لم يحد اللقاء التواصلي لأحزاب الأغلبية الحكومية الذي عقدته ليلة أول أمس الخميس في مركز مولاي رشيد للرياضات بضواحي مدينة سلا، عن بعث رسائل الطمأنة التي تبادلها قادة الأغلبية الحكومية فيما بينهم وعلى مسمع من برلمانيي الأحزاب الأربعة المشاركة في الحكومة. رئيس التحالف الحكومي عبد الإله بن كيران الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ،أبدى الكثير من التفاؤل بقدرة أحزاب الأغلبية المشكلة للحكومة في إتمام ما تبقى من ولايتها في نوع من الانسجام، "الذي لازمها طيلة الستة أشهر الأولى من اشتغالها، "أحزاب الأغلبية، يقول ابن كيران، تشتغل في انسجام تام رغم اختلافاتها في المرجعيات، ورغم أنها لن تحل جميع الإشكالات لكن سنتقدم لحلها". ابن كيران لم يحد هذه المرة أيضا عن دور الناصح، معتبرا »أن المجال السياسي لا مجال فيه للعب فللوطن حقوق كبرى وهذه الحقوق تأخذ حجما خاصا في هذه اللحظات، فالمغرب محتاج إلى جرعة قوية من المعقول«، قبل أن يعود لبعث رسائل الطمأنة لمشاركيه في التحالف الحكومي ،مؤكدا »أن الأحزاب السياسية ليست مجالا للتلاعب بل للوفاء بالعهود والرجلة«. في خضم رسائل الطمأنة، صرح ابن كيران أن "التصويت على رئيس مجلس النواب، ليس مجرد إيصال الطلبي العلمي لرئاسة البرلمان"، معتبرا انتخابات الجمعة "نوعا من التنافس بين الأحزاب الأربعة لأننا حسمنا أمرنا أثناء إعادة تشكيل الحكومة في نسختها الثانية وقررنا أن نصوت تصويتا لإدخال الدفء لقلوب المواطنين"، قبل أن يوجه "رجاءه لجميع النواب المنتمين للأغلبية للتصويت جميعا لصالح مرشح الأغلبية". صلاح الدين مزوار رئيس التجمع الوطني للأحرار رد التحية بأحسن منها واعتبر أن الأغلبية عائلة واحدة. مزوار قال إن "ستة أشهر من العمل داخل الأغلبية أكدت بالملموس وبكل إخلاص أننا أصبحنا نشكل عائلة واحدة، عندي قناعة أن الدخول البرلماني الجديد ومحطة انتخاب رئيس مجلس النواب ستزكي الروح التي تجمع هذه العائلة، فمحطة انتخاب رئيس مجلس النواب تشكل إشارة قوية لكون التحالف ناضجا وقادرا على رفع التحديات التي تنتظر وطنا وتنزيل الدستور والرفع من وتيرة الإنجاز خدمة للمواطنين". امحند العنصر الأمين العام للحركة الشعبية وصف اجتماع مكونات الأغلبية الأربعة تأكيدا لاختياراتها والتزاماتها، نافيا في نفس كلامه أن تكون الأغلبية الحكومية تعاني من أي خلافات، على أن الأمين العام لحزب الحركة الشعبية اعتبر أن الانسجام وحده غير كاف، داعيا حلفاءه إلى ضرورة تحقيق إنجازات وتفعيل الإصلاحات رغم الظروف الصعبة، معتبرا انتخاب رئيس مجلس النواب والذي سيمر حسبه تحت رقابة المواطنين، "ستكذب خلاله الأغلبية كل تكهنات المشوشين". الأمين العام لحزب التقدم والاشتراكية نبيل بن عبد الله اعتبر أن الأغلبية الجديدة استطاعت أن توفر شروط الاستقرار للعمل الحكومي والعمل البرلماني، "بعد التحاق التجمع الوطني للأحرار بالتحالف الحكومي، يقول بنعبد الله، قللنا من الجدال العميق وأعطينا نفسا جديدا للعمل الحكومي وعلينا أن نستمر في هذا النهج". إلى ذلك أفرجت الأغلبية الحكومية في نفس الليلة على ميثاقها الجديد، وفق نص الوثيقة المعدلة من ميثاق الأغلبية فأحزاب العدالة والتنمية والتجمع الوطني للأحرار والحركة الشعبية والتقدم والاشتراكية، تسعى مجتمعة في إطار الأغلبية الحكومية حسب ميثاقها الذي تتوفر "الأحداث المغربية" على نسخة منه إلى تفعيل مقتضيات الدستور في اتجاه تحقيق مزيد من الإصلاحات وبناء الدولة الديمقراطية. الميثاق الجديد أكد على ضرورة الالتزام بمستوى عال من التنسيق والانسجام والتضامن في تحمل الأغلبية الحكومية كامل مسؤولياتها الدستورية والسياسية لتدبير الشأن العام وتحقيق الأهداف والبرامج التي التزمت بها أمام المواطنات والمواطنين والإسهام في الرفع من شأن المؤسستين التشريعية والتنفيذية ومصداقيتهما ونجاعة عملهما وإنتاجهما. في الواجهة البرلمانية شدد الميثاق على أهمية المواظبة الفعالة في عمل البرلمان والحكومة وترسيخ حضورهما الوازن كأغلبية برلمانية وسياسية تساهم في بلورة وإقرار السياسات العمومية والدفاع عنها بالجدية والمصداقية المطلوبتين والرفع من مستوى العمل المؤسساتي والسياسي بما يخدم تقدم الممارسة الديمقراطية ونهج الحكامة الرشيدة. ولم تحد الوثيقة المعدلة لميثاق الأغلبية الحكومية عن نص النسخة الأصلية من الميثاق من كون الأغلبية الجديدة على غرار التحالف الحكومي السابق، ستسعى إلى تعزيز المد الإصلاحي الذي أتى به الدستور الجديد والمتعلق بفصل السلط والتوازن بينها وإقرار استقلال السلطة القضائية، وتعزيز منظومة الحريات والحقوق السياسية والمدنية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية واللغوية والبيئية، وبناء صرح الجهوية المتقدمة وإعمال كافة أدوات وآليات الحكامة الجيدة. ودعا الميثاق إلى الارتقاء بالعمل السياسي وتخليق تدبير الشأن العام من خلال التنزيل الأمثل للدستور وتفعيل مبدأ ربط المسؤولية بالمحاسبة، مشيرا إلى ضرورة النهوض بمنظومة الأخلاق والقيم، والتصدي للانحرافات واقتصاد الريع والفساد في كل المجالات المتعلقة بحقوق ومصالح وكرامة وحريات المواطنات والمواطنين. في مقابل تشديد الأحزاب الأربعة على أهمية العمل على تعزيز التضامن بين مكونات الأغلبية وإرساء التشاور والتعاون والتنسيق فيما بينها واحترام التزاماتها وفق آليات متوافق عليها، تمكن من تنظيم وتسيير وتقييم عملها المشترك، دعا الميثاق المذكور إلى فتح قنوات الحوار مع المعارضة، مذكرا بدورها الدستوري وتوسيع التشاور مع القوى الحية في البلاد والإنصات إليها بما يخدم الديمقراطية التشاركية ويوسع مجالات التآزر والتضامن والتفاهم الوطني ويكرس الاستثمار الإيجابي للتعدد والاختلاف.