أفسد ترشح كريم غلاب لرئاسة مجلس النواب على فرق الأغلبية احتفالها بالتوقيع على ميثاقها الجديد، بعد أن تحولت المناسبة إلى ما يشبه بعث تحذير جماعي للنواب من الخروج عن بيت الطاعة الحزبي، مع ضرورة التحلي ب«الرجلة»، على حد تعبير رئيس الحكومة عبد الإله بنكيران، من خلال الحضور الجماعي، والتصويت على الطالبي العلمي بصفته مرشحا للأغلبية لرئاسة مجلس النواب. ورغم الحرص على بعث رسائل مفادها أن الأغلبية منسجمة وأنها استطاعت أن تعمل بشكل جيد خلال الستة أشهر الماضية، فإنه ظهر جليا أن قرار غلاب أربك أحزاب الأغلبية بعد أن توحد زعماؤها، أول أمس، في التأكيد على أن معركة رئاسة مجلس النواب تشكل محطة حاسمة لترجمة مضمون الميثاق وتقديم إشارات داخلية وخارجية حول تماسك الأغلبية. وبعث بنكيران رسالة تحذير واضحة من أي تلاعب قد يقلب النتيجة، ويجعل الأغلبية في موقف حرج، حين قال إن الأحزاب السياسية ليست مجالا للتلاعب بل «مجالا للوفاء بالعهود والوعود»، ومجالا «للرجلة» التي قال إنها مطلوبة أيضا في النساء مادام أن «بعض الرجال لا يتوفرون عليها». وقال بنكيران: «نحن بصدد التعبئة للتصويت على رئيس مجلس النواب»، وطالب برلمانيي حزبه بالحضور جميعا للتصويت على مرشح الأغلبية، كما التمس من كافة أعضاء مجلس النواب من الأحزاب الأخرى الحضور، وقال «قررنا أن نعتمد تصويتا يدخل الدفء لقلب المواطن»، وأضاف «أتمنى ألا تخيبوا ظني، والتصويت يجب أن يكون يوم فرحة». ولم يفوت بنكيران المناسبة دون تقطير الشمع على غريمه حميد شباط، الأمين العام لحزب الاستقلال، عندما علق على حصيلة التحالف الجديد وهو يوجه كلامه إلى مزوار، «لا أذكر يوما تلبدت فيه السماء بالغيوم وفي الحقيقة ارتاحينا.. والله يدومها راحة». والتقط صلاح الدين مزوار الرسائل الواردة في كلام بنكيران من خلال تأكيده على أن أحزاب الأغلبية أصبحت بمثابة «عائلة واحدة»، وقال: إن محطة انتخاب رئيس مجلس النواب لن تكون إلا تكريسا لهذه الروح التي تجمع العائلة. واعتبر مزوار أن النضج السياسي يفرض الالتزام، وأن حزبه تعود على الوفاء بالتزاماته، مشددا على أن ستة أشهر التي مضت من زمن الحكومة في نسختها الثانية أكدت «أننا بنينا تحالفا على أسس واضحة ما يبرر طول مدة المشاورات التي استغرقها تشكيل الحكومة». ولم يخرج الأمين العام لحزب الحركة الشعبية عن نغمة المطالبة بالتصويت لفائدة مرشح الأغلبية، وقال إن إخلال أي عضو بذلك يشكل إخلالا باتفاق الأغلبية، قبل أن ينبه إلى أن المعركة الأساسية بالنسبة إلى حزبه، وإلى باقي أحزاب الأغلبية هي تسريع وتيرة الإصلاحات استعدادا للاستحقاقات القادمة، وقال: «لن نواجه الناخبين بالانسجام بل بحجم الإصلاحات والمشاريع المنجزة». واستعار العنصر، ضاحكا، كلمة التشويش التي اشتهر بها بنكيران، وقال إن المواطن المغربي «حاضي»، ودعا إلى تكذيب كل التكهنات وقطع الطريق على كل من يريد التشويش. من جانبه، نوه نبيل بنعبد الله، الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية، بأداء الأحرار داخل الحكومة التي سرعت وتيرة عملها على حد تعبيره، وقال: «كانت هناك ممارسات عانينا منها، واضطرابات أثرت على الأغلبية وعلى وتيرة العمل الحكومي، واليوم قللنا من الهضرة والجدل العقيم ورفعنا شعار إلى العمل»، ونبه إلى أن مناسبة التصويت على رئاسة مجلس النواب ستكون محطة لإعلان قوي عن تماسك الأغلبية وتناغهما.