أثارت عملية اقتناء مجلس المستشارين سيارات جديدة، العديد من ردود أفعال تباينت خلفياتها، بين بعض الجهات التي وإن كنا نستشعر صدقية خلفياتها باعتبارها تنتمي إلى صحوة البساط الأزرق، وتحركها في الكثير من الأحيان منطلقات مبدئية وصادقة،همها الأساسي هو التصدي لكل الممارسات المشينة داخل المرفق العام، وحرصها الشديد على فضح كل الانحرافات التي يتعرض لها المال العام، فإننا بالرغم من كل ذلك يمكن أن نؤاخذ عليها، ونقول بأن انتقاداتها شابها نوع من التسرع، لأنها لم تكلف نفسها عناء الوقوففي حدود التماس من أجل البحث في حقيقة الخبر والتمييز الدقيق ما بين التبذير والتدبير الرشيد للمال العام.(الرجوع إلى مضمون البيان التوضيحي لمجلس المستشارين، بتاريخ:03 نونبر2016. في المقابل نجد جهات أخرى،وصفها بيان مجلس المستشارين ب"المنابر الإعلامية المفضوحة"، والتي تعتبر من صنف أولئك الذين ذكرتهم الآية الكريمة: 10 من سورة البقرة " في قلوبهم مرض فزادهم الله مرضا ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون ". هذه الأخيرة وجدت في عملية اقتناء سيارات جديدة فرصة لتصريف حساباتها السياسية الضيقة، وتفجير أحقادها اتجاه مجلس المستشارين، بعدماأغاضها مستوى الأداء الرفيع الذي ميز عمل هذه المؤسسة في الآونة الأخيرة. لذلك، فلا غرابة أن يتجاهل أصحاب هذه المنابر الفاقدة للمصداقية، المجهودات الكبيرة، وتراكم الانجازات النوعية التي تحققها باستمرار هذه المؤسسة الدستورية، ما دام همهم الوحيد هو الإساءة المجانية لمجلس المستشارين. ألم يكن حريا بأصحاب هذه الأقلام الجافة امتلاك الجرأة الكافيةالتي تقودهم صوب الزوايا التي تحتاج حقيقة إلى الإضاءة؟ إنهم ببساطة يفتقدون للأخلاق المهنية التي تحتم عليهم طرح الأسئلة الجوهرية المرتبطة بأداء مجلس المستشارين. إنهم في مقام أولئك الذين جاء في حقهم قول جل جلاله " ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب أليم بما كانوا يكذبون " سورة البقرة، الآية:7. إن هذه الغشاوة هي التي تجعلنا اليوم نفهم، لماذا مثل هذه المنابر الإعلامية لم تكلف نفسها عناء التعليق والمتابعة وإبداء الرأي، خاصة حولاستراتيجية عمل المجلس، والتي جاءت في صيغة ورقة طريق للفترة 2016- 2018. ألا تستحق تلك الورقة وما تضمنته من رؤية استراتيجية وأهداف رئيسية، ولو القليل من الاهتمام إن كانت لها فعلا غيرة صادقة على هذه المؤسسة ؟ إن هذه الغشاوة، هي التي حجبت الرؤية على أصحاب هذه القلوب المريضة ، وجعلتهم غير قادرين على متابعة التحول الذي يشهده مجلس المستشارين، على الأقل في الآونة الأخيرة، بعدما أصبح حاضنا لقضايا المجتمع ومعانقة هموم المواطنين ومشاكلهم الوطنية والجهوية والمحلية، وكبريات القضايا التي تؤرق الرأي العام، من قبيل: - تنظيم المنتدى البرلماني للعدالة الاجتماعية، المنعقد يومي 19 و 20 فبراير 2016 احتفاء باليوم العالمي للعدالة الاجتماعية، (الذي يصادف العشرين من فبراير، والذي أقرته الأممالمتحدة اعتبارا من الدورة الثالثة والستين للجمعية العامة سنة 2007)، تحت شعار " تنمية الكرامة الإنسانية لتمكين العيش المشترك" تنظيم "الملتقى البرلماني للجهات" في دورته التأسيسية، يوم 6 يونيو 2016، وذلك بمشاركة المجالس الجهوية والغرف المهنية ووكالات التنمية الجهوية، والمؤسسات الدستورية، والقطاعات الوزارية، والفاعلين الاقتصاديين والاجتماعيين والمجتمع مدني، وغيرهم من الفاعلين المعنيين بالجهوية المتقدمة. وكما هو معلوم أن هذا الحدث توج بمخرجات على قدر كبير من الأهمية. تنظيم ندوة دولية حول موضوع "مغاربة العالم والجهوية الموسعة" يومي 27 و 28 يوليوز 2016، بشراكة مع مجلس الجالية المغربية بالخارج وهي مبادرة جاءت نتيجة للتفاعل التلقائي والإيجابي لمغاربة العالم مع التوصيات المنبثقة عن الندوة التأسيسية ل"الملتقى البرلماني للجهات". وتجدر الإشارة إلى أن هذه التظاهرة عرفت مشاركة وازنة لمجموعة من الهيئات المدنية والفاعلين في مجال الهجرة، وانكبت على مختلف الجوانب التي تهم مساهمة مغاربة العالم في ورش الجهوية المتقدمة كخيار استراتجي للمغرب المعاصر. إن هذه الغشاوة هي التي جعلت أصحاب مثل هذه المنابر المدفوعة الأجر، أن تلبس الحق بالباطل وتكتم الحق بالرغم أنها على علم ودراية بالمجهودات التي يبذلها مجلس المستشارين في إطار "النهوض بأدواره الدستورية وتثمين موقعه في المشهد المؤسساتي الوطني، وتحقيق النجاعة المطلوبة على درب تعزيز الحكامة البرلمانية وضمان استرسال التعاون مع المؤسسات الدستورية، مرورا بالقيمة المضافة لإعادة التموقع الاستراتيجي على الصعيد الدبلوماسي سواء تعلق الأمر بالمستوى الدولي أو القاري أو الجهوي أو على صعيد العلاقات الثنائية مع المؤسسات المماثلة، فضلا عن المساهمة النوعية في حشد وتعبئة الدعم اللازم للدبلوماسية الرسمية والتناغم مع أولوياتها المتمثلة أساسا، فيالدفاع عن قضية الوحدة الترابية للمملكة المغربية وتعزيز التوجه الإفريقي ودعم العلاقات جنوب جنوب والانفتاح على فضاءاتجيو- سياسية جديدة في آسيا وأمريكا اللاتينية. هذا غيض من فيض، وفي انتظار زوال هذه الغشاوة، ندعو كل من يبدي قلقه الصادق على هذه المؤسسة، إلى الرجوع للموقع الرسمي لمجلس المستشارين، الذي يضع بين أيديهم وتحت أبصارهم وعلى مسامعهم كل حركات وسكنات المجلس، وفي ذلك فليتنافس المتنافسون.