بعد ما يزيد عن عشرة أيام من اجتماع اللجنة المركزية لحزب العدالة والتنمية، اختار "إعلام البيجيدي" أن يبث كلمة الأمين العام عبد الإله بنكيران التي همت رسائلها حالة "البلوكاج" المرتبطة بتشكيل الحكومة بعد أزيد من شهر على تنظيم الانتخابات. ويبدو أن الحزب الذي يقود الحكومة يرى أن المدة الفاصلة بين اجتماع لجنته المركزية وتاريخ بث الشريط المصور لكلمة رئيس الحكومة لم تعرف حركة على مستوى تشكيل الأغلبية؛ لذلك اختار بنكيران أن يحتفظ بالرسائل نفسها التي وجها قبل زمن. الدكتور رشيد لزرق، باحث في علم السياسة، يرى أن "تعمد بنكيران الاحتفاظ بالتسجيل لمدة 10 أيام أو أكثر يصب في اتجاه تصلب في الموقف"، معتبرا ذلك "استباقا لأي رأي يمكن أن يتجه في إطار دعوة الجميع أن يتحلوا بثقافة التنازل والالتقاء في المنتصف خدمة لمصالح الدولة وشعبها". واستغرب لزرق، في تصريح لهسبريس، من بث رسائل الحزب الداخلية إلى الفرقاء في وقت يؤكد فيه الجميع على "ضرورة إنهاء حالة الترقب في إطار الحفاظ على الشرعية تحت سقف الدستور والقانون"، منبها إلى أن "البلاد تمر بوضع حساس، وهذا ما يفرض على كل الأطراف بذل مزيد من الجهد للوصول إلى توافق". "الخطاب الذي وجه الملك كان يصب في وقف هذه الانزلاقات؛ وبذلك فإن بنكيران رفع السقف ووضع خطوطا حمراء في وجه أي مفاوضات"، يقول لزرق الذي أوضح أن اختيار الوقت هدفه "عدم التصادم مع المؤسسة الملكية، وفي الوقت نفسه عدم تقديم التنازلات التي يفرضها منصبه كرئيس للحكومة المسؤول الأول على تشكيل التحالف"، مشيرا إلى "ما يتطلبه ذلك من التحلي بمنطق رجل الدولة عبر الترفع عن التجاذبات الحزبية، وتشكيل حكومة تنكب على الملفات الحارقة وتخدم مصلحة البلاد". وسجل المتحدث نفسه أن بث الشريط المذكور يعد من التكتيكات التي تستخدم في حالات مضبوطة لتحقيق بعض المكاسب، مبرزا أن الهدف "هو إيجاد الظروف المواتية التي يؤدي فيها التفاعل بين المفاوضين إلى الاتفاق على شروط تحقق على الأقل أدنى أهدافهم". وأكد الباحث في الشأن الحزبي المغربي أن "تهديد بنكيران بوضع المفاتيح هو حمل الشركاء السياسيين المفترضين على تقديم تنازلات"، معتبرا "هذه التهديدات أخذت مظاهر عديدة في السابق". وكانت رسائل بنكيران موجهة بالخصوص إلى حلفائه المفترضين؛ أولهم حزب التجمع الوطني للأحرار، الذي استغرب لمطالبه بعد تحالفه مع حزب الاتحاد الدستوري، وكذلك الأمر بالنسبة للحركة الشعبية، بالإضافة إلى حزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية. وقال بنكيران في هذا الصدد: "أخنوش الذي أكن له احتراما كبيرا، جاء بشروط لا يمكن القبول بها، وكذلك الأمر بالنسبة للاتحاد الاشتراكي الذي طلب رئاسة مجلس النواب والتي لا يمكن تدبيرها بدون الأغلبية". وبعدما قال: "قد نتمكن من تشكيل الحكومة وقد لا نشكلها، وتشكيلها مهم بالنسبة للوطن"، أضاف بنكيران "لن أقبل أن تتم إهانة المواطنين، وأن يتصرف أي كان كأنه هو رئيس الحكومة؛ لأن الديمقراطية قالت كلمتها والأصوات هي المحدد، رغم الأموال والنفوذ"، معتبرا أن "الديمقراطية انتصرت للعدالة والتنمية، لكن أصوات المواطنين لا تساوي شيئا عند بعض الأحزاب وبعض الجهات". بنكيران أنهى رسائل مؤكدا: "لن نتراجع عن حزب الاستقلال رغم ما فعله شباط؛ لأنه وقف موقفين؛ حيث رفض الاتفاق على المذكرة التي جمعت لها المعارضة والأحرار ورفعها للملك"، و"رفض كذلك أن يساهم في انتخاب رئيس مجلس النواب خارج الأغلبية، وهو موقف صعب في المغرب ودْيَالَ الرُّجْلة".