أثارت الإرهاصاتُ الواضحة لإقامة مشروعٍ بغابة "دونابو" بمدينة طنجة احتجاجا واسعا في صفوف ناشطين وحقوقيين ومهتمّين بالبيئة، خصوصا بعد إنشاء طريق معبدة وإقامة أعمدة إنارة على طول الطريق المؤدية إلى المحمية، وبعد أن تكاثرت شكايات مواطنين بخصوص عمليات قطع الأشجار واجتثاثها. وفي هذا الصدد، أوضح مكتب طنجة للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، في بيان له، أن المنطقة المستهدفة بالمشروع مصنفة من بين المحميات الطبيعية الخاضعة لمقتضيات القانون رقم 11.03 المتعلق بحماية واستصلاح البيئة. وحسب تقرير أنجزه المكتب المذكور وأورده في بيانه، فإن غابة دونابو شهدت، منذ أكثر من أسبوع، استمرار عملية تدمير عشوائية مضرة بالبيئة، والتي ابتدأت منذ شهر غشت 2016 بحيث جرى اقتلاع أكثر من 90 شجرة مع حرق النباتات والأعشاب. واعتبر البيان أن حصول صاحبة المشروع على رخصة من بعض الجهات المتدخلة في الموضوع لا يخوّل لها تجاوزَ الإجراءات المنصوص عليها في الترخيص، "والذي يسمح لها بقطع عدد محدد من الأشجار لا يتجاوز 25"، حسب نص البيان. وحمّل البيان مسؤولية تدهور البيئة بالمدينة إلى جميع الجهات المتدخلة في الموضوع "والمتمثلة في المجلس الجهوي للمحافظة على البيئة، واللجنة الجهوية لدراسات التأثير على البيئة، وجهة طنجةتطوانالحسيمة، والجماعة الحضرية لطنجة، وولاية جهة طنجةتطوانالحسيمة". من جانبه، كان مرصد حماية البيئة والمآثر التاريخية بطنجة قد استبق هذا الخرق الأخير بإصداره لبيان في شهر يوليوز من سنة 2015 عندما نبّه إلى "استيائه من الإصرار على الاستمرار في أشغال شق طريق معبد على امتداد كيلومترات عدة وبعرض يتعدى العشرة أمتار على مستوى الغابة المؤدية إلى دونابو بالرميلات، وما يواكب ذلك من اجتثاث للمئات من الأشجار المعمرة وتدمير للغطاء الغابوي وتهديد للتوازن الإيكولوجي بالمنطقة، حيث إن هذه العملية تشكل سابقة خطيرة وتفتح المنطقة أمام الشاحنات والعربات المختلفة وبالتالي أمام الزحف الإسمنتي على هذا الجزء الأساسي من غابات المدينة". هذا البيان، الذي ذكّر به المرصد في بلاغٍ حديثٍ له، كان قد أعقبه بيان مركزيّ لمصالح المياه والغابات تؤكد فيه "أن طبيعة الأشغال لا تعدو أن تكون فتح طريق أمام مركبات الإطفاء وملتزمة في البيان ذاته بالمحافظة الشاملة على الموقع المذكور" حسب تعبير المرصد دائما. وبعد سنة ونصف السنة، يورد البلاغ الجديد، "اتضح أن الأشغال لم تكن بريئة تماما كما حاولت بعض الجهات تمويه الرأي العام المحلي بها، حيث تم إنشاء طريق معبدة وإقامة أعمدة إنارة على طول الطريق مما يشي بأن المنطقة صارت قاب قوسين أو أدنى من فتحها أمام البناء والتعمير، خاصة في ظل إقدام بعض "الخواص" على تسييج مساحة شاسعة بمدخل المنطقة وضرب الطوق حولها ومباشرة عمليات القطع بدون أي لوحة أو إشهار للعموم حول طبيعة ما يجري داخل فضاء السياج مما يشي بعمل غير مشروع يحاك في جنح الظلام". إلى ذلك، ندد بلاغ المرصد بما وصفها ب"بعمليات الاجتثاث البشع الذي تتعرض لها مختلف مناطق غابة الرميلات بشكل يومي واستنكاره للصمت المريب الذي يلف هذا الملف بالرغم من التنبيهات المستمرة إلى ذلك"، مجددا دعوته إلى جميع الهيئات والجهات المسؤولة من أجل تحمل مسؤوليتها و"الخروج عن صمتها عبر مواقف رسمية تحدد مسؤوليتها وموقفها إزاء ما يجري وكذا ما تنوي القيام به للمعالجة الاستعجالية لهذا الملف الخطير ومختلف الحالات المماثلة التي تتزايد يوما بعد آخر". يذكر أن عددا من الناشطين الطنجاويين أطلقوا من جهتهم نداء عبر موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" يطالبون فيه بحماية غابات طنجة من التدمير، خصوصا غابة "دونابو".