عاد لورانس ويذهيد، أستاذ العلوم السياسية بجامعة أوكسفورد، لينبش في أحداث "الربيع العربي" ويؤكد أنها خلفت وراءها أحداثا "تراجيدية ومأساوية"، قائلا إن "كل ربيع لا بد أن يسبقه الشتاء"، ومشيدا ب"السيناريوهات الإيجابية تلك التي حدثت بالمغرب وتونس وحتى الأردن". لورانس، الذي كان حاضرا خلال فعاليات الندوة الدولية "مسار التغيير في أواخر 2011 بمنطقة الشرق أوسط وشمال إفريقيا: التحديات والآفاق"، المنظمة بشراكة بين كل من مركز تكامل للدراسات والأبحاث ومؤسسة "هانس سايدل"، تساءل عن سبب تسمية "الانتفاضات العربية" التي شهدتها بلدان المنطقة ب"الربيع العربي"، وزاد معلقا: "الربيع لا بد أن يسبقه الشتاء". وقال لورانس إن التسمية التي تعد "تعبيرا مجازيا" يمكن من خلالها فهم سبب "فرح الناس بالوهم"، مفيدا بأنه حين انطلاق الحراك بتونس كان المنطق الجماعي السائد يقول: "نريد أن نحقق تغييرات قوية وأن نغير النظام"، ومؤكدا أن الأمر بمثابة "عمل كبير رغم أنه مرتبط بإشكالات سيكولوجية". وتابع المختص في القضايا السياسية: "في رأيي؛ الدرس الذي يجب تعلمه من أحداث 2011 هو أنه لم تكن هناك أي فكرة جيدة من أجل السيطرة على البلاد"، معددا "أخطاء المرحلة التي خلفت أحداثا تراجيدية ومأساوية من قبيل ما يقع في سوريا وليبيا"، قبل أن يعلق بالقول: "حتى إن كانت هناك سيناريوهات إيجابية، مثل ما هو الحال في المغرب، أو الأردنوتونس، لكن أكيد لا بد للتغيرات السياسية أن تكون جذرية". وأكد الخبير ذاته في هذا الإطار أنه لا يمكن أن يتم الانتقال السياسي بسرعة عن طريق اعتماد دستور جديد وإصلاحات سياسية، "بل الأمر يحتاج وقتا طويلا"، وفق تعبيره. كما نبه لورانس إلى أن المرحلة باتت تطرح اليوم "توقعات جديدة ومتطلبات حديثة وإمكانات أخرى، وهي أمور يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار"، بحسبه. وشدد الخبير السياسي ذاته على كون التغيرات السياسية ليست بالضرورة متشابهة في جل البلدان، مفيدا بأن التجربة المغربية تختلف عن نظريتيها التونسية أو الأردنية وغيرهما، كما تختلف الأوضاع بمنطقة الشرق الأوسط عنها في الولاياتالمتحدة أو الاتحاد الأوروبي. وعلى الرغم من عدم تشابه السيناريوهات، حسب لورانس، إلا أن "وقوع تحول ديمقراطي في أي بلد عربي سينعكس على باقي البلدان"، مضيفا: "إذا ما تونس أو الأردن أو المغرب استطاعت أن تحقق نتائج إيجابية وتقر دستورا ديمقراطيا جيدا، يمكن أن يؤدي ذلك إلى تغيير النظام الانتخابي في باقي البلدان". وذكر لورانس أن أبعاد التحولات السياسية ثلاثة؛ الأول يتمثل في تحول بمساعدة قوى خارجية، مثل ما حدث في العراق، فيما الثاني يرتبط بتعزيز التحول السياسي دون تدخل عسكري، مثل النموذج الأوروبي؛ أما التحول الثالث فهو ذلك الذي لا تقوم به الحكومات أو الدولة، وإنما يأتي عن طريق وسائل التواصل الاجتماعي أو المنظمات غير الحكومية أو غيرها.