"ملأى السنابل تنحني بتواضع .. والفارغات رؤوسهن شوامخ"، هذا بيت شعري ينطبق على حال بعض الأقوام في بلادنا؛ فالذي يعمل بتؤدة وعمق وجدية تجده متواضعا منبسطا سهلا، ومن تجده رأسماله الثرثرة وإطلاق الاتهامات في كل حدب وصوب لا يجيد غيرها تجد هامته تشرئب إلى السماء يكاد ينطحها بجهله وسماجته. البروفيسور عز الدين الإبراهيمي، مدير مختبر التكنولوجيا الحيوية، أحد السنابل التي تنحني بتواضع؛ فلا ضجيج يرافق عمله العلمي المشهود له بالإبداع والذكاء، ولا صخب يواكب إنجازات الفريق العلمي الذي يقوده عن جدارة واستحقاق، ولا مكاتب فاخرة يقبع خلفها، بل عمل يومي دؤوب يكاد يأخذ جل وقته في إنجاز أبحاث طبية رائدة. "ثورة علمية" يقودها الإبراهيمي رفقة زملائه في المختبر المذكور، في صمت بلا تطبيل ولا تنميق، تتمثل في التوجه نحو تحديد جينُوم موّحد لجميع المغاربة؛ وهو ما سيمكّن من التعرّف على التركيب الوراثي والجيني الكامل للإنسان المغربي، كما أنه أفلح مؤخرا في قراءة الجينوم الكامل لبكتيريا داء السّل وتسلْسُله بنسبة مائة في المائة. وما يمكن أن يفخر به المغاربة حقا أن الفريق العلمي المتخصص الذي يشرف على هذه الأبحاث هو طاقم بحث مغربي محض لا أجانب فيه، ويشتغل على آلة دقيقة تعد الأولى من نوعها بالبلاد، اقتناها المختبر رغم إمكانياته المالية المتواضعة وحيزه المكاني الضيق، ما يبرز حيوية هذا الفريق بقيادة الإبراهيمي، وسعيه نحو رفع راية المغرب قولا لا فعلا، واقعا لا ثرثرة.