يجتاز رفيقنا المناضل أحمد خيار، في هذه الأيام، ظروفاً صحية بالغة السوء، وهو الذي راكم في رصيده النضالي عشرات السنين بدءًا بالمقاومة المسلحة ضد الاستعمار إلى الانخراط في وحدات جيش التحرير، قبل أن يضطر لاحقاً لقضاء حوالي ثلاثين سنة في السجون بسبب تورطه في إطلاق ثلاثة عيارات نارية في أمزميز في مساء يوم 6/7/1972 على الهالك إبراهيم المناضي، تلكم الطلقات التي أثبتت المعاينة الطبية بأنها لم تكن في مقتل، على الرغم من أنها أطلقت عليه على بعد أقل من 5 أمتار، بحيث ظل ينزف من مغرب ذلك اليوم وإلى غاية مساء اليوم الموالي، ليلفظ أنفاسه الأخيرة بسبب ضعف وتأخير خدمة الإسعاف. ولقد صرح أحمد خيار، أمام المحكمة بعد ذلك، قائلا: "لقد كان في استطاعتي تصويب طلقات قاتلة لإبراهيم المناضي لو أردت قتله على الفور. بدليل أن خزان مسدسي كان لا يزال مليئاً، ثم لأنني اضطررت لإطلاق طلقتين على رأس كلب فصرعته على الفور لأنه كان يتعقبني وينبح خلفي.. فأيهما كان أصعب في الإصابة القاتلة؟ الإنسان.. أم الكلب؟ لقد مات المنّاضي أيها السادة لأنكم لم تسعفوه على مدى يوم كامل.. أما أنا فلم أقم سوى بتأديبه وفق تعليمات قادتي لأنه تسبب في اعتقال المئات من المناضلين.. إلخ".. نعم.. كِلا الرجلين.. خيار أو المناضي كانا من رفاقنا الاتحاديين الأوائل، وجمعتنا دورات مشتركة للتكوين الحزبي في صيف 1966؛ ولكن رفيقنا المغدور المناضي كان يتحين الفرص للإيقاع بنا جميعا، إلى درجة أنه قضى شهر رمضان لعام 1969 ضيفاً على أستاذنا محمد الحبيب الفرقاني.. يأكل ويشرب مع أفراد عائلته تحت رعاية زوجته للاّ رقية أوعمو.. حتى قبيل يوم واحد من اعتقاله!!؟ بحيث ظل يطلب من السلطة تقديمه إلى الملك الحسن الثاني للإبلاغ عن مؤامرة خطيرة لقلب نظام الحكم في البلاد. جدير بالإشارة هنا أن دفاعه ركز، خلال محاكمته، على العناصر التالية: 1 إن اعتقال وتعذيب المئات من رفاقه طيلة سنتين وتشريد عائلاتهم كان نتيجة للدور الخطير الذي قام به المناضي في المتابعة ثم المحاكمة، وإن عمل أحمد خيار لا يمكن أن يُفهم إلا أنه انفجار لثورة نفسية ضد شخص خائن لمنظمته، وقام بالإخبار عن تنظيماتها، بحيث كان ذلك داخلاً في إطار القمع السافر للحريات العامة. 2 طالب دفاعه بتطبيق الفصل 403 من القانون الجنائي المتعلق بالضرب والجرح مع الترصد وسبق الإصرار المؤدي إلى الموت.. كما طالب بتمتيع المتهم (خيار) بظروف التخفيف؛ وذلك اعتباراً ل : أ أن الأمر يتعلق بمقاوم شارك في تحرير بلاده، ولا سوابق عدلية له. ب أن السيد خيار، بالرغم من حصوله على بطاقة مقاوم لم يطلب أي جزاء مادي، ولم يسع إلى الحصول على أي امتياز كيفما كان نوعه ! ج إن العملية التي قام بها لا تُعَد من الجرائم الموبوءة، وإنما يجب اعتبارها من تلك الجرائم ذات الصبغة السياسية، وبأن عمله ناتج عن سياسة القمع وخرق الحريات العامة آنذاك. وبعد قضاء ثلاثين سنة من الاعتقال، تشكلت في أوروبا لجنة حقوقية للمطالبة بإطلاق سراحه؛ لأن الرجل دفع ما يكفي من ثمن لما اقترفه من جرم سياسي معروف البدايات ثم النهايات.. ومع ذلك لم يكتف أصحاب القرار بتخفيض عقوبته من الإعدام إلى السجن المؤبد.. بل جعلوه ينام ليلته في جناح الإعدام.. لينام الليلة التالية في جناح السجن المؤبد.. من باب تحقيق المزيد من الترويع الجسدي والنفسي والعقلي. ولقد بقي كاتب هذه السطور يطالب ويلحُّ على المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، حينها من خلال الراحل محمد الحبيب الفرقاني، بتمتيعه بمنحة مالية شهرية لمداواة قرحة المعدة التي كان يعاني تبعاتها.. بعد أن تساقطت أسنانه تباعا.. لن أطيل عليكم أكثر، فالمزيد من المعلومات سيكون في كتابي المقبل بحول الله بعنوان: "الشاعر المقاوم محمد الحبيب الفرقاني". دعوات الشفاء العاجل لرفيقنا أحمد خيار.