تكمن خطورة و أهمية موضوع عدالة الصحابة الكرام في كونه صمام الأمان للحفاظ على السنة النبوية الشريفة , المصدر الثاني للتشريع في الإسلام بعد القرآن الكريم , ومن هنا كان التركيز عليه بالطعن من قبل أعداء الإسلام لا ينقطع , فبعد استيئاسهم من جدوى طعنهم بالقرآن الكريم , نظرا لحفظ الله تعالى له من التحريف والتبديل , لم يبق لهم إلا أن يطعنوا بالسنة النبوية الشريفة , وطريقهم الخبيث لذلك , هو الطعن بعدالة الصحابة الكرام , الجيل الأول الذي نقل إلينا سنة النبي صلى الله عليه وسلم , فإذا شككوا في عدالتهم فقد شككوا في الوسيلة التي وصلت السنة بها إلينا , وإذا سقطت الوسيلة أصبحت السنة بلا أصل تعتمد عليه , فتسقط تبعا لذلك. لقد كانت هذه الوسيلة طريقة أعداء الإسلام من غلاة المبتدعة الرافضة , وكذلك الخوارج والمعتزلة والزنادقة , ومن لف لفهم من المستشرقين واليهود والنصارى , في الطعن والنيل من السنة النبوية الشريفة .
وقديما صرح بذلك أحد الزنادقة فيما رواه الخطيب البغدادي فى تاريخه عن أبى داود السجستانى قال : ( لما جاء هارون الرشيد بشاكر - رأس الزنادقة ليضرب عنقه - قال : أخبرنى ، لم تعلمون المتعلم منكم أول ما تعلمونه الرفض - أى الطعن فى الصحابة - ؟ قال : إنا نريد الطعن على الناقلة ، فإذا بطلت الناقلة ؛ أوشك أن نبطل المنقول – أي السنة النبوية التي ينقلونها - ) (1)
إن أعداء الإسلام يعلمون تمام العلم , أن الصحابة هم حجر الزاوية في بناء الأمة , ومفتاح الوصول إلى القرآن والسنة , فعنهم تلقت الأمة القرآن الكريم وسنة الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم , فالغض من شأنهم والتحقير لهم طريقهم الوحيد للطعن في هذا الدين , ووسيلتهم لتقويض دعائم الشريعة , فضلا عن أنه تجريح وقدح فيمن جاء مدحهم في القرآن الكريم بقوله تعالى : { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } آل عمران / 110
لذلك عنى علماء الإسلام قديما وحديثا , بالدفاع عن عدالة الصحابة ، لأنه - كما رأيت - دفاع عن الإسلام ، ولم يكن ذلك الدفاع نزوة هوى ، ولا عصبية ؛ بل كان نتيجة لدراسات تحليلية , وأبحاث تاريخية ، وتحقيقات بارعة واسعة ، عرضتهم على أدق موازين الرجال ؛ مما تباهى به الأمة الإسلامية كافة الأمم والأجيال .
تعريف الصحابة عند أهل السنة والشيعة
كلمة الصحابة مشتقة من الصحبة كما هو معلوم في اللغة العربية , فكل شيء لازم شيئا فقد صحبه , ولا خلاف بين أهل اللغة أن ذلك جار على كل من صحب غيره قليلا أو كثيرا , فيقال : صحبت فلانا حولا ودهرا وسنة وشهرا ويوما وساعة , فيقع اسم المصاحبة بقليله وكثيره . (2)
وقد أكد شيخ الإسلام ابن تيمية هذا الأمر بقوله : والأصحاب جمع صاحب , والصاحب اسم فاعل من صحبه يصحبه , وذلك يقع على قليل الصحبة وكثيرها .(3)
وأما اصطلاحا فقد كثرت تعريفات الصحابة , ولكن التعريف المعتمد هو ما قرره ابن حجر ووافقه عليه جمهور العلماء بقوله : وأصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمنا به ومات على الإسلام . (4)
ومن خلال التعريف اللغوي والاصطلاحي , نلحظ ذلك التوافق بين اللغة التي وسعت من مفهوم الصحبة , وبين التعريف الاصطلاحي عند علماء الحديث والأصول وجمهور علماء أهل السنة والجماعة , بينما نلحظ اضطرابا وتناقضا عند الشيعة في تعريف الصحابة , حيث لا يجد الباحث تعريفا واضحا وصريحا يلتزمون به , كما هو الأمر عند أهل السنة والجماعة .
فتارة يشترطون طول الصحبة والملازمة للنبي صلى الله عليه وسلم دون تحديد فترة معينة لهذه الصحبة , وتارة يشترطون السيرة العطرة إلى حين مماته , دون تحديد معنى السيرة العطرة , وتارة يشترطون كونه منتجبا , ويتهمون التعريف السني للصحابة بأنه مبسط وواسع لغاية سياسية , كما ادعى ذلك الشيخ السبحاني بقوله : ولا يخفى أن التوسع في مفهوم الصحابي على الوجه الذي عرفته في كلماتهم – أهل السنة – مما لا تساعده اللغة والعرف العام , فلا تصدق على من ليس له حظ من الرؤية عن بعيد أو سماع الكلام أو المحادثة فترة يسيرة , وأظن أن في هذا التبسيط والتوسع غاية سياسية , فأرادوا بهذا التبسيط صرف النصوص الواردة في ردة ثلة من الصحابة . (5)
وهنا تكمن الطامة الكبرى في تعريف الصحابة الكرام عند الشيعة , فهم لا يعترفون بالصحابة الذين ارتدوا بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم حسب زعمهم , وبالتالي فإن الذين لم يرتدوا – بزعمهم – قلة قليلة جدا , تصل في إحدى رواياتهم إلى ثلاثة فقط , كما جاء في رواية الكليني في الفروع , عن أبي جعفر عليه السلام : كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة , فقلت من الثلاثة ؟ فقال : المقداد بن الأسود وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي ) (6)
ومن جانب آخر يزعمون أن هناك غير هؤلاء الثلاثة صحابة منتجبون كأمثال : عمار بن ياسر وجابر بن عبد الله وحجر بن عدي وهاشم بن عتبة وخزيمة بن ثابت , وغيرهم ممن يختارونهم بغير منهج محدد أو ضابط معتبر .
عدالة الصحابة بين أهل السنة والشيعة
العدالة في اللغة بمعنى الاستقامة وهي ضد الجور , وأما اصطلاحا فهي : ملكة راسخة في النفس تحمل صاحبها على ملازمة التقوى والمروءة , وليس المقصود بالعدل أن يكون برئا من الذنب , وإنما المراد أن يكون الغالب عليه التدين والتحري في فعل الطاعات . (7)
فمعنى عدالة الصحابة عند أهل السنة والجماعة : أنهم لا يتعمدون الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، لما اتصفوا به من قوة الإيمان ، والتزام التقوى والمروءة ، وسمو الأخلاق والترفع عن سفاسف الأمور , وليس معنى عدالتهم أنهم معصومون من المعاصى أو من السهو أو الغلط , فإن ذلك لم يقل به أحد من أهل العلم .
ومما ينبغى أن يعلم أن الذين قارفوا إثما ثم حدوا - كان ذلك كفارة لهم - وتابوا وحسنت توبتهم ، وهم فى نفس الوقت قلة نادرة جدا ؛ لا ينبغى أن يغلب شأنهم وحالهم على حال الألوف المؤلفة من الصحابة الكرام , الذين ثبتوا على الجادة والصراط المستقيم ، وجانبوا المآثم والمعاصى ما كبر منها وما صغر، وما ظهر منها وما بطن ، والتاريخ الصادق أكبر شاهد على هذا . (8)
ويؤكد ذلك الإمام الأبياري بقوله : وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم ، واستحالة المعصية عليهم ، وإنما المراد : قبول روايتهم من غير تكلف بحث عن أسباب العدالة وطلب التزكية ، إلا أن يثبت ارتكاب قادح ، ولم يثبت ذلك ولله الحمد ! فنحن على استصحاب ما كانوا عليه فى زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، حتى يثبت خلافه ، ولا التفات إلى ما يذكره أهل السير، فإنه لا يصح ، وما صح فله تأويل صحيح . (9)
ولكن الشيعة الرافضة أنكروا عدالة الصحابة جملة وتفصيلا , وزعموا أن حكم الصحابة من حيث العدالة كحكم غيرهم , ليس لهم مزية على غيرهم – فهم على حد زعمهم - قوم من الناس لهم ما للناس وعليهم ما على الناس .
قال المجلسي – شيخ الدولة الصفوية ومرجع الشيعة المعاصرين- في معرض حديثه عن عدالة الصحابة , بعد أن ذكر قول أهل السنة فيها : ( وذهبت الإمامية إلى أنهم – أي الصحابة - كسائر الناس , فيهم العادل وفيهم المنافق والفاسق الضال , بل كان أكثرهم كذلك ) (10)
وقال الشيرازي – من الشيعة - : ( حكم الصحابة عندنا في العدالة حكم غيرهم , ولا يتحتم الحكم بالإيمان والعدالة بمجرد الصحبة , ولا يحصل بها النجاة من عقاب النار وغضب الجبار , إلا أن يكون مع يقين الإيمان وخلوص الجنان , فمن علمنا عدالته وإيمانه وحفظه وصية رسول الله في أهل بيته , وأنه مات على ذلك كسلمان وأبي ذر وعمار , واليناه وتقربنا إلى الله بحبه , ومن علمنا أنه انقلب على عقبه وأظهر العداوة لأهل البيت عاديناه لله تعالى وتبرأنا إلى الله منه ) (11)
وقال التستري الشيعي : ( الصحابي كغيره لا يثبت إيمانه إلا بحجة ) وقال في موضع آخر : ( ليس كل صحابي عدلا مقبولا )(12)
وقد تكلم الكاشاني – من مفسري الشيعة - في مقدمة كتابه , عن أخذ الناس من تفاسير الصحابة لآيات القرآن فقال : ( إن هؤلاء الناس لم يكن لهم معرفة حقيقة بأحوالهم – يعني بأحوال الصحابة - لما تقرر عنهم أن الصحابة كلهم عدول , ولم يكن لأحد منهم عن الحق عدول , ولم يعلموا أن أكثرهم كانوا يبطنون النفاق ويجترئون على الله ويفترون على رسول الله في عزة وشقاق ) (13)
وبين الزنجاني – من الشيعة المعاصرين - موقف الشيعة من عدالة الصحابة فقال : ( قول الشيعة في الصحابة أنهم كغيرهم من الرجال فيهم العدول من الرجال والفساق... ) (14)
ونقل المامقاني – من علماء الرجال عند الشيعة - إجماع الإمامية على ذلك فقال : ( قد اتفق أصحابنا الإمامية على أن صحبة النبي بنفسها وبمجردها لا تستلزم عدالة المتصف بها ولا حسن حاله , وأن حال الصحابي حال من لم يدرك الصحبة في توقف قبول خبره على ثبوت عدالته أو وثاقته أو حسن حاله ومدحه المعتد به مع إيمانه ) (15).
وممن نقل إجماع الشيعة الإمامية على إنكار عدالة الصحابة :(محمد جواد مغنية ) وهو من الشيعة المعاصرين , حيث قال : ( قال الإمامية : إن الصحابة كغيرهم فيهم الطيب والخبيث والعادل والفاسق ) (16) إلى غير ذلك من الأقوال الكثيرة التي ذكرها الشيعة منكرين من خلالها عدالة الصحابة رضي الله عنهم .
أدلة عدالاة الصحابة عند أهل السنة
إن العدالة الصحابة الكرام ليست منحة من أحد حتى يتحكم بإعطائها لهم أو لا , بل هي ثابتة لهم جميعا بنص الكتاب العزيز, والسنة الشريفة , سواء منهم من تقدم إسلامه ومن تأخر، ومن هاجر ومن لم يهاجر، ومن اشترك فى الغزوات ومن لم يشترك ، ومن لابس الفتنة ومن لم يلابسها .
من القرآن الكريم : قال تعالى : {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ...} البقرة / 143 , وجه الاستدلال ان وسطا تعني (عدولا خيارا) وهم المخاطبون بهذه الآية مباشرة , واللفظ وإن كان عاما إلا أن المراد به الخصوص . (17)
وقال تعالى { كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتَابِ لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفَاسِقُونَ } آل عمران 110 , أثبتت الآية الخيرية المطلقة لهذه الأمة على سائر الأمم قبلها , وأول من يدخل بهذه الخيرية المخاطبون بالآية مباشرة عند النزول , وهم الصحابة الكرام بلا شك , مما يقتضي بذلك استقامتهم وعدالتهم , فمن البعيد أن يصفهم الله تعالى بكونهم خير أمة , ولا يكونوا أهل عدل واستقامة . (18)
وأما من السنة النبوية الشريفة : فالأحاديث في عدالة الصحابة وبيان فضلهم ومكانتهم أكثر من أن يحصى , ومن ذلك قوله صلى الله عليه وسلم : (ألا ليبلغ الشاهد منكم الغائب ) (19), ففى هذا الحديث أعظم دليل على أن الصحابة كلهم عدول ليس فيهم مجروح ، ولا ضعيف إذ لو كان فيهم أحد غير عدل ، لاستثني فى قوله صلى الله عليه وسلم ولقال : ( ألا ليبلغ فلان منكم الغائب ) فلما أجملهم فى الذكر بالأمر بالتبليغ لمن بعدهم، دل ذلك على أنهم كلهم عدول، وكفى بمن عدله رسول الله صلى الله عليه وسلم شرفا .
ويقول صلى الله عليه وسلم ( خير الناس قرنى ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم، ثم يجئ قوم تَسْبِقُ شَهَادَةُ أَحَدِهِم يَمِيَنهُ ويَميِنُهُ شَهَادَتَهُ ) (20) , وهذه الشهادة بالخيرية مؤكدة لشهادة رب العزة سبحانه بقوله : {كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ} آل عمران /110
ويؤكد ابن مسعود رضي الله عنه ما سبق من الآيات والأحاديث قائلا : إن الله نظر فى قلوب العباد، فوجد قلب محمد صلى الله عليه وسلم خير قلوب العباد ، فاصطفاه لنفسه وابتعثه برسالته، ثم نظر فى قلوب العباد بعد قلب محمد فوجد قلوب أصحابه خير قلوب العباد، فجعلهم وزراء نبيه صلى الله عليه وسلم يقاتلون عن دينه . (21)
إجماع الأمة : وقد أجمعت الأمة – إلا من شذ ممن لا يعتد بخلافهم - على ما سبق من تعديل الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم للصحابة أجمع ، والنقول فى هذا الإجماع كثيرة عن علماء الأمة ، من المحدثين والفقهاء والأصوليين .
يقول ابن الصلاح : للصحابة بأسرهم خصيصة ، وهى أنه لا يسأل عن عدالة أحد منهم ، بل ذلك أمر مفروغ منه لكونهم على الإطلاق معدلين بنصوص الكتاب والسنة ، وإجماع من يعتد به فى الإجماع من الأمة . (22)
ويقول الخطيب البغدادي : إنه لو لم يرد من الله تعالى ورسوله صلى الله عليه وسلم فيهم شئ مما ذكرناه ، لأوجبت الحال التى كانوا عليها من الهجرة والجهاد والنصرة ، وبذل المهج والأموال وقتل الآباء والأولاد ، والمناصحة فى الدين ، وقوة الإيمان واليقين : القطع على عدالتهم ، والاعتقاد لنزاهتهم ، وأنهم أفضل من جميع المعدلين والمزكين ، الذين يجيئون من بعدهم أبد الآبدين , هذا مذهب كافة العلماء ومن يعتد بقوله من الفقهاء . (23)
أما الشيعة الروافض , فرغم وجود كثير من النصوص في كتبهم ومراجعهم تؤكد عدالة الصحابة ومكانتهم عند رسول الله صلى الله عليه وسلم , (24)
إلا أنهم مع ذلك بالغوا في العداء للصحابة الكرام , ولم يكتفوا بعدم إثبات العدالة لهم , بل راحوا يسبونهم ويشتمونهم بأقبح الألفاظ وأشنع العبارات , مما لا يستسيغ المسلم وصفه لمسلم عادي , فكيف لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم , ولم يسلم من هذا الطعن إلا من ثبت في التاريخ ولاؤه لعلي رضي الله عنه , ضمن شروطهم وأهوائهم .
فقد وصفوا أبا بكر وعمر رضي الله عنهما بصنمي قريش وبالجبت والطاغوت , ويطعنون في زوجات رسول الله صلى الله عليه وسلم , وخاصة عائشة وحفصة بنتي أبي بكر وعمر , رغم أنهم يدعون ويزعمون حب آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ؟؟!! (25)
وبينما أورد أهل السنة والجماعة أدلة كثيرة من القرآن والسنة على إثبات عدالة الصحابة , لم يورد الشيعة الروافض أي دليل على عدم عدالتهم , اللهم إلا تلك الروايات المزعومة الباطلة عن أئمتهم المعصومين – كما يدعون – التي تذكر ارتداد الصحابة بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة كما سبق .
ويكفي في الرد عليهم قول شيخ الإسلام ابن تيمية : ( من زعم أنهم ارتدوا – أي الصحابة - بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا نفرا قليلا لا يبلغون بضعة عشر نفسا , أو أنهم فسقوا عامتهم , فهذا لا ريب في كفره , لأنه مكذب لما نص عليه القرآن الكريم في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم , فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة القرآن والسنة كفارا أو فساقا , وأن الأمة التي وصفها الله في الآية ( خير أمة أخرجت للناس ) وخيرها هو القرن الأول , كان عامتهم كفارا أوفساقا , ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم , ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق ..) (26)
وأختم بمقولة رائعة للشيخ الزرقاني : وبعد هذا التحقيق والتدقيق ، خرج الصحابة الكرام من بوتقة هذا البحث ، وإذا هم خير أمة أخرجت للناس ، وأسمى طائفة عرفها التاريخ ، وأنبل أصحاب لنبي ظهر على وجه الأرض ، وأوعى وأضبط جماعة لما استحفظوا عليه من كتاب الله عزوجل , وهدى رسول الله صلى الله عليه وسلم , وقد اضطر أهل السنة والجماعة ، أن يعلنوا رأيهم هذا كعقيدة ، فقرروا أن الصحابة كلهم عدول , ولم يشذ عن هذا الرأى إلا المبتدعة والزنادقة قبحهم الله . (27)