يبدو من خلال رأي أهل السنة المتعلق بالكفر أنه يكشف بوضوح عدم علم الذين يقولون بالتكفير وبجهالتهم، وبالتالي الكشف عن هويتهم والأقنعة التي يتسترون بها وراء الدين الإسلامي الحنيف .فقد كان هدفهم منها هي إثارة الفتنة و التهديد والتحريض على القتل ليس إلا. وفتاواهم لا علاقة لها بالدين ولا بينة في القرآن والسنة ورأي العلماء و الأئمة من أهل السنة والجماعة الذين يعتبرونها من الاهواء التي استحوذ عليها الشيطان .وفي هذا الصدد سأوضح رأي أهل السنة وبعده سمات الكافرين في القرآن الحكيم بعد الإشارة إلى المرامي التي يسعون إليها من خلال تكفيرهم لبعض رجالات الدولة والكاتب الأول للاتحاد الاشتراكي وآخرين، وسعيهم هو كل من يؤمن بحرية التعبير والرأي، وكذلك ضدا على قيم المجتمع في المساواة والتسامح والاعتدال والتعايش والمواطنة، والديمقراطية التي ضحت من أجلها القوى الديمقراطية في البلد وعلى رأسها الاتحاد الاشتراكي باعتباره امتدادا لحركة التحرير الشعبية إبان عهد الحماية والاستقلال . فقد أدى الثمن غاليا من أجل الاستقلال ومحاربة الظلم والاستبداد بمناضليه ،وبعلمائه كشيخ الاسلام محمد بن العربي العلوي وعمر الساحلي والحبيب الفرقاني رحمهم الله دون إغفال رمز النضال المهدي بن بركة والشهيد عمر بن جلون. وحذار ان يرجع بنا هؤلاء الضالون المتزمتون الى حالة الاستبداد وزعزعة الاستقرار وبذلك يجب زجرهم. وهكذا فالمراد هنا هذ بأهل القبلة هم الموحدون الله في عبادته، المخلصون له في عبادته المخلصون له العاملون بكلمة التوحيد ظاهرا و باطنا، والمصدقون في جميع ما أخبر به النبي، الممتثلون لأمره والذين لم يأتوا بما يناقض لا إله إلا الله ويسمون أهل القبلة مسلمين مؤمنين ما داموا يعملون بما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم ، معترفين بكل ما قاله وأخبر به مصدقين لأننا نعتقد أن المراد بالإيمان الكامل المتضمن للاعتقاد والاقوال والافعال يزداد بالطاعات وينقص بالمعاصي وعليه فإن المراد أيضا من قول أهل السنة «لا نكفر أحدا من اهل القبلة بذنب ما لم يستحله «أي يعتقده أي يستحل الذنوب ويعتبر الحلال حراما والحرام حلالا .وبصفة اساسية هو عدم الاعتقاد بالإيمان وبالإسلام وبأركانهما المعروفة شرعا وبالأساس الاعتقاد الباطني الذي استأثر الله به وحده لا ينفذ إليه العقل البشري ومعرفة ما تكنه الصدور «ان الله عليم بذات الصدور» ..ما أكثر هذه الآيات في الذكر الحكيم واتجاه أهل السنة في هذا الاطار لا يتنافى مع السمات التي عرف بها الكافرون في القرآن وهو ما استقر عليه أئمة المسلمين و المفسرين وكذلك الاحاديث النبوية ويتعلق الأمر باعتبار الانسان كافرا هو الذي لا يومن بما جاء في الكتاب والسنة و يضمره الانسان في قلبه ويصر على موقفه، جاحدا في الاعتقاد المومأ إليه أعلاه. ولا يجب اعتبار الانسان كافرا إلا اذا ثبت صحة عدم الايمان الباطني لديه، أما الاعمال الظاهرية كيفما كانت درجتها من الذنوب والمعاصي وحتى العبادات فيقول الفقهاء بأنها قابلة للتوبة باستثناء الشرك بالله، وذلك بقوله سبحانه « إن الله لا يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء» سورة النساء. و يستفاد من قوله تعالى أنه يغفر ما دون ذلك لمن يشاء أنها تتعلق بجميع الافعال منها معاصي وذنوب ، فهي تخضع لمشيئة الله إن شاء غفر له وإن شاء عذبه وهذا ما جاء في حديث النبوي « لا يزني الزاني وهو مؤمن ولا يسرق السارق وهو مؤمن ولا يشرب الخمر وهو مؤمن لأن باب التوبة» معروضة «. أما بالنسبة للقرآن فقد جاءت الآيتان 6 و 7 من سورة البقرة لتبين سمات الكافرين بوضوح وذلك بقوله سبحانه «إن الذين كفروا سواء أنذرتهم أم لم تنذرهم لا يومنون ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم غشاوة ولهم عذاب عظيم» . وبالرجوع الى مختلف كتب تفاسير المفسرين لهذه الآية، فإنهم يجمعون على أن الكافرين وهم المتصفون بجحود آيات الله وكذبوا رسالة محمد صلى الله عليه وسلم لا ينفع معهم التحذير من العذاب في جهنم ولا الانذار فيهما سواء ، فهم لا يومنون بما جاء في الكتاب والسنة ولا يطمع في إيمانهم و لاينفذ الايمان قلوبهم حيث ختم الله على قلوبهم لأن عليها ختما وغشاوة وذلك بكثرة الذنوب والمعاصي وطمست نور البصيرة فلا يكون للإيمان إليها مسلك أي الى القلوب وذلك بسبب كفرهم وقوله تعالى « ختم على سمعهم و على أبصارهم غشاوة» أي على أسماعهم وأبصارهم غطاء فلا يبصرون فلا يسمعون ولا يفقهون و لا يعقلون لان أسماعهم وأبصارهم كأنها مغطاة بحجب كثيف». هذه هي السمات الواردة في كتب مختلف التفاسير المشار إليها .وبالنسبة للكافرين فقد كان السبب في تعطيل حواسهم هو جحودهم وإصرارهم على الكفر لا ينفع معهم إلا تعطيل الحواس ومصيرهم في الاخرة عذاب شديد. وجاء المرحوم محمد عابد الجابري في تفسيره لهذه السمات المشار اليها في الآيتين 6و 7 من سورة البقرة وذلك في القسم الثالث من كتاب التفسير الواضح ترتيب الايات حسب النزول بقوله «طبع الله على قلوبهم انهم اعترضوا من أول مرة على نبوة محمد (ص) ورفضوا دعوته بصفة جماعية وأنهم أصبحوا بذلك سجناء هذا الموقف وبالتالي لم يعد في إمكانهم أن يومنوا سواء أنذرتهم أم لم تنذرهم . لقد ارتأيت في هذه الاشارة اثارة انتباه المسؤولين لخطورة الفتاوي الرخيصة التي تصدر داخل البلد وخارجه والصادرة عن التكفيريين فاقدي الاهلية وقد يسري عليهم قول الرسول (ص) « إذا قال رجل للآخر أنت كافر فقد باء بها أحدهما» و بذلك ينقلب السحر على الساحر و هذه هي السمات المتعلقة بالكافر الواردة في القرآن والحديث وأهل السنة والجماعة والتي يجب على من يطلع على كل فتاوي التكفير ان يتأكد منها ليلاحظ أنها بعيدة كل البعد عما جاء في الكتاب والسنة من جهة، ثم عدم توفر المكفَّرين على هذه السمات ..هم رجال مومنون مسلمون ومسؤولون سياسيون وحقوقيون ووزراء ونواب برلمانيون اساتذة جامعيون الخ وبكفاءاتهم تدبر شؤون الدولة اقتصاديا وسياسيا واجتماعيا، ومن يرد إخراجهم من الملة فقد أشرك الله فيما استأثر به لنفسه ويتعلق الامر بالإيمان الاعتقادي حيث لا يجوز شرعا تكفير شخص بأفعال ظاهرية ما لم يتم التثبيت من اعتقاده الباطني. وختاما فإن الموعظة توجه لمن يخشى ويتقي الله ليس الذي يتجنبها كما جاء في سورة الاعلى وذلك بقوله سبحانه» فذكر إن نفعت الذكرى إنما يذكر من يخشى ويتجنبها الأشقى الذي يصلى النار الكبرى ثم لا يموت فيها ولا يحيى» أي ليس بميت ولا بحي ولا شك انها حالة التكفيريين شأنهم كشأن من يعظهم الشيطان بالسوء والبغضاء. وهؤلاء كالذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه من الآيات المتشابهة « أَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ» سورة ال عمران ، أي التي فيها اشتباه في الدلالة على كثير من الناس مما يفيد أن قلوبهم تميل عن الهدى الى الضلال فيتبع المتشابه ويفسر الآية القرآنية ويؤولها حسب هواه .