ينص الفصل ال47 من دستور المملكة المغربية في فقرتيه الأولى والثانية على ما يلي: "يعين الملك رئيس الحكومة من الحزب السياسي الذي تصدر انتخابات أعضاء مجلس النواب، وعلى أساس نتائجها. ويعين أعضاء الحكومة باقتراح من رئيسها". انتهى منطوق الفصل. يتبين، من خلال مراجعتي لهذا الفصل وكذلك للقانون التنظيمي المتعلق بتنظيم وتسيير أشغال الحكومة، أن تشكيل الحكومة من اختصاص الملك ورئيس الحكومة معا، حيث للملك التعيين ولرئيس الحكومة الاقتراح. لهذا، فإن المفاوضات الجارية لتشكيل الحكومة هدفها تشكيل أغلبية وليس تشكيل حكومة، حيث يمكن للملك باقتراح من رئيس الحكومة تشكيل حكومة بكل سهولة؛ لكن المشكل هو تنصيب الحكومة، فتنصيب الحكومة أمام البرلمان ينظمه الفصل ال88 من الدستور الذي ينص على ما يلي: "بعد تعيين الملك لأعضاء الحكومة، يتقدم رئيس الحكومة أمام مجلسي البرلمان مجتمعين، ويعرض البرنامج الذي يعتزم تطبيقه. ويجب أن يتضمن هذا البرنامج الخطوط الرئيسية للعمل الذي تنوي الحكومة القيام به، في مختلف مجالات النشاط الوطني، وبالأخص في ميادين السياسة الاقتصادية والاجتماعية والبيئية والثقافية والخارجية. يكون البرنامج المشار إليه أعلاه، موضوع مناقشة أمام كلا المجلسين، يعقبها تصويت في مجلس النواب. تعتبر الحكومة منصبة بعد حصولها على ثقة مجلس النواب، المعبر عنها بتصويت الأغلبية المطلقة للأعضاء الذين يتألف منهم، لصالح البرنامج الحكومي. انتهى منطوق الفصل. فتنصيب الحكومة أمام البرلمان يفرض أن تكون للحكومة أغلبية في مجلس النواب تمنحها الثقة لتعتبر حكومة شرعية وتستأنف مهامها رسميا وكذا لكي تمرر الحكومة كل القوانين التي تريدها بدون أي عراقيل، بمعنى أن النواب التابعين للأحزاب المشكلة للحكومة يجب عليهم التصويت على البرنامج الحكومي بدون مناقشة ولو كان دون المستوى المطلوب وكذا الحال بالنسبة إلى كل القوانين التي تضعها الحكومة لدى السلطة التشريعية. وهذه في نظري ليست بديمقراطية؛ بل تحكم للحكومة في مجلس النواب وكبح لسلطته التشريعية الذي يجب أن يكون موضوعيا ومنحازا إلى الشعب وليس للأغلبية الحكومية؛ لكن هذا يفرض وعيا عاليا لدى نواب الأمة بأولوية مصلحة الشعب الذي صوّت عليهم على المصالح الحزبية الضيقة. وهذا منعدم طبعا في برلماننا، وقد بينته التجارب السابقة. *باحث في الدراسات السياسية والدولية