لسنا من هواة جلد الذات ولا تبخيسها...إنما هو نقد ذاتي لابد منه للبناء من جديد لعلنا نخرج من مستنقع التناقضات الصارخة التي تسبح في وعينا ولا وعينا... نعم، قد يبدو هذا العنوان صادما ومتحاملا لأول وهلة، ولكنه في الحقيقة يعبر عن واقع ثقافي محبط جدا، ومع أطوار المقال سيتبين أنه عنوان في محله، إننا أغبياء حقا ونعيد إنتاج الغباء باستمرار.. الخطاب الديني "للمسلمين" أو بالأحرى "من يتحدث باسمهم" اليوم، ينخره تناقض فظيع جعلنا أضحوكة بين الأمم، إن حالنا اليوم كالذي أطلق على نفسه إسما معينا وأخذ يحارب كل من يناديه بذلك الإسم... نصنع أعداء وهميين ونتشبث بنظرية المؤامرة ونخون ونكفّر كل من وجه سهام نقد لمعتقداتنا، دون أن نكلف أنفسنا الوقوف عندها قليلا وقفة نقدية نسائل فيها أنفسنا قبل أن يسائلنا الآخر... قد تكون مشكلتنا تربوية بالأساس، علّمونا السمع والطاعة فقط إزاء كل ما يتعلق بالدين، برمجونا على التقاط "المعلومات الدينية" كمسلمات لا تقبل المجادلة أبدا، كمادة معرفية لا كأسئلة وإجابات وجودية، إنه المقدس الذي لا يقبل التدنيس، وكل مجادلة فيه تعتبر تدنيسا لقداسته المزعومة...هكذا تتم صناعة الذهنية "الدوغمائية" الإقصائية التي لا تقبل الطعن في مسلّماتها، فيلجأ صاحبها إلى العنف كرد فعل يعتبره دفاعا مشروعا عن "رأسماله الديني". هذا ما يحصل تماما عندما يوجه أي نقد لما ورد في كتب الحديث، وخصوصا تلك التي يعتبرها "الفقه الإسلامي" أصح الكتب بعد القرآن في إشارة إلى "صحيح البخاري"، وقد شهدنا أحداثا دموية عنيفة وأعمال عنف هنا وهناك بعد الفيلم "المسيء للرسول" كرد فعل على المشاهد التي صورت الرسول في صور لم يقبلها المسلمون واعتبروها افتراء على النبي، وكثيرة هي التصريحات المتوالية التي أثارها سينمائيون وصحافيون وسياسيون...والتي اعتبرها المسلمون حربا على الإسلام وإساءة إلى رموزه. لكن ماذا لو وقفنا وقفة تأمل نقدية إزاء ما يحدث، ماذا لو تجاهلنا هؤلاء "التجار" الذين يجيّشون عواطف المسلمين من وراء الشاشات للاغتناء على ظهور جتثهم...ورجعنا إلى كتب الحديث "الصحيحة" لنطالعها ونبحث عن الحقيقة بحسّ نقدي، بعد أن نتخلص من أيديولوجية "المقدس"... لقد اتهموا النبي بأنه "مغتصب أطفال" وحاش لله أن يكون كذلك، ولكن "البخاري" اعتبره كذلك قبل أن يتهمه "الغرب" بالبيدوفيليا، البخاري يقول أن النبي تزوج عائشة في ست سنوات ودخل عليها في تسع...فكيف يكون اغتصاب الطفولة إذن إذا لم يكن هذا اغتصابا، رجل كهل يتزوج طفلة ويذهب بها لتلعب في منزله !!! ودعونا من كل التأويلات والتبريرات الواهية، فلا جوّ الصحراء يجعل منها امرأة ولا هي تقاليد المجتمع ولا هو شيء آخر...لأن الأمر يتعلّق بنبي معصوم مرسل من قبل الله، فهل يرضى الله بهكذا فعل من نبيّه !!! إذن لماذا غضب الرجل في ذلك البرنامج التلفزي الغربي عندما وصفت تلك المرأة السياسية النبي ب "مغتصب أطفال"، فقام الرجل ذو العباءة البيضاء متهجما عليها ليضربها، أليس من الأولى أن يرفع قلما أحمر ويضرب على هذا الحديث الذي يطعن في نبيّه ويناقض روح القرآن، وهو القرآن الذي أثنى على أخلاق النبي ورفع من شأنه ؟ لماذا نصدّق البخاري عندما يخبرنا أنه نبي "مغتصب" ونتقبلها بكل فرح، ونغضب عندما نسمعها من أي طرف آخر، فنكفّره ونزندقه ونسعى لنفيه من الوجود؟ هو الإختلاف فقط في التسميات إذن، لأننا تعوّدنا على المراوغات ولا نحب تسمية الأشياء بمسمّياتها الحقيقية... علينا أن نستفيق من سباتنا الذي طال أمده، وأن نتسلّح بالحس النقدي إزاء أنفسنا قبل أن نحكم على الآخرين بالتآمر والخيانة ... فنزندقهم ونكفّرهم ونقتلهم...فكتب الحديث مليئة بالمصائب التي شوّهت "الإسلام" ونفّرت العالمين منه بما فيه أبناءه الذين تربّوا في كنفه، لا مستقبل لهذا الدين بدون تنقيحه من مختلف الأكاذيب التي ألصقت بالنبي وتبناها المسلمون وتشبثوا بها وحاربوا من أجلها وهم لا يعلمون أنهم يحملون قنابل ستنفجر فيهم من تلقاء ذاتها، أو يفجّرها فيهم آخرون حماية لأنفسهم... الخلاصة أن "صحيح البخاري" ليس صحيحا، فليس جميعه حقا وليس جميعه باطلا، إنما يؤخذ منه ويرد حسب ما يناقضه ويزكّيه القرآن، أما وأن يقدّم كتاب كتبه أناس عاديون على القرآن، فهذا ضرب في دين الإسلام من جذوره وتحريف ما بعده تحريف. فعندما تقرأ حديث زواج النبي من عائشة وهي بنت ست سنوات فليس لديك كثير من الخيارات، هما خيارين فقط حتى تكون منسجما مع نفسك وعقلك الذي وهبك الخالق وفضلك به على كثير من خلقه، فإمّا أن تنتصر للبخاري فتصدّق هذا الحديث وتؤكّد أن نبيّك مغتصب أطفال حقّا، وإما أن تنتصر للنبي فتكذّب هذا الحديث جملة وتفصيلا...أما أنا فأختار الانتصار للنبي، ولك أن تختار ما شئت... [email protected] https://www.facebook.com/rachid.sociologie.7