الحمد لله على بلدنا المغرب الذي يسلك منهاج تطبيق الديمقراطية وحقوق الإنسان مع غياب اضطهاد الأقليات الدينية، بينما هذا الاضطهاد مازال مستمرا في بعض الدول العربية والإسلامية. لقد اطلعت مؤخرا في بيان لمنظمة العفو الدولي صادر في 18 يناير 2017 على "اختطاف بهائيين يمنيين، السيد حشمت الله سرفيستاني والسيد نديم السقاف، واختفائهما بعد القبض عليهما تعسفا يوم 11 يناير دون السماح لهما للتواصل مع ذويهما أو محاميهما". وأتساءل لماذا بعض الدول العربية ترفض التعايش مع البهائيين وبعضها تتعسف عليهم وتضطهدهم إلى حد الساعة، وتتهمهم بخيانة الوطن وبالتجسس وزعزعة عقيدة المسلمين، بينما نرى للأقليات الدينية كامل الحرية في البلدان غير العربية، مثل وسط إفريقيا وجنوبها وفي أوروبا وأمريكا وآسيا وحتى في الدول الإسلامية غير العربية (ما عدا إيران). هل العرق العربي هو السبب أم الإسلام؟ أنا بهائي ومواطن مغربي، وأعرف جيداً أن الإسلام دين التسامح والتعايش وأرضه أرض السلام، يحث على احترام الأقليات الدينية وحرية العقيدة. فكيف نفسر إذاً هذا التعامل التعسفي والظالم تجاه البهائيين في اليمن-دولة عربية وإسلامية-وفي إيران كذلك-دولة فارسية إسلامية؟ البهائيون يؤمنون بالله الواحد الأحد ويحترمون ويقدسون الإسلام ويؤمنون بأن سيدنا محمد رسول الله، ويتعايشون مع جميع الديانات والعقائد، ويؤمنون بأن كل البشرية هي قطرات بحر واحد وأوراق غصن واحد، وأن منبع كل الديانات واحد، ويخدمون بلدهم والبشرية جمعاء، ويؤمنون كذلك بالوحدة في التنوع. بعد نهاية تكويني الدراسي بفرنسا، استقلت من وظيفتي بإحدى المستشفيات هناك وقررت مع عائلتي الرجوع إلى وطني لخدمة مجتمعي ولم أواجه أي مضايقات في بلادي، وأتمنى أن يتقدم أكثر وأكثر في طريق الديمقراطية. وإذا اتهمتْ هذه الدول البهائيين بالتجسس وزعزعة عقيدة المسلم، فلماذا لا تتهمهم بالاتهامات نفسها الدول الإسلامية الإفريقية مثل السينغال، والدول الأسيوية المسلمة مثل ماليزيا، وحتى بعض الدول العربية مثل البحرين والمغرب؟ بل بعض من هذه الدول تعترف باستقلالية الديانة البهائية وتتمتع بها بجميع الحقوق كسائر الديانات. لا أظن أبدا أن الإسلام هو السبب في اضطهاد البهائيين والأقليات الدينية ولا العرق العربي كذلك، ولكن السبب هو التأويلات الدينية دفاعا عن المصالح الشخصية أو السياسية، وخاصة ما يلقى في أذهان الأطفال العرب والمسلمين من تأويلات خاطئة ومن أحكام مسبقة ومن تفضيل دين على آخر، مما ينشر عدم التعايش والتسامح والاحترام مع من يخالفهم في الأفكار والعقيدة ويؤدي إلى ظهور التعصب والتطرف. ومن باب المنطق، إذا كانت كل ديانة تدعو إلى السلم والسلام وخدمة الإنسانية، فمن الواضح أن الهدف والمراد واحد، فلماذا إذاً لا نرى في الدول العربية يد المسلم تمسك بيد اليهودي والمسيحي والبهائي والبوذي والزردشتي وكل إنسان كيف ما كانت عقيدته، ما داموا جميعا يتمسكون بالحب الإلهي والإنساني ويسلكون سبيل خدمة المجتمع البشري في سلم وأمان؟ فما ذنب السيد حشمت الله سرفيستاني والسيد نديم السقاف المختطفين في اليمن؟ ألأنهما بهائيين؟ ألأنهما يؤمنان بالله إله الكون؟ أم لأنهما ينشران وحدة الجنس البشري والسلم العالمي بأعمالهما وليس بأقوالهما فحسب؟ أم لأنهما لا يمارسان السياسة ويقومان بواجب الطاعة والولاء للسلطة وقوانين البلاد كما طلب منهما حضرة بهاء الله؟