انضم ملايين الأشخاص في ولاية بيهار الهندية الشرقية، يوم السبت، في سلسلة بشرية للتظاهر لدعم قرار صدر مؤخرا بفرض حظر على الكحول في المنطقة. بيد ان محاولات مماثلة لفرض حظر على الكحول في ولايات مماثلة لم تلق نجاحا البتة - فهل سيكون الوضع في بيهار مختلفا؟ لقد أصبح حظر الكحول هو الأداة المفضلة للحملات الانتخابية في الهند، فهي تهدف إلى كسب أصوات النساء اللائي ضقن ذرعا بالكحول ، بل وكذلك بأزواجهن معاقري الخمور. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا، هل أسلوب الحظر فعال في الحد من استهلاك الكحول؟ تقول الحكومات الإقليمية التي اتبعت أسلوب الحظر كسياسة للولاية إن هدفها هو إنقاذ الأسر من الدمار المالي والسيطرة على معاقرة الخمر داخل المنازل والجرائم والحوادث والامراض. ومع ذلك،يدعي النشطاء الاجتماعيين أن الحظر يبدو أكثر فعالية كأداة للفوز بالأصوات في الانتخابات أكثر من كونه أداة للإصلاح الاجتماعي. إن الإفراط في تعاطي الكحول آخذ في الارتفاع، والفقراء هم الأكثر تضررا، وهم يقولون، إن فرض الحظر غالبا ما يؤدي إلى بيع الخمور غير المشروعة المميتة. ويقول دينزيل فرنانديز مدير المعهد الاجتماعي الهندي :" إن الحوافز السلبية مثل فرض الضرائب وتقييد عمليات توفير الكحوليات يكون أفضل من فرض الحظر، وهو ليس مناسبا لبلد ديمقراطي ليبرالي". إن الوعد الذي قطعه نيتيش كومار ، رئيس وزراء ولاية بيهار على نفسه بحظر استهلاك وتصنيع وبيع الكحول، منحه فرصة الفوز بولاية ثانية في الولاية التي يبلغ تعداد سكانها 100 مليون نسمة. وبعد فترة وجيزة من إعادة انتخابه، أعلن كومار ان الحظر سيدخل حيز التنفيذ في نيسان/ أبريل .2016 وكان الحظر أيضا بندا رئيسيا للاقتراع بالنسبة لجميع الأحزاب الرئيسية في الانتخابات التي جرت في ولاية تاميل نادو في وقت لاحق من ذلك العام. والحظر معمول به في ولايات من بينها جوجارات ومانيبور وناجالاند، ولكنه لم يسجل سوى نجاح جزئي فحسب. ولا يزال استهلاك الكحول متفشيا في ظل عمليات تهريب على نطاق واسع والمبيعات غير المشروعة. وقد تسببت عمليات التصنيع غير القانونية للمشروبات الكحولية أيضا في مئات الوفيات. وفي الوقت نفسه، فقد رفعت الولايات الاخرى الحظر على الكحول بعد الخسارة التي منيت بها في الإيرادات الضريبية. و شنت ولاية بيهار في الأشهر الأخيرة، حملة على المخالفين حيث أعلنت فرض عقوبة لمن يخالف الحظر بالسجن لمدة تصل إلى 10 سنوات ، وغرامة تصل إلى مليون روبية (14700 دولار). وقد اسفرت الحملة عن اعتقال 31899 شخصا بتهم مختلفة، من بينها بيع الكحول أو الترويج له أو استهلاكه، في حين تم مصادرة 550 ألف لتر من الخمور. ولكن النشطاء الاجتماعيين يقولون إنه من غير المرجح ان تحد مثل هذه التدابير من الأنشطة غير المشروعة. ويشير البعض إلى أن الحكومة تحتاج إلى تعزيز الاحساس الجماعي بالحظر، في حين يرى البعض الحاجة إلى استراتيجية الفطام طويلة الأجل. وقالت أوما، سكرتيرة الحركة الوطنية ضد الإدمان:" تشعر الحكومة [أن] الخوف وحده هو الذي سيجعل الحظر ناجحا. يجب أن يكون هناك مزيد من التركيز على إعادة التأهيل والتخلص من الإدمان، وإشراك المجالس القروية". وأضافت أوما :" سوف يصبح فعالا فقط عندما يكون هناك قبول اجتماعي". وتعمل منظمتها على قانون وطني نموذجي لحظر المخدرات والكحوليات. وقال جونسون إيديارانميولا الذي يعمل بمركز معلومات الكحول والمخدرات وهو منظمة غير حكومية متخصصة بالوقاية من تعاطي المخدرات والكحول :" إن عادات شرب الكحول عند الهنود هي الإشكالية، حيث يقع نحو الثلث في فئة " معاقري الكحول الخطرين .. لقد أخفقت الاستراتيجيات الوقائية في معظم الولاياتالهندية". واضاف : "أنت بحاجة إلى حملة مستمرة يتم الاعداد الجيد لها يشارك بها المجتمع لمدة 10 سنوات على الأقل كي تنجح". وقال المسؤولون في بيهار إن الحكومة تدفع بحملة الحظر إلى "المستوى التالي" من خلال انشاء حركة شاملة لجميع المواطنين، من خلال مبادرات مثل سلسلة يوم السبت البشرية وحملة التوعية للتحقق من مدى انتشار إدمان الكحول. وقال أديتيا داس مفوض الضرائب في ولاية بيهار:"إن بيهار في حاجة ماسة إلى التغيير الاجتماعي. إن ولايتنا بها اغلب المناطق الريفية الفقيرة التي وقعت في قبضة الإدمان على نطاق واسع". واضاف داس :" إنه موقف يرثى له، فالرجال يفقدون مكاسبهم والنساء تعانين جراء ذلك .. وزاد الطين بله أن الأطفال الصغار من عمر 13 إلى 14 عاما سقطوا كذلك في براثن إدمان الكحول". ويزعم داس أن الحظر كان له تأثير مفيد على الحالة الاجتماعية والاقتصادية وأنه قوبل بالترحيب من قبل الأسر. وقال مسؤول آخر بالولاية رفض الكشف عن هويته : "تواجه بيهار خسارة في العائدات السنوية تقدر ب 40 مليار روبية (600 مليون دولار)، ولكن التكاليف الاجتماعية أكثر بكثير من الربح الذي تحققه إيرادات الكحول.. ولكننا سنتدبر أمرنا". إن صناعة الخمور تعرضت للخطر بسبب "الطريقة غير المحسوبة" التي تم بها فرض الحظر في ولاية بيهار، والتي أدت إلى إلحاق خسارات فادحة بالوظائف والصناعة. وقال شوبان روي مدير عام جمعية صناع الخمور في عموم الهند : "يحتاج الفقراء إلى الحماية حتى لا يضيع دخلهم المتاح ولكن استخدام هذا كأساس للقضاء التام على صناعة الكحول ليس بالأمر الصحيح. لم يفلح أسلوب الحظر لا في الهند ولا في باقي انحاء العالم". ولكن كومار رئيس وزراء بيهار قال، في مقال نشر مؤخرا ، إنه "عازم على تغيير هذا السجل الحافل للسياسة العامة" . وكتب كومار يقول :"في ولاية بيهار لن يكون هناك أنصاف إجراءات".