في الوقت الذي كانت تشهد فيه العلاقات المغربية الموريتانية حالة من الجمود، حرّكت التصريحات الأخيرة للأمين العام لحزب الاستقلال، المياه الراكدة بين البلدين، وتحركت الآلة الدبلوماسية من أجل تطويق هذه الأزمة. وإذا كانت جبهة البوليساريو خرجت مباشرة بعد تصريح شباط، الذي يعتبر فيه أن موريتانيا أرض مغربية، لتندد بهذه التصريحات وتتضامن مع نواكشوط، في محاولة منها للتقرب من الإدارة الموريتانية على حساب المغرب بالنظر على الحياد الذي لا تزال الجارة الجنوبية تنهجه فيما يخص ملف الصحراء؛ فإن التحرك المغربي، الذي جاء في الوقت المناسب وبالشكل اللائق والمُرضي، قطع الطريق على الانفصاليين. وتتضح الأهمية الكبيرة التي توليها الرباط لعلاقاتها الدبلوماسية مع موريتانيا من خلال بلاغ وزارة الشؤون الخارجية والتعاون حول تصريحات شباط التي وصفها ب"الخطيرة"، وأيضا من خلال المكالمة الهاتفية للعاهل المغربي محمد السادس مع الرئيس الموريتاني محمد ولد عبد العزيز، بالإضافة إلى إيفاد كل من عبد الإله بنكيران رئيس الحكومة وناصر بوريطة الوزير المنتدب لدى وزير الشؤون الخارجية والتعاون إلى موريتانيا من أجل تطويق الأزمة. ويقول صبري الحو، الخبير في العلاقات الدولية، إن التطورات الأخيرة كان لها انعكاس إيجابي على العلاقات الثنائية بين البلدين، في وقت كانت فيه العلاقات المغربية الموريتانية تعرف حالة من الجفاء، الذي تجسد في ضعف التواصل بين البلدين وشبه قطيعة فيما بينهما. الحو، في تصريح لهسبريس، وضع التحرك الموريتاني في سياقه الداخلي، حيث كان موقف الحزب الحاكم بنواكشوط، الرافض لتصريحات السياسي المغربي، من أجل قطع الطريق على الأحزاب الإسلامية والمعارضة الموريتانية، ولا تستغله في ضرب الحكومة وهذا ما نجح فيه الحزب. من جانب آخر، فإن هذا الرد السريع، كما يقول الخبير في القانون الدولي، يكشف عن وجود رغبة ذاتية لدى موريتانيا من أجل إيجاد منفذ للتواصل مع المغرب؛ وهو ما يؤشر على تعزيز تطبيع العلاقات الثنائية من خلال تعيين السفيرين. كما أن "الأهم هو أن المغرب وموريتانيا سيدخلان فترة للتواصل والحوار والمشاورة، بعد أن كانت القطيعة هي التي سادت العلاقات"، مضيفا أنه لا يمكن الحديث عن نتائج سريعة؛ ولكن من خلال فتح الملفات العالقة. ويرى المتحدث ذاته أن موريتانيا تحاول، في عهد الرئيس الحالي، أن تجد لها مكانة خاصة بعيدا عن المغرب والجزائر، وتريد أن تبتعد عن التبعية وتفادي أي توتر للعلاقات مع كلا البلدين، بالرغم أن تعيين مبعوث للاتحاد الإفريقي إلى الصحراء كان أيام رئاسة نواكشوط لمنظمة الاتحاد الإفريقي، وهذا ما يضر المغرب. وفيما شدد على أن موريتانيا تبقى الوجهة المفتوحة لتنقل عدد من كبير من ساكنة مخيمات تندوف حسب تقارير دولية، أوضح صبري الحو أن الجبهة تمكنت من الانتشار في دواليب الإدارة الموريتانية بسبب العلاقات الاجتماعية وسهولة التنقل. كما استطاعت التمدد على المستوى الإعلامي؛ وهو ما يحتم الانتباه إلى هذا الامتداد.