بعد حصوله على 20 مقعدا في الانتخابات التشريعية الأخيرة، وهي النتيجة التي اعتبرت من لدن العديد من المتابعين مخجلة لحزب بقيمة الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، هبّت رياح إفريقية لتحمل أحد قياديي الحزب التاريخي إلى منصب ثالث رجل في هرم السلطة بالبلاد، بعد الالتزامات القارية التي فرضت انتخاب رئيس مجلس النواب للمصادقة على القوانين التأسيسية لمنظمة الاتحاد الإفريقي، قبل تشكيل الأغلبية الحكومية. وبعد أن كان الاتحاد خارج دائرة المشاورات الحزبية بالنسبة إلى "رئيس الحكومة المكلف"، الذي تشبث بأحزاب الأغلبية السابقة، دخل "حزب عبد الرحيم بوعبيد" تلك الدائرة بقوة بحيازته رئاسة الغرفة البرلمانية الأولى، الذي "لا يمكن من حيث المبدأ أن يكون الحزب الفائز به مصطفا في المعارضة"، وفق أغلب التحليلات التي تلت انتخابات يوم أمس؛ وهو ما يفرض على بنكيران توسيع حيز النقاش والتنازل عن كلامه السابق. عدم وجود رفاق إدريس لشكر في صف الأغلبية الحكومية سيُصعب، حسب محمد زين الدين، أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري، من مأمورية رئيس الحكومة المكلف، الذي سيجد نفسه تحت رحمة المعارضة داخل قبة البرلمان، سواء في غرفة المستشارين، التي يرأسها حزب الأصالة والمعاصرة أو في مجلس النواب الذي فاز به الاتحاديون. ومن ثم، سيكون من الصعب وجودهم في المعارضة، وفق تعبيره. وقال الباحث في الشأن السياسي إنه "يجب، من الناحية المبدئية، أن يكون رئيس مجلس النواب منتميا إلى الأغلبية وليس المعارضة، وبالتالي هي حالة استثناء ستخلق صعوبات كبيرة جدا فيما يتعلق بوضعية الحكومة على مستوى تمرير مشاريع القوانين والعلاقات بين السلطتين التشريعية والتنفيذية"، محذرا في الوقت ذاته من تكرار سيناريو مجلس المستشارين، "حيث لاحظنا صراعا بينه وبين الحكومة؛ وهو ما أفضى إلى مشاكل غير منتهية"، يقول زين الدين. تَمَكُن الUSFP، الذي حصل على 20 مقعدا فقط في انتخابات السابع من أكتوبر، من الحصول على منصب رئاسة الغرفة البرلمانية اعتبره المتحدث ذاته "استثمارا سياسيا ذكيا" من لدن "حزب بوعبيد"، نتيجة للاصطفاف الذي بصم عليه بالتوافق مع حزب التجمع الوطني للأحرار وقبله حزب الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن هذا الاختيار مكنه من تحسين موقعه التفاوضي في المشهد السياسي. وكشف زين الدين، في تصريح لهسبريس، عن الخيارات المطروحة حاليا فوق طاولة المشاورات، مؤكدا أن فوز "حزب الوردة" برئاسة مجلس النواب قد يجعله خارج الحكومة في حال توافق عبد الإله بنكيران وعزيز أخنوش حول ذلك، أو استمرار السيناريو الحالي بتمسك حزب التجمع الوطني للأحرار بحلفائه؛ وفي مقدمتهم حزبا الاتحاد الدستوري والاتحاد الاشتراكي.