أجمع خبراء مغاربة وعرب خلال مشاركتهم في أشغال الجامعة الصيفية لمنبر الحرية المنظمة بشراكة مع مؤسسة هانس سايدل الألمانية، على أن زواج المال والسلطة أكبر تحد تواجهه المنطقة العربية. وشدد الباحثون المشاركون في الجامعة الصيفية، التي اختتمت أشغالها الاثنين المنصرم بالمغرب، على ضرورة إحداث قطيعة مع هذا النموذج الذي يعتبر أكبر معيق للتنمية. وقال أحمد مفيد أستاذ العلوم السياسية بجامعة محمد بن عبد الله بفاس في مداخلة بعنوان "المتطلبات الأساسية للتنمية السياسية و الاقتصادية في دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا"، إن زواج المال والسلطة هو أكبر تحد تواجهه دول المنطقة، داعيا إلى ضرورة تفكيك ثنائية السلطة و المال وإلى إحداث قطيعة مع هذا النموذج الذي يعتبر أكبر معيق للتنمية. وطالب مفيد بالزامية بلورة وصياغة تعاقد عربي جديد ضامن لإقامة دولة الحق والقانون ومساهم في بناء مؤسسات اقتصادية وسياسية مؤسسة لنمو اجتماعي شامل، مضيفا أن الاشكالات السياسية والاقتصادية التي تعاني منها دول المنطقة تتمثل أساسا في غياب حقوق الملكية وأيضا إلى افتقارها إلى رؤية استراتيجية واضحة المعالم التي تحسم في الاختيارات الاقتصادية المؤسِسَة والضامنة للحرية الاقتصادية. من جهته، أكد الباحث السوري مازن ديروان على دور المؤسسات الاقتصادية في حماية حقوق الملكية الفردية وتسهيل التبادل و التعاون وكذا التنظيم الاقتصادي. وأضاف ديروان أن التفاعلات المؤسسية تؤثر على وثيرة الإستثمارات و الإبتكارات التقنية مما يساهم بشكل إيجابي في التنمية الإقتصادية للبلدان. وأكد الباحث المصري محمود عزت على الأدوار غير التقليدية للمؤسسات الثقافية في خلق تنمية مجتمعية، مذكراً بأهمية المؤسسات في خلق رأس مال اجتماعي لا مادي الذي يعتبر دعامة قوية للتنمية الشاملة، حيث تساهم في تشكيل الوعي السياسي لدى الأفراد وتساهم كذلك في غرس مجموعة من القيم في المخيال المجتمعي، مستدلاً بمجموعة من المشاريع الثقافية التي اطلقتها مكتبة الاسكندرية بمصر. وفي موضوع آخر، أطّر أستاذ العلوم السياسية والمفكر العربي شفيق الغبرا محورا حول "مهارات القيادة كيف تقود ذاتك؟" شدد خلاله على دور الشباب في قيادة المجتمعات، مستندا على مجموعة من التجارب القيادية المتميزة، وكذلك مجموعة من المهارات والآليات التي تمكنهم من ولوج مجال القيادة. من جانبه، توقف الباحث الجزائري يوسف معوشي عند دور المؤسسات في تعزيز التنمية الإقتصادية لدول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا. وفي هذا الصدد، أكد معوشي أستاذ الاقتصاد بجامعة قطر أن البيئة المؤسساتية المدعومة بسيادة القانون عامة وبحفظ حقوق الملكية خاصة تساهم بشكل مباشر في تطور الأنظمة الإقتصادية عن طريق تحفيز الأفراد إيجابيا ودفعهم نحو الإنتاج المثمر. واعتبر المتدخل أن المؤسسات مهمة "لأنها تمثل جذور التعاون والتبادل والتنسيق بين أفراد المجتمع عبر آلية السوق حيث تحث الحوافز الأفراد والجماعات على التصرف بطريقة ما وليس بطريقة أخرى". كما انتظام المؤسسات هو الذي سوف يحدد انخراط الأشخاص في نشاطات منتجة، غير منتجة أو مدمرة. وفي سياق آخر، تطرق أستاذ العلوم السياسية بجامعة الكويت الدكتور شفيق الغبرا إلى مآلات العالم العربي. وتساءل الغبرا حول أسباب المشهد المتأزم والمتفكك الذي تعيشه البلدان العربية. وعزا المتدخل ذلك إلى تحكم الأجهزة الأمنية بكل المؤسسات الإقتصادية والسياسية وغياب فكر المحاسبة والمساءلة وكذا انعدام الحريات الفردية والإعلامية. وختم الدكتور شفيق الغبرا مداخلته برؤية استشرافية ومتفائلة حول مستقبل الدول العربية، مؤكدا أن التقهقر الإقتصادي والعقم السياسي ليس قدرا محتوما بل نتيجة لمجموعة من العوامل التي قد تتحول بدورها إذا ما تم التعامل معها بحنكة إلى ممرات خروج من الأزمات. يذكر أن هذه الدورة المنظمة بشراكة ما بين مشروع منبر الحرية ومؤسسة هانس سايدل الألمانية عرفت مشاركة خبراء مغاربة وعرب، تحت شعار "التنمية الاقتصادية في العالم العربي في ضوء المؤسسات السياسية والاقتصادية".