http://www.facebook.com/elMayssa http://www.elmayssa.com فاتح فبراير 2011: سمعت عن جماعة شبابية افتتحت صفحات على الفايسبوك، تنشد الإصلاح في البلاد وتغيير أوضاع طالت حتى باتت من العادات والمسلمات. سألت واستفسرت عبر النت فقيل لي أنهم شباب مستقلون عن أي توجه فكري سياسي وأن التقاءهم كان عبر صفحات الفايسبوك. غلت دماء الإصلاح في قلبي وبت راغبة في الانضمام إليهم ومشاركتهم أهدافهم في الآن والحين. تواصلت معهم بحسن النوايا مصدقة أنْ لا انتماء لهم. حتى التقيت بأحد أعضائهم في مقهى بالرباط. منتصف فبراير 2011: دار حديث طويل بيني وبين أحد منظمي مجموعة 20 فبراير، وجدت في الحوار تناقضا بين الرغبة في الإصلاح وتحسين أوضاع البلاد وبين نزعات عنصرية كانت تصدر بين الفينة والأخرى عن حديث جليسي. ثم فهمت منه أن هاته المجموعة الشبابية تطمح إلى دولة علمانية لادينية، حيث الإسلام يصبح خاصة الفرد في نفسه دونا عن هيأته وتصرفه، فتقنين العلمانية للدين لا ينتهي عن منع مظاهر الدين في الملبس والقول وحتى العمل. ثم اتضح لي من خلال كلام متحدثي أن جمعية حقوق الإنسان تأطر هؤلاء الشباب، وأنها تمولهم للتنقل بين جهات المملكة لشحن باقي شباب الجامعات للانضمام، وأنها كانت مستعدة لدعمهم في المأكل والمشرب حين كانوا قد قرروا الإقامة أمام البرلمان حتى تحقيق مطالبهم اقتداء بالإخوة المصريين، وأن جماعة العدل والإحسان تساندهم بشبابها وبالتأطير أيضا. عدت إلى البيت في حيرة من أمري، وتدبرت الأمر وأعدت التفكير في أولوياتي، كمسلمة أولا، ثم كمغربية عربآمازيغية، فوجدت أن هذا الجمع الشبابي ينقض كل مبدأ من مبادئي، في علمانيته يسجن إسلامي، في مطالبه الغريبة الغير المحدودة السقف يمس بوحدة واستقرار بلدي، في عنصريته وتعصبه يمس هويتي العربآمازيغية. فقررت الابتعاد وعدم المشاركة البتة. يوم 20 فبريار 2011: في وسط جموع المحتجين في الشوارع، بين يساريين وعدلاويين وشباب من تعسر عليه فهم غنى الهوية المغربية فاختار الانشقاق بجزء منها، اختلطت الأوراق على الأحزاب حين سمعوا عن مطالب إصلاحية ترضي كرامة كل مواطن مغربي، فقاموا للظهور، وللظهور قاموا حتى تُرى وجوههم المقزدرة من على المواقع الاجتماعية على أنهم مناضلوا الزمان حاملوا رايات التغيير والسلام. وتشابهت الأمور على بعض الكتاب، منهم من كان يحمل مشعل الهوية ومافتئ يطفئه ليركب مسيرة التغيير المجهولة الهوية خوفا من التخلف مع المواطنين، مزدريا لقب "المخزني/ البلطجي" ومغتنما الفرصة ليضع عن كاهله ابتزاز المسؤولين، ولما اختلطت عليه الأمور وجد نفسه يدعم العلمانيين والسلفيين في آن واحد. والبعض الآخر من الكتاب بات يلملم بقلمه فتات المسيرات عند كل نهاية مسيرة، بصوت ضعيف هزيل مذبذب يحمل شعارات "ا.ل.ت.غ.ي.ي.ر" لا يكاد يسمع له صوت. يوم 9 مارس 2011: جاء جلالة الملك محمد السادس بخطاب ملكي يعلن عن إصلاحات دستورية، بملكية تضمن الوحدة الترابية العرقية، بإمارة مومنين تثبت هوية كل مسلم مغربي وتعزز قدره وتوسع دائرته وسط المجتمع بتناقضاته والدولة بميولاتها الليبرالية، مخصصا سلطة تنفيذية مطلقة للوزير الأول مع حق تنصيب الحكومة. بينما لقى الخطاب استقبالا مستبشرا من لدن الشعب المغربي كافة بمواطنيه وأحزابه ونقاباته، بقيت أحزاب اليسار والعدل والإحسان بأجندتهم الجمهورية يعضون الأصابع من الغيظ، مستمرين في شحن المغاربة ضد دولتهم وأمنهم واستقرارهم، في خرجات مستمرة متتالية، حتى ضاعت مطالبهم وسط عنادهم مع الدولة. منتصف مارس 2011: تشكلت لجنة مراجعة الدستور، ودعت كل أطياف المجتمع المغربي بأحزابه ونقاباته وجمعياته المدنية للإدلاء برؤيتهم حول الدستور الجديد. وإذا بنا، ولو أنها لم تكن "تلك" المفاجأة، نسمع أن أحزاب اليسار في قناع 20 فبراير يرفضون المشاركة، مشككين في أعضاء اللجنة أنفسهم. أبريل 2011: انكشفت ملامح حركة 20 فبراير لما رفعت شعارات تطالب بإلغاء الفصل 19 من الدستور وبشطب دور إمارة المومنين، معلنين عن رغبتهم في إقامة دولة علمانية بملك يسود ولا يحكم. حينها فقط، سقط القناع عن وجوه اليساريين والعدلاوين، وبدأ الشعب يتراجع عن التعاطف أو حتى تتبع مسيرات هؤلاء. فقررت حركة اليساريين والعدلاوين أن تبدأ خطة الكانيبال. منتصف مايو 2011 بعد أن روج لوجود معتقل سري بتمارة، بدأت طائفة 20 فبراير باستفزاز الدولة، تارة بالحديث عن المعتقل لقنوات معروفة بعدائها للمغرب ولوحدته الترابية، سانحين الفرصة لأعداء الوطن لابتزازه وتشويه صورته، وتارة أخرى بإرسال شباب أرعن "فالطبوبيس" لإقامة "بيك نيك" حول ما قيل عنه معتقل. فما كان للدولة إلى أن استعملت العنف مع هؤلاء الشباب لتفكيك "پيكنيكهم". خطة الكانيبال: وهنا بدأت اللعبة، حيث كثرت الصور والڤيديوهات التي تظهر عنف الدولة، ليلعب اليسار الموحد والعدل والإحسان على حبل حقوق الإنسان. فقرروا تكثيف الخرجات والمسيرات رغما عن أنف الدولة. بل حتى في مسيرات الأطباء اندسوا وسط المحتجين رافعين رايات 20 فبراير لتمييع المسيرة لأغراضهم وأهدافهم، غير أن الأطباء، لوعيهم بمخططهم الحقير، طردوهم من بينهم شر طردة. وفي كل مرة، تجدهم يغررون بالمواطنين لمجابهة النظام وقوات الأمن ليتحملوا فوق طاقتهم البدنية، بينما هم راقدون في بيوتهم ومكاتبهم يستهلكون صور الدماء لبلوغ أغراضهم الشخصية. وحين توفت المنية شخصا من بين المواطنين المغرر بهم لما تحمل من قوات الأمن ما يفوق طاقة جسده في الاستيعاب، استعملوا موته لتصعيد الاضطراب مع الدولة، أخرجوا بذلات المحاماة الباهتة من كل فج عميق ليحاكموا البلاد والعباد، استغلوا جنازته لاستجداء الرأي العام الدولي ولمحاصرة المغرب بذريعة حقوق الإنسان. وكأنهم كانوا يترقبون موت أحدهم ليستفيدوا منه لتحقيق مآربهم، نعم، بل هم يرغبون بأن يضرب الأبرياء ويجرحوا ويموتوا ليصعدوا المسيرات مع الدولة، يريدون الوصول فوق دماء الأبرياء، استغلوا موت شخص لغاياتهم، كانيبال، كولوه حسن! ولا زالت خطتهم الكانيبالية سائرة، بشحن المواطنين للخروج ومجابهة قوات الأمن، ثم استعمال صور المعطوبين والمجروحين "ليلحسوا الكاپة" ويتمرغوا أمام أرجل أوروبا، وفي هذا كله يقف المواطن ليتساءل، ما الهدف، وأين المطالب؟ ضاعت وسط أجندتهم الجمهورية. سأقول لأولئك الكانيبال الذي يستعملون موت الأشخاص الذين جابهوا النظام ليحققوا مآربهم، الله ياخد فيكم الحق. كفى من تضليل الناس وتسمية من مات من المتظاهرين شهيدا، الشهادة شهادة في الله ورسوله دفاعا عن حرمات المسلمين، ومن مات في غير ذلك فقد مات في دنيا أصابها، والوطن دنيا سيفنى بفنائها! لا يختلف عاقلان على أن كل مواطن مغربي يرغب في الإصلاح، لكن كيف لغايتكم أن تبرر الوسيلة، وغايتكم أصلا قمة الماكياڤيلية والخيانة للدولة والشعب. نتمنى من قوات الأمن أن توقف التعنيف، حتى نرى بماذا ستحاصرون الدولة بعد خطتكم الكانيبالية هاته! مايسة [email protected]