بسبب خلاف قانوني مع وزارة الداخلية حول الدعم.. بنكيران يناشد أتباع حزبه التبرع لتغطية تكاليف عقد مؤتمره    مجلس حزب الاستقلال بإقليم ميدلت يدعو إلى تخليق الحياة العامة والنهوض بالأوضاع التنموية    مندوبية التخطيط: أزيد من 80٪ من الأسر المغربية تدهورت معيشتها خلال الربع الأول من 2025    المغرب يطلق مناقصة لإنشاء أول محطة لاستقبال الغاز المسال    المدير التنفيذي للوكالة الدولية للطاقة: المغرب نموذج بارز للابتكار    الملك محمد السادس يعطي اليوم انطلاقة أشغال مشروع القطار فائق السرعة "LGV" القنيطرة – ومراكش    الأخضر يفتتح تداولات بورصة الدار البيضاء    حشود غفيرة تودع البابا فرنسيس    الجيش المغربي يجري مناورات "فلوطيكس 2025" في المتوسط لتعزيز جاهزية البحرية    اتحاد طنجة يحتج بشدة على "المهزلة التحكيمية" ويطالب بفتح تحقيق عاجل    طنجة… توقيف مواطن فرنسي من أصول مغربية للاشتباه في تورطه في تهريب مواد قابلة للاشتعال تشكل خطرا على الأشخاص والممتلكات    توقعات أحوال الطقس لليوم الخميس    الحبس ثلاث سنوات لشرطي وسنتين لآخر وتبرئة الثالث في قضية ياسين شبلي ومحاميه يصف الأحكام ب"الصادمة"    وعي بالقضية يتجدد.. إقبال على الكتاب الفلسطيني بمعرض الرباط الدولي    الصين تعلن عن التجارب الجديدة لعلوم الحياة في محطة الفضاء    التوترات التجارية.. واشنطن تعتزم تقليص الرسوم الجمركية على الصين    في 58 دائرة انتخابية.. "الأحرار" يهيمن على نتائج الانتخابات الجماعية الجزئية    الرجاء يتجاوز الحسنية والجيش الملكي يعزز الوصافة بعد فوزه على الشباب السالمي    خالد بوطيب يجبر فيفا على معاقبة الزمالك    كيوسك الخميس | المغرب وجهة استراتيجية للمصنعين الأوروبيين للسيارات    شراكة رائدة بين بيوفارما و الفدرالية المغربية لمربي أبقار سلالة أولماس – زعير لتطويرهذه السلالة المغربية    مجلس حقوق الإنسان يقدم مجموعة توصيات لتغيير قانون المسطرة الجنائية    تسجيل 185 هزة ارتدادية بعد زلزال اسطنبول    وفد من المتطوعين الهولنديين يختتم زيارته لمنطقة الريف    جهة الداخلة – وادي الذهب تضع الاستثمار في صلب دينامية التنمية الجهوية    قصف ليلي يخلف 9 قتلى في كييف    إيواء شاب يعاني نفسيا مستشفى انزكان بعد احتجاج عائلته على عدم قبوله    "الذكاء الاصطناعي" يرشد الفلاحين بالدارجة في المعرض الدولي بمكناس    برادة يحوّل التكريم إلى "ورقة ترافعية" لصالح المغاربة و"اتحاد الكتاب"    السبتي: العنف الهستيري ضد غزة يذكّر بإبادة الهنود الحمر و"الأبارتايد"    طنجة.. مصنع كبير "يطمع" في الرصيف ويشوّه وجه المدينة! (صور)    منتوج غريب يتسبب في تسمم 11 طفلا باشتوكة    مشاركة OCP في "سيام".. ترسيخٌ للعنصر البشري في التحول الفلاحي    ريال مدريد يقلص الفارق مع برشلونة    موتسيبي: نجاح كرة القدم في المغرب يجسد القيادة المتبصرة للملك محمد السادس    خبراء ينادون بتدريس التنشيط الرياضي    بنعلي تعلن عن إنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور على خلفية ارتفاع لافت للاستثمار في الطاقات المتجددة    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    مقاضاة الدولة وأزمة سيادة القانون: الواقع وال0فاق    الحكم الذاتي والاستفتاء البعدي!    الأردن تعلن حظر جماعة 'الإخوان المسلمين'    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    "بي دي إس" تطالب بالتحقيق في شحنة بميناء طنجة المتوسط متجهة إلى إسرائيل    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حرية المعتقد في دولة "إمارة المؤمنين لكل الديانات"
نشر في هسبريس يوم 29 - 11 - 2016

يبدو أن الملك أكثر تفتحا من كثير من الفاعلين الدينيين والقانونين في هذا الوطن، فقد سبق وأن دعا في خطبة "ثورة الملك والشعب" إلى خيار التنوير في فهم الدين الإسلامي، واعتبر ادعاء امتلاك الحقيقة الدينية من طرف بعض الجهات واحتكار الدين الصحيح دافعا نحو التطرف. وها هو الملك يصرح في لقاء صحفي مرة أخرى بأنه أمير للمؤمنين من كل الديانات وبأن الإسلام المغربي معتدل وسمح...أليست هذه إشارات قوية على كل المتنورين من رجال الدين ومن المثقفين بمختلف إيديولوجياتهم التقاطها و تبنيها والالتحام حولها ومعها لتشكيل جبهة قوية تضغط لإعادة صياغة القوانين التي تستمد شرعيتها من الدين وفق فهم صحيح ومنفتح لهذا الدين غير متناقض مع منظومة حقوق الإنسان الكونية التي تقر حرية المعتقد كحق إنساني مقدس !!
في هذا الإطار نقول إذن: إن المرجعية المؤسسة للحرية الدينية، والضامنة لبقائها واستمرارها؛ مرجعية تضرب جذورها في تعاليم الدين الإسلامي نفسه، وما علينا إلا إعادة قراءته جيدا، فالدين (بخلاف ما يُعتقد) هو المؤسس للحرية الدينية، تكليفا وإيمانا، وتفصيلا وتشريعا، وكل إخلال بهذه الحرية الدينية إنما هو إخلال بالدين في مقتضياته الإيمانية والتشريعية.
لابد لكل متأمل في منهجية ترسيخ الإيمان في القرآن أن يستنتج ضمانات حرية الضمير منها، فالقرآن يدعو إلى تحرير العقل من سلطان الأهواء والشهوات التي من شأنه أن تقيد حركته الحرة في التفكير، يقول القرآن في هذا الهدف: "أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَٰهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلًا" (الفرقان 43)، ثم إن القرآن نفسه ينكر بشدة على أولئك الذين سلطوا على أنفسهم سلطانا خارجيا يتبعون ما يرشدهم إليه من المعتقدات، فيفقدون بذلك حريتهم في التفكير والاعتقاد في قوله بلسان هؤلاء: "قَالُوا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءَنَا عَلَىٰ أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَىٰ آثَارِهِم مُّهْتَدُونَ" (الزخرف 22) وكذلك قوله "وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ اتَّبِعُوا مَا أَنزَلَ اللَّهُ قَالُوا بَلْ نَتَّبِعُ مَا أَلْفَيْنَا عَلَيْهِ آبَاءَنَا ۗ أَوَلَوْ كَانَ آبَاؤُهُمْ لَا يَعْقِلُونَ شَيْئًا وَلَا يَهْتَدُون" (البقرة 170).
نكتفي بهاتين الآيتين وإن كانت الآيات التي تقر الحرية الدينية وتدعو إليها كثيرة، فالقرآن يدعو لإعمال العقل وتبني التفكير الذاتي الذي يعد قوام حرية الاختيار، بل إنه تجاوز هذه الدعوة للتوعد بمعاقبة من استغنى عن هذه الخاصية التي وهبه الله بقوله "وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ" (الملك 10)
فإذا ما مارس الإنسان حرية التفكير والاعتقاد فسينتهي إلى ما يكون له أجر عليه بذلك - حتى ولو انتهى إلى دين آخر أو إلى اللاّدين - لأنه اختيار حرّ وصل إليه بعد عناء التفكير عبر استخدام ملكة العقل التي ميّزه الله بها عن باقي خلقه، أما وإن أخل بذلك فنصّب على عقله سلطانا من آباء وأجداد ورهبان وكهّان ووسائل إعلام وأبواق غواية... فعليه أن يتحمل مسؤوليته إزاء ما انتهى إليه من معتقدات...لأن الله مكّن الإنسان من حرية الاعتقاد تمكينا فطريا وشرعيا معا، ومن فرّط في هذه الحرية إنما يفرط فيها عن طواعية وليس له حجة غير أنه كسول لا يقوى على تشغيل عقله، فوهبه جملة ل"مجرمين" يتلاعبون به ويقودونه وفق مصالحهم الشخصية، ومن هؤلاء المجرمين من صار فاحش الثراء متوسلا غباء من يرسلهم للانتحار انفجارا للظفر بالحور العين...فتحميل القرآن الإنسان هذه "المسؤولية" لم يأت عبثا، وإنما لخدمة الإنسان نفسه وتكريما له، وتلك المسؤولية هي أقوى الضمانات للممارسة الفعلية لهذه الحرية.
الحديث عن الحرية الدينية لا يستقيم اليوم دون ربطه بالقانون، وإلا ظل مجرد ترف فكري وتغريدا خارج السرب، فلابد من خاصية "التفعيل"، ولتفعيل حرية المعتقد في مجتمعنا يجب ضمان الحق في إظهار المعتقد والتعبير عنه قولا وفعلا، بالتصريح به علنا وبممارسة عباداته وشعائره أنى كانت، ويدعم هذا ما يدعو إليه القرآن من حرية الاعتقاد؛ لأن منع الإنسان من التعبير عن معتقده سيسقطه في نوع من النفاق، فيصرّح بعكس ما يؤمن به، وقد يقيم طقوسا دينية لا يؤمن بها، إنما يفعل ذلك خضوعا ل "قهرية" المجتمع والقانون التمييزي، وهذا حال بعض الملحدين واللادينيين وكذلك معتنقي مذاهب وديانات أخرى في المغرب.
لم يعد مقبولا اليوم تحت أي مسوغ ممارسة القهر على الناس باسم الشرع والقانون، فإن كان على القرآن (وهو المصدر الأول للتشريع) فإنه يقرّ بحرية الاعتقاد ويلزم بها...وما على المشككين إلا إعادة قراءة القرآن بذهن خال من المؤثرات التفسيرية المتطرفة التي ألحقت به عنوة لتشويهه...وأما عن القانون؛ فليس يوجد أي مسوغ لاستمراره في الرقابة على ضمائر الناس ومصادرة حرياتهم الفردية والجماعية باسم الدين، فليس من المعقول أن تحاكم شخصا ب"تهمة" أو قانون يستمد شرعيته من دين (أو بالأحرى تفسير معين لهذا الدين) لا يدين به أصلا، إن كان الله بجلاله استنكر هذا، فكيف نفعله نحن !!!
*باحث سوسيولوجي بمختبر LAREPS بجامعة فاس
[email protected]
https://www.facebook.com/rachid.sociologie.7


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.