مباشرة بعد الإعلان الرسمي عن عودة المغرب للإتحاد الأفريقي خلال القمة التي انعقدت بداية الأسبوع الجاري، بعد حوالي 33 سنة عن مغادرته لمنظمة الوحدة الأفريقية، استأنفت الديبلوماسية الملكية رحلاتها بين أقطار مختلفة من القارة الأفريقية بالخصوص، بعدما حل العاهل المغربي الملك محمد السادس بجوبا عاصمة جنوب السودان قادما إليها من أديس أبابا التي احتضنت القمة الأفريقية. ولم يمنع رفض جنوب السودان لعودة المغرب للاتحاد الأفريقي، من قيام العاهل المغربي بزيارة رسمية لثلاثة أيام، مصحوبا بوفد من رجال الأعمال قصد تثمين سبل التعاون الاقتصادي بين الرباط وجوبا المستقلة قبل حوالي 6 سنوات فقط. اختيار الدبلوماسية الملكية لعاصمة السودان الجنوبية كأولى المحطات بعد عودة المغرب للاتحاد الأفريقي، وكذا بعد خطاب العاهل المغربي أمام زعماء الدول الأفريقية لا يخلوا من دلالات لخصها رشيد بنلباه الباحث بمعهد الدراسات الأفريقية بالرباط، فيما هو مرتبط برغبة الملك محمد السادس تنزيل ما ألقاه في خطاب القمة الأفريقية "هو الخطاب التوجيهي الذي يحدد معالم السياسة الخارجية بالمغرب، ومنهجية عملها داخل الاتحاد الأفريقي". وأضح بنلباه في تصريحه لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن زيارة الملك لجنوب السودان "منطقية رغم معارضتها لعودة المغرب للاتحاد الأفريقي، لأن البعد الأساسي هو التأكيد على أن عودة المغرب ليست من أجل خلق البلبلة وخلخلت الإتحاد الأفريقي وإنما العمل إطار تضامني وسلمي يراعي مصالح المواطن الأفريقي ككل" مردفا أن هذه الزيارة ستتمر كذلك على توقيع العديد من الاتفاقيات، خاصة منها الاقتصادية. وتحمل الزيارة بعدا رمزيا وساسيا قوي يضيف المتخصص في القضايا الأفريقية "فالمغرب له علاقات وطيدة مع دولة السودان ونظام البشير، إلا أن السياسية الخارجية للمغرب أصبحت مبنية على مقاربة واضحة المعالم، معتمدة على التوازنات والتحالفات والمصالح، ودولة السودان تبقى حليفا قويا وهذه الزيارة التي قام بها الملك لجنوب السودان غالبا ما كانت بتشاور مع دولة السودان قبل التوجه لدولة السودان الجنوبية، والمغرب على دراية بأن المنطقة تعرف العديد من النزاعات والصراعات تستدعي الكثير من التوازن". فيما الرسالة الأساسية من هذه الزيارة يشدد المتحدث تكمن في ارتباط دولة السودان الجنوبية بما يسمى "بالجمهورية الصحراوية" بشكل أو بآخر "فمباشرة بعد استقلال دولة السودان الجنوبية أول ما قامت به هو الاعتراف بالجبهة، بمنطق تضامني، لكن وجب الإشارة أن دولة السودان الجنوبية لم تطلب العضوية داخل الإتحاد الأفريقي، حتى بعد أن نالت الاستقلال، وقبلت السودان استقلال دولة السودان الجنوبية، تلاه اعتراف من طرف المنتظم الدولي ودول الجوار وهذا ما لا يتوفر لجبهة البوليساريو التي تتواجد داخل الاتحاد الأفريقي فقط، دون اكتسابها للشريعة الدولية، وهته هي الرسالة التي يريد المغرب بعثها".