لولا الفيروسات، بما فيها البكتيريا والميكروبات والجراثيم المجهرية المتنوعة، ما كانت الحياة بالشكل الذي نعرفه على الأرض، ولا بالأشكال المفترضة علميا بمختلف أرجاء الكون.. فيروسات السماء تركب المذنبات في رحلات إلى الكواكب والكويكبات والتوابع، بما فيها الأرض، لتلقيحها بمكونات الحياة، في بساطة الحياة المؤهلة لأن تتطور إلى تعقيدات الحياة.. لعبت الجراثيم الدقيقة، بكل أنواعها، دورا مهما في "زرع" الحياة بالجماد والنبات والكائنات الحية، وتمكينها من مناعة المقاومة والاستمرار.. وبين الفينة والأخرى، تكتشف الاكتشافات مدى محورية الأدوار الحياتية لهذه "الكائنات الميكروسكوبية".. إنها تنتقل من مكان إلى آخر، ومن زمان إلى زمان، متفاعلة مع محيطاتها المكانية الزمانية، لضمان استمرارية الحياة.. ومن فيروسات الماضي السحيق ما هو ساكن إلى الآن، ومنذ ملايير السنين، في أغوار جمادات مختلفة منها الثلجيات.. ظاهريا تبدو بلا حياة، وفي العمق هي تنبض بالحياة.. وعندنا، وبعد دهور من الزمن، تنضج البيئة حولها، فتتفتق من هذه الثلوج فيروسات موغلة في القدم.. فيروسات مؤهلة لأن تلعب أدوارا مصيرية في تسلسل الحياة على الأرض.. نفس الظواهر تعرفها مختلف الكواكب الأخرى، ومنها آلاف تم اكتشافها واعتبارها من شقائق الأرض، تنطبق عليها بيئة الأرض.. ونحن مثل غيرنا في هذا الكون، من كائنات ما زلنا نبحث عنها، وربما هي أيضا تبحث عنا، مدينون للكائنات المجهرية بكل التطور الذي وصلت إليه حياتنا المشتركة المتنوعة المركبة المعقدة.. وهذه الميروسكوبيات، وهي تكشف بين الحين والآخر عن أوجه أخرى منها خفية، تبرز إيضاحات جديدة عن رحلة الحياة من الماضي السحيق، قبل الإنسان، باتجاه آفاق مستقبلية تقود إلى إنتاجات ميكروبية سوف تلعب هي الأخرى أدوارا أساسية في القادم من عمر الكون، وربما في أكوان أخرى يتحدث عنها علماء بصيغة تساؤلات واحتمالات.. المسافات الكونية يتم حسابها بالسنوات الضوئية، وهذه حسابات تفوق قدرات الدماغ البشري.. ولربما تكون الروبوتات أكثر قدرة وحتى أحلاما للتفاعل مع التطورات التي سوف تحصل، وتنتج "أحلاما" للخوض بثبات، وربما أيضا بحماقة، في تفاعلات المستقبل التكنولوجي على كواكب تحتضن نفس بيئتنا الأرضية.. وفي هذه الاحتمالات بما لها من تصورات وتشعبات، تشتغل مراكز ميكروبية مختصة، في أقطار علمية كبرى، بمختلف أرجاء العالم، في محاولات لاستشفاف تعايشنا مع فيروسات معروفة، وفيروسات أخرى لم نكتشفها بعد.. والفيروس المجهول يتدخل في حياتنا اليومية، كما يتدخل كل مجهول.. وفي حياتنا كثير مما نجهل.. وهذا المجهول يقوم بأدوار في أعماقنا وفي محيطنا، ويرسم خريطة مستقبلنا القريب والبعيد.. وما نجهل هو أكثر بكثير مما نعلم.. وفي الكون لا يتجاوز ما نرصد سوى حوالي 4 بالمائة.. والباقي فضاءات سوداء، منها طاقات سوداء، لا نراها بكل وسائل الرصد المتطورة المتامحة، ولكنها عمليا تتدخل في حياتنا الآنية والقادمة.. إن كل "الأحجام الصغيرة"، ومنها فيروسات بأشكالها وأنواعها، هي تشكل طبيعة المستقبل الحياتي.. وطبيعة ضوابط هذا المستقبل.. مستقبل الحياة.. [email protected]