترى بأن المناهج في حقيقة الأمر ما هي إلا وثيقة عمل تقنن للعملية التربوية والتعليمية. - ألكساندر وسميث وستينلي (Alexander; Smith & Stanley): يرى هؤلاء أن المنهج هو مجموعة خبرات وتجارب مسبقة التخطيط والتحضير. ومن هنا ظهرت أهمية تجريد وإفراغ المنهج الحديث من تلك النظرة القديمة التي كانت تحصره في المقرر المدرسي (الكتاب) إلى آفاق أوسع وأكثر شمولية لتشمل التلميذ أو الطالب وأولياء الأمور والإدارة والمبنى المدرسي والوسائل التعليمية والمختبرات، وتطمح الآن في ضم الفاعلين من المجتمع المدني والسلطات المحلية والوقاية المدنية ورجال الأمن كمساهمين في العملية التربوية والتعليمية بطريقة تضمن سلامة المتعلم فكرياً وجسدياً... أي أن المنهج الحديث يشمل كل ما يتعلق بالعمل التعليمي والتربوي بما في ذلك مرافق المؤسسة التعليمية ومحيطها الخارجي. المنهج الحديث إذاً هو جميع الخبرات التربوية المتاحة التي تقدمها المدرسة إلى التلاميذ داخل الفصل أو خارجه وفق أهداف محددة من طرف الجهة المعنية بالتربية والتعليم وفي إطار التوجهات الكبرى المرسومة للبلد، وتكون تلك المناهج والمقررات تحت الإشراف والقيادة السليمة التي تهتم وتؤمن بالتدريب الموازي أو المصاحب وتحترم أبعاد الجودة الشاملة وتطبيقاتها لتساعد على تحقيق النمو الشامل من جميع النواحي بما فيها الجسمية والعقلية والاجتماعية والنفسية للطالب، وترضي طموحات آباء وأولياء أمور التلاميذ. ومهما اختلفت التعريفات حول مفهوم المناهج، الا أنها وان اختلفت في مضمونها وفي مشاربها إلا انها تتضمن في مجموعها اتجاهاتها الأهداف والمحتوى والطرق والوسائل ثم التقويم، والاعتماد على التغذية المرتدة من أجل تصحيح المسار التربوي والتعليمي في الوقت اللازم.ومن الملاحظ أيضاً أن علماء النفس وعلماء التربية كلهم يجمعون على أن كمية المعرفة التي يتلقاها الصبي منذ الصغر يجب أن تتماشى مع قدراته الإدراكية وبشكل تدريجي وتراعي مشاعره وأحاسيسه في تلك الفترة المبكرة وان تتماشى أيضاً مع فطرته وسنِّه ورغباته وميوله ومحيطه الاجتماعي والبيئي والمدرسي والأسري. واقع المناهج التقليدية: مع مرور الزمن وتسارع الأحداث وكذلك الزخم المعلوماتي الكبير الذي أصبحت تحدثه التكنولوجيا، وأيضاً الثورة الاقتصادية المتنامية ومتطلبات الشغل في هذا العصر الحديث، أصبح من الضروري تحديث وتحيين المناهج لضمان جودة العملية التربوية والتعليمية ومخرجات التعليم بصفة عامة. كما أصبح من الضروري الخروج بالمناهج عن مسارها ونهجها التقليدي الذي كان يرى أن المناهج عبارة عن مجموعة المواد الدراسية التي يدرسها الطلاب أو التلاميذ لأجل النجاح في نهاية السنة الدراسية وترتكز على أهداف معرفية يضعها المربون ويحققها الطلاب والتلاميذ. كما أن ذلك النهج التقليدي في التربية والتعليم فيما يخص المناهج جعل التركيز على المجال المعرفي دون الاهتمام بالمجال الانفعالي والمجال النفس حركي (Psychological Field). وفيما يخص دور المعرفة في منظور النسق التقليدي للمناهج، فإن دور المعرفة كان محدداً بالدرجة الأولى لنقل التراث من جيل إلى آخر، بغض النظر عن الطريقة التي ينقل بها ذلك التراث .كما أن محتوى المناهج كان ينظر إليه بشكله الشمولي إذ يجب أن تحتوي المناهج على مقررات دراسية يتم تطبيقها بشكل تدريجي وبصورة تمكن الطلاب أو التلاميذ من حفظها. ويرى الباحثون في هذا الميدان على أن عملية التلقين أو طرق التدريس كانت تعتمد بشكل رئيسي على أسلوب المحاضرة الشفهية التي تخضع لاستعمال زمن محدد وفي وقت محدد، ويكون فيها المدرس أو المعلم هو المحور وليس التلميذ أو الطالب (Teacher Centered Method)، علماً أن هنالك أحياناً غياب شبه تام للأدوات الالكترونية أو عرض للمعلومات عن طريق الحاسوب (PowerPoint Presentations) أو غير ذلك. وتجدر الإشارة إلى أن المناهج التقليدية تتيح للمعلم، بصفته العنصر المحوري، أن يحدد المعرفة التي تعطى للمتلقي وبالطريقة التي يراها هو، وبما أن هناك غياب لأبعاد الجودة الشاملة وتطبيقاتها، مما يتيح الفرصة لوجود فوارق شاسعة بين المعلمين أو المدرسين فيما يخص الجودة والأداء. وفيما يخص المتلقي أي التلميذ أو الطالب، نجد بأن الأسلوب التقليدي للمناهج قد أغفل جوانب كثيرة تخص التلميذ أو الطالب وبشكل مباشر، نلخص بعضاً منها على سبيل المثال لا الحصر ومنها: - اعتبار المعلم هو المحور الأساسي في العملية التعليمية وليس التلميذ أو الطالب. - دور المتعلم يبقى سلبي إذ لا مجال لمشاركته، بل عليه حفظ ما يلقى عليه من المعرفة. - ليس للتلميذ أو طالب دخل في عمليه إعداد أو التخطيط للمناهج. - لا تراعى المناهج التقليدية الفروق الفردية، بل يتم تعميم المواد الدراسية وتطبق على الجميع . - وجود ضبابية فيما يخص عملية التقييم للتأكد من أن الطلاب أو التلاميذ يحفظون المواد الدراسية التي يتلقونها. - عدم تشجيع النقد الفكري (Critical Thinking) وإتاحة الفرصة للطالب أو التلميذ للنقاش المفتوح والمجادلة. - غياب مفهوم الحريات العامة وحقوق الطفل والانسان بصفة عامة. - عدم إتاحة الفرصة للطالب أو التلميذ كي يكون جزءاً في العملية التربوية والتعليمية وأن يساهم في الحفاظ على تراث بلده الفلكلوري المتنوع ومخزونه اللغوي مما يعزز مفهوم الهوية والتشبث بحب الوطن. - ليس هنالك مجال لمناقشة أو تعديل محتوى المناهج إذ ما تحتوي عليه المناهج يعتبر من المسلمات والمفردات أيضاً مطابقة للمنهج وثابتة لا يجوز تعديلها وبترها. - لا تعير المناهج التقليدية أي اهتمام لعلاقة المدرسة بالبيئة والأسرة كركيزتين مهمتين لضمان الجودة في مخرجات التعليم. - لا تهتم المناهج التقليدية بالعلاقة بين آباء وأولياء أمور التلاميذ وبين التلميذ نفسه لتبقى المشاكل النفسية والأسرية خارج التغطية. - لا وجود لدور السلطات المحلية والأمن والسلامة والوقاية المدنية والمجتمع المدني في المساهمة في العملية التربوية والتعليمية من خلال البرامج التحسيسية أو التوعوية. - يبقى التخطيط للمناهج حسب المنظور التقليدي علبة سوداء يعده المتخصصون بالمواد الدراسية في غرفة عمليات لا يحوز لأحد أن يدخلها أو حتى أن يطرُق بابها. كيف ينظر إلى المناهج في عصرنا الحديث؟: كانت القاعدة في منظور المنهج التقليدي وفلسفة العملية التعليمية هي أن المعلم هو أساس العملية التربوية بحيث يبقى الطالب وعاء يتلقى المعرفة حسب ما يراه المعلم فقط ولا يسمح له بالتدخل، حتى جاء عهد المفكر التربوي الأمريكي جون ديوي (John Dewy) ليقلب الموازين وينقل الفكر التربوي إلى شمس التربية أي إلى المتعلم واحتياجاته. وحسب ما ورد في إحدى الدراسات فإن كتابات ديوي في هذا الاتجاه جاءت بمثابة دعوة قوية حطمت سيادة الأسلوب التقليدي الذي ساد التاريخ الإنساني لفترات طويلة وفي مقابل ذلك جاء المذهب البراغماتي (Pragmatic Approach) ليؤكد على دور كل من الأسرة والمدرسة والمجتمع في تنمية المتعلم ليعيش حراً مفكراً منتجاً. وتجدر الإشارة إلى أن مفهوم التربية عند ديوي هي "الحياة في حاضرها أولاً ثم تهتم بالمستقبل" كما أن الملفت للنظر هنا أن ديوي، وبعكس الكثير من المفكرين الأوروبيين، يؤكد في العديد من محاضراته على فضل الحضارة المحمدية (أي الحضارة الإسلامية) في مجال العلوم والتربية والتعليم وغيرها وأثرها في الحضارة النصرانية إذ كانت الحضارة الإسلامية متقدمة بشكل كبير. يمكن القول بأن الإنسان بصفة عامة قد تغيرت نظرته للحياة بصفة عامة وبشكل تدريجي، بل يمكن الجزم بأن فلسفة الحياة لديه قد تغيرت فأصبح الإنسان حبيس المادة ومكبل بخيوط التكنولوجيا التي أصبحت تتحكم في عمله وتوجهاته وأهدافه وطموحه، بل وحتى علاقاته ورغباته. ولتحقيق ذلك المبتغى المادي، وفي إطار التنافسية الشرسة في عالم تصول وتجول وتتحكم فيه الرأسمالية كيف تشاء وحيثما تشاء، أصبح من اللازم والضروري مسايرة العصر والتسلح بالمعارف والمهارات اللازمة للدخول في دواليب التنافس الذي تفرضه سوق الشغل. وبما أن الوضع كذلك، أصبح قطاع التربية والتعليم مجبراً على أن يراجع حساباته ويعيد النظر في المقررات والمناهج لضمان تماشي مخرجات المؤسسات التعليمية ومراكز التكوين المهني مع متطلبات سوق الشغل. لكن أصبح أيضاً من الضروري مراعاة جميع المعايير والمقاييس والتوجهات ونظريات علوم التربية والتعليم الحديثة وكيف تنظر إلى الطفل أو التلميذ ودوره في الملية التعليمية وأخذ كل ذلك في عين الاعتبار عند التخطيط للمناهج أو إعدادها. فما هي أبعاد المناهج الحديثة، وما هي أهم الخطوط العريضة التي يجب أن تنسج على ضوئها كي تفي بالغرض المنشود؟ هنالك العديد من النقاط التي يجب على المسئولين على هذا المجال أن ينتبهوا اليها ونذكر منها على سبيل المثال لا الحصر: - تقتضي عملية التخطيط للمناهج وإعدادها مقاربة تشاركية ينخرط فيها الخبراء والفاعلين وحتى آباء وأولياء أمور التلاميذ، وتأخذ آراء التلاميذ بجدية في تلك العملية. - تعكس المناهج الحديثة بيئة المتعلم وهويته وتفتخر بتاريخ علماء وأبطال بلده، كما تعكس أيضاً تراث أجداده وعقيدتهم وعاداتهم وتقاليدهم. - تضع المناهج الحديثة الطالب أو التلميذ في صلب العملية التربوية والتعليمية ويكون دوره مبني على مقاربة محورية (Student Centered Approach). -المناهج الحديثة لا تدعو إلى النفور، بل هي مبنية بشكل مشوق يزخر بالفنون والإبداع وتسمح للتلميذ أن يتجاوب معها (Interactive). - تشتق أهداف العملية التربوية والتعليمية من خصائص المتعلم وميوله وتصاغ على شكل أهداف سلوكية يتم الاهتمام بكل جزئياتها، وتتيح للمعلم إمكانية التنقيب عن مكامن الإبداع أو المعوقات لدى كل طالب أو تلميذ. - تهتم مجالات قطاع التربية والتعليم من خلال مناهجها بالنمو المتكامل معرفياً وانفعالياً ونفس حركياً (Psychological Field) للمتعلم. - تعتبر المناهج الحديثة المعرفة وسيلة تساعد المتعلم على التكيف مع البيئة الطبيعية والاجتماعية، وتنظر إليه على أنه عنصر لابد أن يكون فعالا وايجابيا كي يمكنه التعايش مع الآخرين. - تركز المناهج الحديث بالأساس على الخبرات التعليمية التي يجب أن يتعلمها الطلاب أو التلاميذ ليبلغوا الأهداف - تتيح المناهج الحديثة للمعلم إمكانية استخدام طرق تدريس متنوعة تكون الغاية منها إشراك الطالب أو التلميذ، وتلعب تلك الطرق المتنوعة في التدريس بطريقة مثالية في حل مشكلات المتعلم ومساعدته إلى الوصل إلى المعرفة. - تركز المناهج الحديثة على ضرورة وجود أرضية وبيئة ومرافق ملائمة للقيام بالعملية التعليمية على أحسن وجه، كما تعتمد على المعدات السمعية البصرية (Audio Visual) وكذلك الوسائل التعليمية (Teaching Aids). - تركز على ضرورة تنوع مصادر المعرفة ومنها الأفلام والكتب ووسائل الأعلام الأخرى. أما طبيعة المناهج الحديثة فهي تمتاز بالمرونة إذ يمكن تعديلها، كما أنها تهتم بطريقة تفكير التلاميذ والمهارات وتطورها وتجعل المقررات تتلاءم مع رغبات وقدرات المتعلم. وتركزالمناهج الحديثة أيضا على مفهوم "حقوق الطفل" و"حقوق الإنسان" ومبدأ التسامح والتعايش واحترام الأديان والمعتقدات. - تراعي المناهج الحديثة الفروق الفردية (Individual Differences)، كما تهتم بتهيئة الظروف المناسبة لتعلم التلميذ حسب قدراته الشخصية، مع إمكانية تقويم أي اعوجاج أو تقهقر في الأداء (Providing Remedial Work). - تعتمد المناهج الحديثة على آليات مختلفة ومتنوعة للتقويم نظرا لأهمية الدور الذي يقوم به من أجل التأكد من تحقيق الأهداف التعليمية في كافة المجالات. تركز المناهج الحديثة أيضاً على علاقة الطفل بالمدرسة ومحبته لها والإحساس بالفخر بالانتماء إليها وذلك بمشاركة الطالب أو التلميذ في عملية تنظيفها وتزيينها والاهتمام بأغراسها ونباتاتها والمحافظة على ممتلكاتها. - ترى المناهج الحديثة على أن المعلم يجب أن يحظى بدور مراقب (Monitor) أكثر من أن يكون محاضراً لكي يتيح له هذا الدور إعطاء فرصة المشاركة للطلاب أو للتلاميذ واكتشاف مهاراتهم المعرفية. أما المتعلم فهو صاحب الدور المحوري في المناهج الحديثة والواجب إتاحة الفرصة له كي يكون مشاركاً في كل أطوار الدرس والقيام بكافة متطلبات المدرسة من اختبارات تحريرية وشفهية وواجبات تعليمية. خلاصة: يبقى الفرق الشاسع بين مفهوم المناهج التقليدية والمناهج الحديثة شاسعاً ولكل منهما خاصية ومزايا وهفوات، غير أن الواقع الحالي يستدعي إعادة النظر في طريقة التخطيط وإعداد المناهج. ومما لا شك فيه أيضاً أن موضع المناهج قد أصبح مؤرقاً بالنسبة للجميع وأصبحت المناداة بضرورة إصلاحه وفق معايير دولية حديثة تضمن مسايرة المناهج لمتطلبات سوق الشغل وتضمن تأهيل الشباب وتزويدهم بالمهارات والكفايات اللازمة (Necessary Skills & Competencies). كما يجب مراعاة أبعاد الجودة الشاملة خلال مراحل إعداد المناهج وخلال مراحل تطبيقها من أجل تحقيق الأهداف والرفع من جودة مخرجات المؤسسات التربوية والتعليمية كماً وكيفاً، على أن تسند مهمة التخطيط وإعداد المناهج للخبراء في ميدان المناهج وطرق التدريس وأن تكون للفاعلين في قطاع التربية والتعليم دوراً في المشورة واحترام آراء التلاميذ وكذلك المعلم لأنهم هم المعنيون بتلك المناهج والمقررات وان تم تغييبهم عن هذا المشروع الحيوي، تبقى المناهج مبتورة لا فائدة منها. وبما أن التربية على حقوق الإنسان تندرج ضمن استراتيجيات التطور والتغيير الاجتماعي التي يطمح إليها الكثير من المواطنين، فلابد من أن تكون في صلب المناهج التي يجب أن تعكس دينامية الإصلاح والتأهيل، للنهوض بمشروع إصلاح منظومة التربية والتعليم بغية تحقيق نهضة مجتمعية تنموية وديمقراطية حداثية فعلية. وبما أن فلسفة التربية لدينا أركانها إسلامية، لذا من الطبيعي أن يكون الدين عنصرا أساسيا بالمناهج، ولذلك يجب اختيار القيم النبيلة من الدين الإسلامي والتركيز عليها، وتوظيفها بشكل صحيح. كما يجب أن تركز المناهج أيضاً على غرس قيم الولاء والانتماء للوطن وتحصين أبنائنا ضد قيم الغلو والتطرف والعنف اللفظي والجسدي، منهاج قوي من ناحية المعلومات والمهارات والكفايات، ويحمل بين طياته ذلك الموروث الثقافي واللغوي الغني لهذا البلد، ويوعي تلاميذنا ويثقفهم ويوسع مداركهم لصنع فرد مغربي قوي متمكن واع لا يسهل جره للأفكار والصنائع البغيضة والعدوانية المرفوضة لدى المغاربة قاطبة، والتي لا تمت لثقافتنا ومجتمعنا بشيء. وختاماً يمكن القول أن مشروع إصلاح المناهج رهين بمشروع منظومة التربية والتعليم وجزء لا يتجزأ منه يستدعي تضافر الجهود وإخلاص النية والتركيز على أبعاد الجودة الشاملة وتطبيقها عبر كافة مراحل هذا المشروع الحيوي الذي نتمنى أن يعيد للمدرسة العمومية المغربية مجدها وللمعلم مكانته. "أكيعاون ربي" والله ولي التوفيق [email protected]