في باتنا، عاصمة ولاية بيهار في شمال شرقي الهند، تطوف سيارات مزودة بمكبرات الصوت تبث أغاني البوب الهندية في الشوارع، ويضفي قارعو الطبول وأضواء الألعاب النارية مظاهر إضافية إلى ذلك المشهد الذي يبرز فيه تنافر الأصوات والأنغام.. إنه موسم الزفاف في الهند. لكن مراسم الزفاف الصاخبة تلك جعلت “فينود كومار”، وهو مهندس هندي “29 عامًا” يشعر بعدم الارتياح، وذلك بعد أن تم اختطافه وإجباره على الزواج. وقال “كومار”، بعد أن أنقذته الشرطة من الخاطفين: “أريد أن يتم إبطال هذا الزواج (ويقصد زواجه الذي تم إجباره عليه)، وأن تتم معاقبة الأشخاص الذين فعلوا ذلك”. قصة “كومار” وحسب وكالة الأنباء الألمانية “د ب أ”، كان “كومار”، قد وصل إلى باتنا من ولاية جهار خاند المجاورة في أوائل ديسمبر، لحضور حفل زفاف صديق له، وفي مساء ذلك اليوم، أُجبر هو نفسه، تحت التهديد باستخدام العنف ضده، على الزواج من امرأة غريبة عنه لم يسبق له معرفتها، ووقع ضحية لظاهرة الزواج القسري التي تسمى “اختطاف العرسان”. بينما كان والد كومار، يرقد في غيبوبة في يناير 2017، قدم رجل يدعى سورندر، نفسه في المستشفى على أنه صديق للأسرة، بحسب كومار، وظل الرجلان على اتصال بعد وفاة والده. وعندما كان كومار في طريقه إلى زفاف أحد أصدقائه، تلقى دعوة لزيارة منزل سورندر لاحتساء الشاي معه هناك. وفجأة، قام المضيف بتقييد كومار، بالقوة بمساعدة عدد من أفراد أسرته، وانتزع منه هاتفه المحمول وحبسه في غرفة، ويقول كومار: “سألته، ماذا تريد مني؟” وقال: “عليك أن تتزوج أختي”. وأضاف أن خاطفيه، الذين كانوا يحملون أسلحة، ضربوه وهددوا بقتله إذا لم يلب مطالبهم. خطف 3400 عريس عام 2017 وحسب “د ب أ”، فإن كومار هو واحد من حوالي 3400 من العرسان المختطفين العام الماضي في بيهار، وهي ولاية فقيرة يزيد سكانها على 100 مليون نسمة، وتشتهر بالفوضى، وفقًا لما ذكرته وكالة الأنباء الآسيوية الهندية (إيانس). وتقول الشرطة إنها ليس لديها إحصاءات دقيقة حول عمليات اختطاف العرسان، لكنها تؤكد أن الرجال في بيهار كثيرًا ما يتعرضون للاختطاف ويجبرون على الزواج. التعليم زاد قيمة الأزواج وقال روبيش، رئيس منظمة “كوشيش” الخيرية المحلية، إن المشكلة كانت في أسوأ حالاتها بعد أزمة زراعية في الثمانينيات. في ذلك الوقت، بدأ أبناء المزارعين الفقراء يذهبون إلى المدارس ويتلقون تعليمهم ومن ثم يحصلون على وظائف جيدة، مما زاد من قيمتهم كأزواج. الفقر ودوطة الفتيات وفي الوقت نفسه، لم تعد أسر الفتيات قادرة على تحمل دفع الدوطة، وهو المبلغ الذي يدفعه أهل العروس إلى العريس لإتمام الزواج. وقد مُنعت هذه الممارسة في الهند منذ عام 1961، ولكنها لا تزال واسعة الانتشار. عصابات اختطاف العرسان ويعد زواج الأبناء والبنات مسألة ذات أهمية بالغة لدى الأسر الهندية، وقد بدأ بعض الآباء في ولاية بيهار فى استئجار بلطجية وأفراد عصابات لاختطاف العرسان، أو يفعلون ذلك هم بأنفسهم دون استئجار أحد، ويتم الزواج تحت تهديد السلاح. وغالباً ما يدوم الزواج، خاصة في ظل الضغوط الاجتماعية التي تجعل ذلك “الرباط المقدس” أمرًا صعب الفكاك منه. وفي حين أن اختطاف العرسان بات أقل شيوعًا الآن، لا يزال أشخاص مثل كومار يواجهون مثل هذا الخطر. فيديو لعريس يبكي وكان كومار “فريسة جيدة” للخاطفين بسبب وظيفته كمدير مبتدئ لإحدى شركات الصلب المملوكة للدولة، وخاصة أن العروس قد تجاوزت سن الأربعين ومن الصعب إيجاد عريس يتقدم لها بإرادته. وظهر كومار، في مقطع فيديو تم بثه على موقع يوتيوب، وهو يبكي حينما كان مقيدًا وتجرى من حوله طقوس الزفاف، وتجثو عروسه التى لا تبدو عليها علامات السرور على ركبتيها بجانبه، وظهر وهو لا يتحدث معها. ويقول: “الأمر يتساوى معي حتى إذا ما تم إجباري على الزواج من جاموسة”. إطلاق سراح كومار وبناءً على روايته، فقد أمضى ليلة الزفاف محبوسًا فى المنزل قبل أن يتم استدعاء شقيقه في صباح اليوم التالي ويقول: إنه تزوج طوعًا، وقد اشتبه شقيقه في وجود خدعة ما وذهب إلى الشرطة، لكنها كانت متواطئة مع خاطفيه، بحسب أسرته. وتردد أن رجال الشرطة جاءوا إلى منزل سوريندر، وأخبروا العريس بأنه ينبغي أن يقبل الزواج وإلا سيتعرض للأذى. وذكر كومار، أن رجال شرطة آخرين جاءوا إلى المنزل في الليلة التالية وأطلقوا سراحه بعد أن نشر أقاربه وأصدقاؤه القضية عبر وسائل التواصل الاجتماعي ووصل الأمر إلى التلفزيون المحلى. أريد زواجاً طبيعياً لقد هرب كومار؛ حيث لم تكن هناك شهادة زواج تلزمه بتلك المرأة، ومع ذلك، لم يتم تقديم الخاطفين إلى العدالة، ويواصل سوريندر الاتصال بكومار وتهديده، حسبما يقول كومار. وعلى الرغم من الاختطاف، لا يزال كومار يقول: إنه مهتم بالزواج، ويضيف: “أريد زواجاً طبيعيًا، ترتبه عائلتي لي”.