ناقش خبراء في مجال الطب النفسي والعقلي ومسؤولون مؤسساتيون، خلال لقاء جهوي عقد بتطوان، واقع وآفاق العلاجات والتأطير الطبي الخاص بالصحة النفسية والعقلية ، وذلك تخليدا لليوم العالمي للصحة النفسية. وأكد مدير مستشفى الرازي للأمراض العقلية والنفسية بتطوان، الدكتور المصطفى باعجي، أن الهدف من تنظيم هذا اللقاء يتمثل في إبراز خصوصيات هذا النوع من الأمراض وتأثيراتها على المجتمع وكيفية التعاطي معها من الناحية العلمية والاجتماعية وبسط المقاربات التشريعية والقانونية التي تخص هذا النوع من الأمراض. وأضاف أن هذا اللقاء، المنظم بتنسيق مع المندوبية الجهوية لوزارة الصحة والمعهد العالي للمهن التمريضية وتقنيات الصحة، والجمعية المغربية للقابلات، تحت شعار "لنعمل جميعا من أجل صحة نفسية وعقلية مستديمة "، يسعى أيضا إلى مضاعفة الاهتمام المجتمعي بمختلف الأمراض النفسية والعقلية ،لما لها من تأثيرات مباشرة وغير مباشرة على المحيط المجتمعي وتداعيات على واقع عيش بعض الاسر المغربية وعلى الأمن الاجتماعي. وأبرز، في هذا السياق ، أن هذا النوع من الأمراض يتطلب مواكبة خاصة من مؤسسات البحث العلمي ومعاهد التدريس المتخصصة والهيئات المنتخبة لتحسين أداء الموارد البشرية المتخصصة وتوفير آليات الاشتغال لمواجهة التحديات المطروحة ، التي تهم بنيات المجتمع ككل وتستدعي استراتيجيات محلية وجهوية ووطنية متناسقة تتجاوز المقاربات التقليدية وأنماط العلاج القديمة والأحكام اللصيقة بهذا النوع من الأمراض. واعتبر المصطفى باعجي أن التعاطي مع الأمراض النفسية والعقلية لم يعد في الوقت الراهن مقتصرا على الكشف والتتبع الطبي اليومي للمريض بل تجاوز ذلك إلى مقاربات علمية متعددة التخصصات تفرض تكوينا خاصا للموارد البشرية في تخصصات دقيقة، وتوفير بنيات ووسائل عمل تراعي مختلف أنواع الأمراض العقلية والنفسية وتمكن من تحقيق العلاجات للاعتلالات النفسية بشتى أشكالها ،خصوصا مع تطور حالات الإصابة، واطراد النمو الديموغرافي وبروز مسببات متعددة لهذه الامراض ، وتنامي أسباب حدوث الاختلالات النفسية وعدم التوازن الصحي لدى كثير من الناس بسبب ضغط الظروف الحياتية العامة. ودعت باقي التدخلات إلى ضرورة تنظيم حملات دورية توعوية خاصة بالصحة النفسية حتى لا يبقى هذا النوع المرض من طابوهات المجتمع ، وتوسيع الخدمات الطبية والتغطية الصحية الخاصة بهذا المرض المزمن ، واتخاذ كافة التدابير الوقائية التحسيسية والتربوية للحيلولة دون تفشي المرض ،الذي أضحى من "أمراض العصر" . كما طالبت المداخلات بتعميم بنيات الاستشفاء الخاصة بالامراض النفسية والعقلية ، وتوفير الإمكانيات الضرورية المادية واللوجيستيكية لخلق أنشطة موازية علاجية للمرضى ، وتشجيع فعاليات المجتمع المدني والهيئات المنتخبة والأسر على الاهتمام أكثر بهذه الامراض النفسية والعقلية ،ودعم المؤسسات المشرفة على احتضان المرضى وتوفير العلاجات. وخلصت المداخلات إلى أن المقاربات الخاصة بالأمراض العقلية والنفسية يجب أن تأخذ منحى إنسانيا وتربويا وتحسيسيا أكثر منه علاجي، وجعل الاهتمام بهذا المرض قضية مجتمعية تتقاطع فيها كل الجهود المدنية والمؤسساتية.