تعود المعارضة الأوكرانية وزعيمة الثورة البرتقالية يوليا تيموشينكو إلى قلب الأحداث مجددًا، ولكن هذه المرة كمتهمة في ما أسمته "محاكمة صورية" مدبرة من قبل الرئيس الحالي وخصمها اليميني فيكتور يانوكوفيتش. وتقول يوليا "كل ما يحدث معي الآن دبره يانوكوفيتش، فهو يؤمن بقدرته على تدمير المعارضة من خلال تدميري، ولن تقم لها قائمة بعد ذلك، ولهذا السبب يتم فتح هذه القضايا ضدي واحدة تلو الأخرى، فهي أداة يحارب بها يانوكوفيتش خصومه السياسيين، وهي وسائل غير ديمقراطية وغير نزيهة، وهي تشبه ما فعله ستالين في العام 1937". وقد بدأت حياة تيموشينكو السياسية منذ العام 2004، عندما تحالفت مع فيكتور يوشينكو لتجميع مئات الآلاف من الأوكرانيين في ميدان الاستقلال اعتراضًا على تزوير الانتخابات، واستطاعت أن تجمع حشودًا من الناس ضد يانوكوفيتش المتهم بالتلاعب في نتائج الانتخابات الرئاسية في البلاد لصالحه، وبدا الأمر كأنه انتصار للديمقراطية على النظام السوفيتي القديم عندما ألغيت نتائج الانتخابات وفاز يوشينكو في الإعادة في مطلع العام 2005. ولكن سرعان ما حدثت مشاحنات بين يوليا و يوشينكو، وبدأ حلم الثورة البرتقالية في التبخر. وفي العام الماضي أعلن يانوكوفيتش عزمه على خوض الانتخابات الرئاسية، وبالفعل فاز على منافسته يوليا بفارق 3.5% فقط من الأصوات، وبعدها مباشرة تم الإطاحة بها من منصب رئيس الوزراء، في حين كان الغموض السياسي هو مصير اسم يوشينكو. وقد وجهت النيابة العامة اتهامات إلى يوليا في كانون الأول/ديسمبر باستخدام 425 مليون دولار، قدمتها اليابان في إطار "بروتوكول كيوتو"، في غير أهدافها. إذ ينص البروتوكول على الحصول على جزء من الحصص الأوكرانية في انبعاثات الكربون وتخصيص عائداتها لبرامج تنمية البيئة حصرًا، بينما اعتبرت النيابة أن تلك الموارد قد تم تخصيصها بطريقة مخالفة لقانون الميزانية، بتكليف من رئيسة الوزراء آنذاك يوليا تيموشينكو، وأن بعضها خُصِّص لترقيع الثغرات في الصندوق التقاعدي. ثم وجهت إليها تهمة فساد أخرى بشراء سيارات بسعر يفوق سعرها الحقيقي، واستخدامها كسيارات إسعاف. وأخيرًا اتُّهِمت الشهر الماضي بتوقيع عقد مع روسيا في العام 2009 لمد أوكرانيا بالغاز الطبيعي، وهو ما كبد كييف خسائر قدرها 440 مليون دولار، وقاد تيموشينكو إلى المحكمة. وأدت هذه الاتهامات إلى قيام تيموشينكو بالذهاب إلى مكتب المدعي العام عدة مرات برفقة وسائل الإعلام وعدد من أنصارها، وهي الآن حرة إلا أنها لا تستطيع مغادرة كييف إلا بموافقة من النيابة العامة في إطار حدود صارمة ومع كفالة، كما أن العديد من رفقائها في الحكومة السابقة وراء القضبان الآن بتهمة الاحتيال ومن بينهم وزير الداخلية السابق يوري لوتسينكو. وقد نفت تيموشينكو،50 عامًا، كل التهم الموجهة إليها واتهمت الحكومة الحالية بالفساد وقالت "إن يانوكوفيتش يدير أوكرانيا كأنها شركته الخاصة، وله ابن طبيب أسنان بسيط أصبح الآن من أغنى أغنياء البلاد"، وأضافت "يانوكوفيتش يعلم أنه عند وجود معارضة قوية وانتخابات نزيهة سيخسر السلطة في عام 2012، وهو يريد أن يحد من هذا التهديد وسيطمئن إذا تأكد عدم تمكني من الوصول إلى الانتخابات". وإذا ثبتت التهم الموجهة إليها فستصل العقوبة إلى السجن 10 سنوات، وحتى إذا حكم عليها مع إيقاف التنفيذ فستمنع من المشاركة في الانتخابات البرلمانية العام المقبل ومن الانتخابات الرئاسية المقبلة في عام 2015. وقال مصدر رفيع المستوى من مكتب الرئاسة "تحاول القيادة الأوكرانية الحالية أن تكون غير متحيزة فيما يتعلق بتنفيذ القانون في قضايا الفساد". في حين يرى دبلوماسيون غربيون أن محاكمة تيموشينكو تبدو مثل تصفية حسابات مع المعارضة الأوكرانية، وتراجعًا عن الديمقراطية منذ مجيء يانوكوفيتش إلى الحكم في العام الماضي.