نجح تنظيم الدولة الإسلامية بالعراق والشام المعروف اختصارا ب"داعش" في استقطاب أكبر عدد من المغاربة مقارنة مع تنظيم القاعدة، إذ كان التنظيم الذي يتزعمه المدعو أبو بكر البغدادي أكثر إغراء للمغاربة من تنظيم أسامة بن لادن. هذه هي النتيجة التي وصلت إليها دراسة المعهد العسكري الأمريكي "West Point"، بالاستناد على وثائق حصل عليها الجيش الأمريكي في ضربة له لتنظيم القاعدة سنة 2007، ثم وثائق أخرى لتنظيم "داعش" في سنة 2014، نشرتها وسائل الإعلام العالمية، بعد دخول قوات البشمركة إلى منطقة سنجار وإخراج تنظيم "داعش" منها. وتقدم الدراسة الأمريكية مقارنة بين قدرة التنظيمين على جذب المغاربة، فإذا كان تنظيم القاعدة قد نجح في استقطاب عدد محدود من المغاربة، ومن فئة عمرية واضحة تتراوح بين 24 و25 سنة كمعدل؛ فإن تنظيم "داعش" نجح في استقدام مقاتلين من فئات عمرية مختلفة من 15 إلى 56 سنة. وقال المعهد الأمريكي إنه، خلال المرحلة التي كان فيها التنظيم في أوج نشاطه والممتدة ما بين 2006 و2007، التحق به 36 مغربيا، ينتمون إلى أربع مدن مغربية. وفي سنة 2014، ومع تأسيس تنظيم "داعش"، ارتفع عدد المغاربة إلى 254 من المنضمين إلى تنظيم البغدادي؛ وهو ما يشكل ارتفاعا نسبته 606 في المائة، أي بستة أضعاف، علما أن الرقم المذكور يشمل فقط المقاتلين المغاربة الذين ظهرت أسماؤهم في الوثائق التي حصلت عليها وسائل الإعلام، بالنظر إلى كون الأرقام الرسمية المغربية حول أعداد مغاربة "داعش" تتحدث عن أن عددهم يفوق 1200 مقاتل. وتفيد المعطيات العسكرية الأمريكية بأن الدارالبيضاء كانت المزود الرئيسي لتنظيم القاعدة بالمقاتلين بنسبة 65 في المائة، بالإضافة إلى نسب أقل لكل من طنجة وتطوان. وفي المقابل، تلاحظ الدراسة نفسها أن تنظيم "داعش" نجح في جذب مقاتلين من 36 منطقة مغربية مختلفة، ومن جميع جهات المغرب. ولا تشكل الدارالبيضاء بالنسبة إلى تنظيم "داعش" إلا جزءا يسيرا من مقاتليها بنسبة 4,5 في المائة، ليظهر الفرق الواحد بين التنظيمين.وفي المقابل، تبقى كل من طنجة وتطوان مزودا للمقاتلين لكل من تنظيم القاعدة وتنظيم "داعش". وركزت المؤسسة الأمريكية على الأسباب التي جعلت من مدينة الدارالبيضاء تتراجع في سلم المدن التي ينتمي إليها المقاتلون المنتمون إلى تنظيمات إرهابية، مرجحة بأن السبب الذي جعل من المدينة الأكبر في المغرب تكون مصدرا لسفر 36 مقاتلا لتنظيم القاعدة هو أنه تم تسجيل منطقة انطلاقهم إلى أفغانستان، ويمكن أن يكونوا منتمين إلى مدن أخرى، بالإضافة إلى أنه بعد الأحداث الإرهابية التي شهدتها المدينة سنة 2003 "قامت السلطات الأمنية بجهود كبيرة في مواجهة الإرهاب بالمدينة، وأحبطت العديد من المخططات؛ وهو ما قلص من أعداد المنتقلين من المدينة إلى صفوف التنظيمات الإرهابية".