لم تتمكن الحكومة والأجهزة الإدارية التابعة لها من صرف سوى 51 في المائة من الاعتمادات المالية المخصصة لتمويل مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، ونحو أقل من 45 في المائة من الاعتمادات المخصصة للتكافل الاجتماعي؛ وذلك خلال الشهور التسعة الأولى من السنة المالية الحالية. وأبانت معطيات صادرة عن المصالح المختصة التابعة لوزارة المالية أن المصالح الإدارية المختصة لم تصرف، إلى حدود أواخر شهر شتنبر الماضي، سوى 1.6 مليار درهم فقط لتمويل المشاريع التي تتقدم بها الجمعيات العاملة في إطار المبادرة الوطنية للتنمية البشرية أو المشاريع التي تقودها المصالح المختصة؛ في الوقت الذي جرى تخصيص غلاف مالي إجمالي بقيمة 2.09 مليار درهم في هذا الإطار. البيانات ذاتها أوضحت أن المبالغ المرصودة للجانب المتعلق بالتكافل الاجتماعي قد تجاوزت 4.2 مليارات درهم، إلا أن ما جرى صرفه لم يتجاوز 1.88 مليار درهم في الفصول الثلاثة الأولى من العام الجاري. المحللون الاقتصاديون المتخصصون في المالية العمومية اعتبروا أن هذا الانخفاض في نسبة إنجاز المشاريع المرتبطة بالمبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتكافل الاجتماعي ليس وليد اليوم، ويشمل مجموعة من القطاعات الحكومية الحيوية. وقال أستاذ جامعي خبير في مجال الحكامة والتدبير العمومي، فضّل عدم الكشف عن اسمه، إن هذا التقصير يعكس غياب رؤية وإرادة واضحتين من أجل السير قدما في اتجاه تنفيذ الالتزامات التي تتضمنها القوانين المالية للمغرب؛ وهو ما يحيل إلى الخطاب الملكي الذي طالب بضرورة الاعتماد على الكفاءات. وأضاف المتحدث ذاته: "صحيح أن هناك عجزا حكوميا واضحا في تنفيذ مضامين القانون المالي، وصرف الاعتمادات المالية المخصصة لمجموعة من القطاعات الحيوية، وعلى رأسها القطاعات الاجتماعية، بما فيها مشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية والتكافل الاجتماعي، دون إغفال القطاع الصحي والتعليم ومجالات أخرى". وأوضح الخبير ذاته: "في واقع الأمر فإن هذه الظاهرة يجب ربطها بعامل حاسم يتمثل في غياب الكفاءات التي يمكنها ترجمة هذه الالتزامات على أرض الواقع. وهنا أعني الإدارات المعنية التي تشكل امتدادا طبيعيا للوزارات التي ترصد لها هذه الأموال"، يقول المصدر ذاته.