أظهرت نتائج انتخابات أعضاء مجلس المستشارين، التي جرت أمس الجمعة، حصول أحزاب المعارضة على الأغلبية في الغرفة الثانية للبرلمان المغربي، وهو ما سيؤهلها للاحتفاظ برئاستها. وحصلت أحزاب المعارضة الأربع على ما مجموعه 55 مقعدا من أصل 120، فيما نالت أحزاب الأغلبية 32 مقعدا، وهو ما يعني أنه إذا تم احترام الحد الأدنى من التنسيق بين مكوناتها، فإن الرئاسة ستؤول للمعارضة، ولن تخرج عن حزبي الاستقلال المتصدر، أو حزب الأصالة والمعاصرة الذي حل ثانيا. ويبدو أن موقف حزب الاستقلال، الذي اتسم بالغموض في علاقته بمكونات المعارضة مباشرة بعد نتائج الانتخابات الجماعية والجهوية، وما عقب ذلك من مساندة لحزب العدالة والتنمية في بعض المدن، بعد حديثه عن فك الارتباط بالمعارضة، وتحديدا حزب الأصالة والمعاصر، سيجعل التنافس بينهما (الاستقلال و"البام") قويا للظفر برئاسة الغرفة الثانية. فوفقا للمعطيات التي أبانت عنها النتائج التي كشف عنها وزير الداخلية محمد حصاد، فإن فك "الميزان" لارتباطه ب"الجرار" سيجعل هذا الأخير أقرب للرئاسة، خصوصا أن تنسيقه مع بعض مكونات الأغلبية، خصوصا حزب التجمع الوطني للأحرار، أصبح باديا من خلال تصويت عدد من منتخبيه على مرشحي الأصالة والمعاصرة في عدد من المدن. تبعا لهذا السيناريو، فإن حزب الأصالة والمعاصرة ورئيسه في الولاية التشريعية السابقة حكيم بنشماس، سيكون الأقرب لقيادة مجلس المستشارين، في آخر سنة للحكومة قبل إجراء الانتخابات التشريعية، في حين ستكون كفة حزب الاستقلال غالبة في حالة إقناعه حزبي العدالة والتنمية والحركة الشعبية للتصويت لمرشحه. توسيع الهوة بين مكونات المعارضة وفي قراءته للتحالفات المستقبلية في الغرفة الثانية، يرى أستاذ العلوم السياسية والفقه الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط، أحمد بوز، أن تقاطع الأغلبية والمعارضة سيختل، مشيرا إلى "أن التنافس سيحتد بين حزبي الاستقلال والأصالة والمعاصرة المنتميين لفرق المعارضة". وسجل بوز، في تصريحات لهسبريس، "أن الأغلبية لن ترشح أيا من مستشاريها للرئاسة بالنظر لعدد المقاعد التي حصلت عليها أحزابها"، مؤكدا "أن تصويتها لن يكون في اتجاه واحد"، مشيرا إلى أن : "الهوة داخل ما يسمى تنسيق المعارضة في مجلس المستشارين ستتوسع"، رابطا ذلك "بكون حزب الاستقلال ستكون له مطامح للفوز بالرئاسة، باعتباره متصدرا للنتائج، وهو الطموح نفسه الذي يحذو حزب الأصالة والمعاصرة". "العدالة والتنمية وفقا لهذه النتائج سيميل غالبا إلى دعم مرشح حزب الاستقلال، لكن الأقرب للرئاسة سيكون هو مرشح حزب الأصالة والمعاصرة"، يقول بوز، الذي دافع عن طرحه بكون "الخليط الذي يوجد في الغرفة الثانية يغلب كفة البام". وفي الوقت الذي أكد فيه أستاذ العلوم السياسية والفقه الدستوري بجامعة محمد الخامس بالرباط أن رئاسة المجلس ستشهد منافسة شرسة بين الحزبين المعارضين، أوضح "أن الرابح من هذه الانتخابات هو الأمين العام لحزب الاستقلال، حميد شباط"، مبرزا أن هذه الانتخابات أعطته متنفسا جديدا، الأمر الذي سيقوي موقفه داخليا وفي علاقته بالفاعلين الآخرين. هذا وزكت النتائج التي حصل عليها أحزاب الاستقلال، المتصدر ب 24 مقعدا، والأصالة والمعاصرة، الذي حل ثانيا ب 23 مقعدا، والاتحاد الاشتراكي ب5 مقاعد، وحزب الاتحاد الدستوري ب3 مقاعد، (زكت) مكانة المعارضة في المجلس، لتحافظ بذلك على الأغلبية، وهو ما سيجعل المؤسسة التشريعية تسير برأسين، أغلبية للائتلاف الحكومي في مجلس النواب، ومعارضة مهينة في الغرفة الثانية.