في ظل انقضاء أكثر من أربعين يوما دون تمكن عبد الإله بنكيران، رئيس الحكومة المكلف بتشكيلها، النجاح في مهمته باتت تطرح الكثير من الأسئلة حول المدة المحددة لحكومة تصريف الأعمال والمهام الموكولة إليها. وفي هذا الإطار، يقول رشيد لزرق، الباحث في العلوم السياسية، إنه في انتظار استئناف المشاورات بين الحلفاء المفترضين لتشكيل الحكومة، يتبين أن عمر حكومة تصريف الأعمال سيطول، إلى أن يحصل التوافق الواجب لتشكيل الأغلبية، وإعلان تشكيل الحكومة الجديدة ونيلها ثقة مجلس النواب؛ الأمر الذي يطرح إشكالا دستوريا متمثلا في طبيعة صلاحيات وسلطات حكومة "تصريف الأعمال" والمهلة المحددة لهذه الحكومة. وأشار لزرق، في تصريح لهسبريس، إلى أن الدستور المغربي لم يحدد فترة محددة لتشكيل الحكومة مضيفا: "وهذا الأمر يجعلنا نطرح سؤالا حول ما هي الأعمال الإدارية التي يمكن للحكومة القيام بها؟ ولمن سلطة المحاسبة في ظل عدم تشكل أجهزة مجلس النواب، ومن هي الجهة التي تمتلك السلطة الفعلية في هذه الحكومة؟ ومن الجهة المخوّلة لمحاسبة الوزير المختص في حال أخطأ في اتّخاذ قرارٍ ما؟". وأضاف الباحث في العلوم السياسية: "وبما أن الدستور المغربي لم يتطرق لحدود حكومة تصريف الأعمال، فإن دور الفقه والاجتهاد مهم لتحقيق هذه الغاية"، حيث يجب اتّخاذ كلّ الإجراءات والتدابير باستثناء تلك التي تخضع للرقابة البرلمانية وتثير المسؤولية الوزارية أمام مجلس النواب". وأكد لزرق أن القانون التنظيمي رقم 13.065 المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة والوضع القانوني لأعضائها يشرح القواعد الخاصة بتصريف الحكومة المنتهية ولايتها ومهام الحكومة الجديدة، منبها إلى أن الفصل ال36 من القانون التنظيمي يفسر الفصلين ال47 وال87 من الدستور، كما أن المادة ال 37 في الفقرة الأولى منها تحدد اختصاصات حكومة تصريف الأعمال، وهي "تصريف الأمور الجارية" واتخاذ المراسيم والقرارات والمقررات الإدارية الضرورية، والتدابير المستعجلة اللازمة لضمان استمرارية عمل مصالح الدولة ومؤسساتها، وضمان انتظام سير المرافق العمومية. في حين أن الفقرة الثانية عملت على تقييد صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، وهي كل الأعمال التي "من شأنها إلزام الحكومة المقبلة، بصفة دائمة ومستمرة وخاصة، المصادقة على مشاريع القوانين، والمراسيم التنظيمية، وكذا التعيين في المناصب العليا". وأشار المتحدث إلى أن "تصريف الأعمال في النطاق الضيّق يعني تسيير الأعمال الإدارية العادية، والتي لا تتّصف بالأعمال الإجرائية، أي الأعمال التي تستوجب أخذ القرارات التي تضمن السير العادي للمؤسسات، وتكون ملزمة للحكومة التي ستأتي من بعدها، وانعقاد المجلس الحكومي في ظل حكومة تسيير الأعمال يكون بكيفية طارئة وفق ما يستوجب أخذ القرارات الاستثنائية"، مؤكدا في هذا الإطار على ما أسماه "مبدأ استمرارية الدولة". وشدد الأستاذ الباحث في العلوم السياسية على أنه ينبغي في أسرع وقت ممكن انتخاب هياكل مجلس النواب؛ وذلك انطلاقا من مبدأ "فصل السّلطات وتعاونها"، وأن لا يكون رهينا بتشكيل الحكومة بالنظر إلى ما له من صلاحيات بموجب الدستور، "والتي تخول له اتّخاذ أيّ قرار يريده في ظلّ حكومة تسيير الأعمال، بحيث لا يحقّ لرئيس للحكومة تعطيل السلطة التشريعية بسبب تقاعسه عن أداء مهمّاته"، حسب تعبيره. وزاد رشيد لزرق قائلا "هنا يلزم الفرقاء السياسيين أن يتوافقوا وأن يبادروا إلى إظهار تعلّقهم بالبلد وبشركائهم قبل أيّ شيء آخر، لضرب كلّ المخاطر والفتن المحيطة بنا والحفاظ على صيغة التوافق ومصلحة الوطن، عبر تقديم مشروع قانون المالية، فتسيير الأعمال هو مبدأ دستوري". وأردف الأستاذ الباحث في العلوم السياسية قائلا: "إن الحاجة ملحة لضرورة استكمال انتخاب أجهزة مجلس النواب كإجراء يفك حالة الانحباس السياسي ويجعل اللجان البرلمانية تمارس مهامها العادية في الاجتماع ومناقشة كلّ المواد التي يقرّر مكتب المجلس وضعها على جدول الأعمال من دون أن يتأثر ذلك بالضرورة بواقع بعدم تشكيل الحكومة".