أصبحت أزمة الكركرات تلوح ببوادر حرب بين المغرب وجبهة البوليساريو، التي لا تزال تتوغل بالمنطقة العازلة بين المغرب وموريتانيا غير مبالية باتفاق وقف إطلاق النار، وبطلب الامين العام للأمم المتحدة منساقة وراء مخططاتها الجشعة بعرقلة حركة النقل التجاري بين المغرب ودول الجوار أبواب القارة السمراء، التي اتخذها المغرب شريكا اقتصاديا خاصة بعد الجولات الاخيرة التي قام بها صاحب الجلالة لعدة دول إفريقية. في الوقت الذي اختار فيه المغرب احترام القانون الدولي واكتفى بتقديم شكاية في الموضوع للأمم المتحدة في شخص أمينها العام عبر مكالمة هاتفية، ما إن وضع سماعة الهاتف حتى أبدى تجاوبا مع المشكل وحث الاطراف على سحب آلياتهم العسكرية من المنطقة، فتقبل المغرب ذلك قبولا حسنا وأرجع جنوده ومدرعاتهم وراء الجدار الرمليي. غير أن الجبهة أبدت تعنتها وأعلنت عن طريق ما يسمى ممثليها عزمها البقاء أمد الدهر هناك، وفرضت ما أسمته قوانينها الماسة بسيادة الدولة ووحدة أراضيها على الشاحنات المغربية وأعادتهم من حيث أتو إن هم لم يلتزمو بها. هذا كله في الوقت الذي لا يزال فيه المغرب ينتظر تدخل الاممالمتحدة للحد من طيش البوليساريو، مع العلم أن المغرب له إمكانية عرض هذا النزاع المفتعل على الاتحاد الافريقي الذي أصبح عضوا فيه استنادا للمادة الثالثة من القانون التأسيسي التي جعلت من أهداف الاتحاد تعزيز السلم والامن واستقرار القارة، والذي سيتزعز لا محالة من أول ضغط على الزناد. من جهة أخرى فإن المادة الرابعة من القانون التأسيسي نصت في البند (ه) على تسوية النزاعات بين الدول الاعضاء في الاتحاد بالوسائل التي يقررها المؤتمر ، وتمنع استخدام القوة أو التهديد باستخدامها كمبادئ راسخة للاتحاد الافريقي الذي يشتغل وفقا لميثاق الاممالمتحدة. وبهذا فإن مؤتمر الاتحاد له كل الصلاحيات لبحث سبل تسوية نزاع المغرب والبوليزاريو. والمغرب بمصادقته على القانون التأسيسي للاتحاد الافريقي أصبح ملتزما بمواده بناء على ديباجة دستور 2011 التي جعلت الاتفاقيات الدولية ملزمة للدولة وأسمى من القوانين الداخلية. غير أن المغرب لم يعرض نزاعه على الاتحاد الافريقي نظرا لكون هذا النزاع معروض سابقا على أنظار هيئة الأممالمتحدة. كما أن المغرب لا يعترف بوجود دولة البوليساريو حتى يرفع النزاع بشأنها للاتحاد الافريقي، وإن كان المغرب صادق على القانون التأسيسي بدون تحفظ على ديباجته المحددة للدول الاعضاء ومنها البوليساريو التي ظنت بأن المغرب ودول الاتحاد اعترفوا بوجودها، دون أن تبالي بأنها هي نفسها وحلفائها والاتحاد الافريقي رتبوا في ذمتهم التزاما دوليا يتمثل في احترام حدود الدول الاعضاء منذ نيلها الاستقلال وفق البند الثاني من المادة الرابعة. وأنه بانضمام المغرب للاتحاد الافريقي فإن جميع أعضائه اعترفوا بحدود المغرب الموروثة من المستعمر الفرنسي والاسباني والممتدة من طنجة إلى الكويرة، كما أن الدولة الوهمية كانت على علم بذلك وخير دليل أنها عارضت هي وحاضنيها على ملئ المغرب مقعده الشاغر بالاتحاد. أما عن سبب عدم مبادرة الجبهة لعرض النزاع على الاتحاد الافريقي هو يقينها بأن موقفه سيكون صادما لها، لأن أغلبية الاعضاء سيقرون بخرقها لاتفاق وقف إطلاق النار وعدم مشروعية تدخلها بالكركرات، كما أنها لا تسعى لوضع حد لهذا النزاع بل اتخذته ذريعة لإغراق القارة في الفوضى والصراعات، وزعزعة أمنها واستقرارها لأنها لا تملك ما ستخسره.