مباشرة بعد وصوله إلى أشغال القمة الأفريقية التي انطلقت اليوم الاثنين بأديس أبابا الإثيوبية، لم يجد إبراهيم غالي، زعيم جبهة البوليساريو، ما يستهل به تواجده بجانب زعماء البلدان الأفريقية سوى توجيه أسهم الانتقادات نحو المغرب، الذي اعتبره "يتمادى في انتهاك حقوق الإنسان في الصحراء"، وذلك ضمن لقاء على هامش القمة. وفيما يعد المغرب على مرمى حجر من استرجاع مقعده داخل الاتحاد الأفريقي، وهو ما سيعلن بعد اختتام أشغال القمة غدا الثلاثاء، خاصة بعد الدعم الذي حاز عليه طلب عودته الذي بعثه الملك محمد السادس إلى قمة كيغالي قبل حوالي 6 أشهر، تسعى الجبهة جاهدة إلى التشويش على الوضع القائم، مسنودة بالجزائر التي مازالت متشبثة بتأجيل النظر في عودة المملكة والاكتفاء بتشكيل لجنة تبت في الطلب. واعتبر ابراهيم غالي أن "الوقت حان لتنظيم استفتاء لتقرير المصير"، مستغلا تواجد الأمين العام الجديد لمنظمة الأممالمتحدة، أنطونيو غوتيريس، لمطالبته "بتسريع عمل بعثة الأممالمتحدة في الصحراء من أجل استكمال المهمة التي جاءت من أجلها قبل 26 سنة، للإشراف على تنظيم استفتاء يقرر مصير الصحراويين". أحمد نور الدين، الباحث في القضايا الدولية وملف الصحراء، اعتبر أن التلويح بطلب الاستفتاء يدخل ضمن "بروبغاندا إعلامية" تقودها الجبهة، وكذا الجزائر التي تعد الكيان الحاضن لها، من أجل تضليل المجتمع الأفريقي والمجتمع الدولي، حسب تعبيره. وعاد نور الدين إلى التأكيد على أن المطالبة بالاستفتاء في مثل هذه المناسبات لم تكن وليدة اليوم، بل سبق أن تم طرح الفكرة سنة 1981 في عهد منظمة الوحدة الأفريقية، فوافق عليها المغرب، وتم تشكيل لجنة من أجل تنظيم الاستفتاء، قبل أن تدخل الجزائر على الخط من أجل "كولستها" قصد إدخال الجبهة إلى المنظمة، ما دفع المملكة إلى وقف إجراءات الاستفتاء. فيما المرة الثانية كانت سنة 1992، بعدما أثارت الجزائر من جديد نقاش تحديد الهوية، ورفضت تسجيل 160 ألف مواطن من أصول صحراوية من أجل المشاركة في الاستفتاء، بطرق تعسفية، ما دفع الأممالمتحدة إلى تأكيد استحالة إجراء الاستفتاء في ظل تشبث كل طرف بكتلته الناخبة. "وفي الحالتين لم يكن المغرب ضد الاستفتاء، بل الطرق الملتوية للجزائر والبوليساريو هي التي دفعت بالوضع إلى ما هو عليه"، يورد نور الدين. كما أن مسألة الاحتلال لا وجود لها، يضيف المتحدث ذاته، في تصريحه لجريدة هسبريس، مستدلا على ذلك بأن المغرب يسعى دائما إلى التفاوض من أجل إيجاد حل بشكل ودي وسلمي. واعتبر نور الدين أن التصريحات التي أطلقها ابراهيم الغالي وقبلها الإعلام الجزائري تعد محاولة أخيرة من أجل التشويش على المغرب، "بعدما تم قطع رأس الأفعى"، حسب تعبيره، قبل أن يردف بأن هذا التشويش سيستمر من أجل الحيلولة دون الهدف الرئيسي من عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي، وهو إخراج الجبهة منه، مستدلا على ذلك بما جاء في الرسالة التي بعث بها الملك محمد السادس إلى قمة كيغالي، والتي تحدثت عن عودة المغرب إلى الاتحاد الأفريقي من أجل تصحيح الخطأ التاريخي، "أي قبول كيان واهي لا تتوفر فيه شروط دولة داخل منظمة الاتحاد الأفريقي"، على حد قوله.