"لئن حكمت الأقدار بخراب أكادير فإن بناءها موكول إلى إرادتنا وإيماننا.."، هكذا نعى العاهل المغربي الراحل محمد الخامس آلاف الضحايا بمدينة أكادير الذين قضوا خلال زلزال 29 فبراير 1960، مُستنهِضا هِمَم الشباب والمسؤولين لإعادة بناء مدينة جديدة تنبعث من تحت الأنقاض، بعيدا بثلاثة كيلومترات عن مركز الخراب. 57 سنة بالتمام والكمال مرت على أسوأ زلزال في تاريخ المغرب الحديث، تسبب في دمار وخراب ومقتل آلاف المواطنين في ثوان معدودات، إذ قدرت الأعداد ب15 ألف قتيل، وهو ما يناهز ثلث ساكنة مدينة أكادير، إلى جانب آلاف من الجرحى والمشردين، دون الحديث عن الخراب الذي طال البنايات والبنية التحتية والخسائر المادية المرافقة له. الدكتور علي شرود، الأستاذ بشعبة الجيولوجيا بكلية العلوم والتقنيات بالرشيدية، وصف زلزال أكادير عام 1960 ب"المدمر"، مُشيرا إلى أن أكبر فالق بمنطقة شمال إفريقيا كان السبب وراء حدوث هذا الزلزال، نتيجة حركيته الكبيرة الممتدة على مدى 500 مليون سنة، ولافتا إلى أن فروعا تمتدُّ منه، منها الفرع الشمالي الذي تسبب مؤخرا في إحداث هزة أرضية نواحي أزيلال، وبالقرب من أفورار، على مستوى وسط الأطلس الكبير. وأبرز الباحث الجيولوجي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن مدينة أكادير ونواحيها تقبع تحت منطقة صخرية هشة وضعيفة وتحتوي على عدد كبير من الفوالق والانكسارات، مضيفا أن التكهن بحدوث هزة أقوى من الهزة المسجلة عام 1960 يفتح باب التكهن على مصراعيه، غير ناف أن المنطقة معرضة لهزات أرضية قد تكون أقوى أو أضعف. وأوضح المتحدث ذاته أن الفالق جنوب الأطلسي الذي يَحيكُ حكاياته منذ ملايين السنين يحتوي على نقاط ضعف كبيرة، ويتسبب في اضطراب في توازن الطَّبقات الأرضية، مُبرزا أن أهم سبب في حدوث الزلازل يتمثل في تكسير الصخور وإزاحتها بفعل الضغوط والطاقة الكامنة على مستوى الأرض، والتي يجب أن تتحرر بين الفينة والأخرى. من جهته، أكد ناصر جبور، مسؤول بالمعهد الوطني للجيوفيزياء، أن المنطقة نشيطة زلزاليا، غير مستبعد أن تسجل هزات أرضية بين الفينة والأخرى للتخفيف من الطاقة الكامنة على مستوى التصدعات والفوالق بالمنطقة، ومبرزا أن كل هزة أرضية تحمل معها مجموعة من المعلومات الجيوفيزيائية. وبخصوص التخوفات من حدوث هزة أرضية مدمرة، في ظل هزة قوية سجلت صباح 20 فبراير الجاري بلغت قوتها 4.5 درجات على سلم ريشتر، أبرز المسؤول بالمعهد الوطني للجيوفيزياء أن التنبؤ بالزلازل وتحديد زمان ومكان حدوث هزات أرضية تحديدا دقيقا لازال مستعصيا على العلماء والباحثين المختصين.