بعد التقائي بأحد الشباب اليانع المثقف من منظمي مسيرة 20 فبراير أرجو منكم الصبر وقراءة المقال كاملا لاتخاذ قرار بشأن المشاركة في المسيرة من عدمها المثل يقول: "للّي تلف يشدّ الأرض" الجزء الأول: أوضاع النظام والمعارضة الجزء الثاني: معلومات عن مسيرة 20 فبراير/ رأيي في المشاركة الجزء الأول: أوضاع النظام والمعارضة منذ أن بدأت الكتابة على هسبريس وأنا أدافع عن أفكاري الخاصة بنظام الحكم في المغرب، نظام ملكية تضمن الإسلام والوحدة الترابية والعرقية. ودائما كنت ضد التحجج بالسياسة المخزنية القمعية التي تمتد عبر تاريخ المغرب منذ عهد الأدارسة والتي تعيش في عقول المغاربة أكثر ما تتجسد في واقعهم، تحجج يتمنّع الفرد المغربي عبره عن أي نوع من المشاركة السياسية أو الاجتماعية أو حتى عن ممارسة حقوقه في الانتخابات بالتصويت أو الترشح. ودعيت إلى الحراك الاجتماعي والسياسي عبر طرق ديمقراطية كتوقيع العرائض في العالم الافتراضي للانترنيت ثم التحرك واقعيا عبر إرسالها إلى المسؤولين لفتح مجال الحوار المباشر. وكنت ولازلت متيقنة أن الحشود "لا ماس (بتفخيم الحروف) بالفرنسية" تدعم المبادرة. والدليل القاطع ما حدث في تونس ومصر. فلولا التجمهر العارم على الرأي الواحد لما حدث التغيير. وفكرتي كانت أن الاتحاد حول مطلب واحد عبر عريضة تُوقع ورسائل تبعث إلى المسؤولين بأعداد هائلة أُلوفية أو مليونية، رسائل متضمنة نفس الخطاب ستحدث الصحوة المطلوبة في نفسية الشعب ليخرج في العدم إلى الحراك وفي نفسية مسؤوليه ليستفيقوا مع صحوة الشعب. ثم تنبأت أن هاته الخطوات لن تأتي أكلها إن لم تكن مؤطرة بنسق جمعوي له شرعيته واسمه، أو معارضة صحية غير معادية في مبادئها لعقلية الفرد المغربي المسلم المتوسط المعتدل. وبما أن الجمعيات المغربية أغلبها نائم منعدم النشاط والباقي إما ممخزن يتحرك عبر منطق تنويم الشعب ونشر الغفلة أو أن تحركاته منافية للهوية المغربية، بقيت الأفكار معلقة أشتغل عليها مع بعض القراء وأصدقاء الفايسبوك لكن بأعداد ضئيلة. بالنسبة للمعارضة، فهي ركن هام أساسي لإبقاء النظام، فنظام الحزب الواحد آيل للسقوط، بينما نظام الحزب الحاكم والمعارضة في اختلافه يساند بعضه البعض في تكامل يرضي جميع أطراف الشعب. دائما تحدثت عن انعدام وجود معارضة صحية في المغرب، فأغلب الأحزاب المعارضة المغربية مبادئها اليسارية مخالفة تماما لهوية الفرد المغربي ونشاطاتها لا تأتي للمجتمع بأي نفع ولا إصلاح عدى دس أفكار مناهضة للدين وأسس الجماعة مشجعة للذاتية تدعي عبر الاشتراكية إلى اقتسام الثروات لغرض التأثير بأفكارها على الفقراء من العوام، تصب مطالبها في إطار تضخيم المعارضة نفسها وإعلاء مناصب قائديها. أو أنها معارضة مبنية على العقائدية واللامنطق مقولبة في طوائف دينية تتخذ من الولاء والطاعة نهجا للإبقاء على مسانديها. أو أصوات مشتتة غير واضحة الأهداف والتوجهات. ولذلك بالضبط، دائما كنت ضد من يعادي نظام الملكية في المغرب كون من يعاديه ينتمي بالضرورة إلى إحدى الطوائف الثلاث التي ذكرت: معارضة يسارية طوائف دينية لا عقلانية أصوات مشتتة تفتقر في معارضتها إلى البديل.. هناك مبدأ أتخده منهجا مطلقا لفرز الأشخاص ذوي الأفكار النافعة عن الأشخاص التي تتحدث من فراغ، وهو المبدأ التالي: "إن لم تكن متفقا مع فكرة قيادية أو إصلاحية، فكرة تعمل على تحقيق ذاتها، آتي بأفضل منها أو مثلها.. وإلا، لا تقف عثرة في طريق من يتبناها بنهج عملي." بصيغة أخرى، جد البديل قبل أن تطالب بالتغيير. الآن، وفي هذه الظرفية الزمنية التي تعيشها الخريطة العربية من انتفاضات شعبية مطالبة بالتغيير، صعدت مجموعات شبابية مغربية لها مطالب محددة وإرادة لطرحها كبديل عن الوضع السياسي المغربي الحالي مستعدة لفعل ذلك في الشارع العام أمام الملأ. وظهرت مطالبهم محددة في صيغة مشروعة تقبل النقاش والأخذ بعين الاعتبار. وطبعا الكل اتخذ الشك سبيلا للتيقن في نوايا هاته المجموعة الشبابية وخلفياتها الأيديولوجية، والكل تساءل إن كان للمخزن نفسه يد في هذه المبادرة كوسيلة لإشهار وجود حرية التعبير بالبلاد أم أنها جمعية شبابية مستقلة عن تشعبات المخزن، و إن كان وراء هؤلاء الشباب نقابات ذات توجهات معينة تسيرهم من وراء الكواليس أو أحزاب تنسق انتشارهم أم أنهم جاؤوا فرادا بنفس الأفكار واتحدوا على فكرة المطالبة بالتغيير. هذه الأسئلة بدأت مع بداية التنظيم لهذه المسيرة ولازالت تراود الكثيرين، فلا أحد بات يتيقن من الأخبار التي تنشرها الجرائد المغربية التي فقدت مصداقيتها واستقلاليتها منذ مدة بعيدة، بل إن محاولة هذه المنابر الإعلامية المخزنية لتشويه سمعة الشباب المنظمين للمسيرة زادت حماسة البعض للانضمام إلى المسيرة وخدمت المسيرة في حد ذاتها حين أشهرتها دون وعي. الجزء الثاني: معلومات عن مسيرة 20 فبراير/ رأيي في المشاركة كثير من القراء راسلوني عبر الإيميل حول ما يدور في صفحات هاته المجموعة من حوارات يسارية أمازيغية متطرفة، وشككوا في مرجعية الأفراد المنظمين على أساس أن أغلبهم متطرفون ملحدون. ولأقطع الشك باليقين، تواصلت مع أحد المنظمين بهاته المظاهرة، وحددت موعد لقاء، والتقينا في جلسة دردشة حول أهداف المسيرة وتوجهاتها. سأخبركم عن المسيرة ثم عن رأيي في كل هذا: المسيرة مبدئيا سلمية، وستبدأ يوم الأحد 20 من فبراير الجاري، في مختلف المدن المغربية، ولن تنتهي حتى الموافقة على مطالب الشباب المنظم لها. أغلب الشباب المنظم يخفي تياراته الفكرية والعقائدية، لكنهم مجمعون على العلمانية كطريق نحو تقبل كل العقائد في نهج ديمقراطي، يطالبون بملكية برلمانية، تأخذ من صلاحيات الملكية ما يعطي للشعب الحق في انتخاب أعضاء الحكومة حسب الأحزاب المتواجدة، تطالب بحل الحكومة الحالية، وتطالب بإعادة صياغة بنود الدستور المغربي لإدراج اللغة الأمازيغية كلغة رسمية (لا أدري هل يطالبون بالإبقاء على العربية كلغة رسمية أم إبدالها بالدارجة المغربية)، وبالاقتصاص من كثير من صلاحيات المؤسسة الملكية لفصل السلط، وباستقلال القضاء.. إضافة إلى تفاصيل أخرى. ينكر الشباب المنظم للجمعية وجود أي منظمات أو نقابات تنسق أو تدعم تحركاتهم (حسب قولهم) ، رغم أن تحركاتهم منسقة بين كثير من الشباب في العديد من المدن. كما يعلنون عن وجود بيانات من طرف جماعة العدل والإحسان ومن بعض الأحزاب اليسارية التي وضعت مطالبها جنب مطالب الشباب لتؤخذ بعين الاعتبار حين تحريرهم للصيغ النهائية، في إطار علماني يطالب بمغرب لكل المغاربة. وحسب كلامي مع الشباب وما شهدت، هم شباب نقي نظيف مثقف مبتسم لطيف مهذب لا يبدو من سحناتهم أو كلامهم أي تطرف أو تشنج أو حتى تخوف مما يقومون به أو مما يشيع عنهم الإعلام أو من ردود أفعال الدولة اتجاه مطالبهم. بهذا الآن أنا جد منصفة في حق هؤلاء الشباب المثقف النظيف واتجاه القراء حتى أترك مجالا كي تقرروا بموضوعية. لكن لي رأي في الموضوع. أنا، الكاتبة التي تحدثكم الآن، والتي تطل من الصورة، والتي لا تنتمي لأي حزب، ولا نقابة، ولا جمعية، ولا جماعة، ولا إطار حكومي، ومنذ أن بدأت الكتابة، لم تراسلني، أبدا، بالمطلق، أي جهة مخزنية، أو حكومية، أو حزبية، تطالبني بالدفاع عن هذا أو ذاك، أو توجهني لاتخاذ هذا المنهج الفكري أو ذاك طريقا في كتاباتي. وحتى اللحظة، أكتب بكل استقلالية عن أي توجه، بل إنني أرفض داخليا حتى الإقرار بانتمائي لأي مذهب من المذاهب الدينية الأربع، وأقتنع بأن المالكية مذهب بلدي الذي أنتمي إليه، وأرفض حتى لقب سني الذي يواجه في مقابله الشيعة، بل أنتمي قبل مغربيتي، للإسلام، كهوية، كمنهج حياة، كفكر سياسي واقتصادي واجتماعي، كعقيدة ودين، كنوع كريات الدم التي تسري في عروقي. الله، ومحمد رسوله، هو حزبي، هو جماعتي، هو سياستي الفكرية وتوجهي. هنا وجب علي أن أتساءل، كمسلمة، ما يعنيها، قبل مغربيتها، ومواطنتها، وكرامتها، وحريتها، هو وجه الله. أين الإسلام من هذا كله، أين الدين من هذا كله، هل إن خرجت في المسيرة الإصلاحية مع دعاة العلمانية سأبغي بها وجه الله؟ هل إن شجعت التحول الديمقراطي لهذا البلد، واسترداد حقوقنا كمواطنين ممن سلبوها وثرواتنا ممن ضيعوها في إطار يدعو إلى العلمانية والتحرر وتقبل الإلحاد والشذوذ الجنسي أكون بذلك أخدم ديني الإسلام؟ إن كنتم تؤمنون بالشعار الوطني الله الوطن الملك، فهذا هو التجسيد الحالي لهذا الشعار الله نعم للإسلام دينا للدولة باقيا وخالدا.. نصرة الله قبل نصرة الوطن الوطن نعم لوطن لكل المغاربة تحت راية الإسلام المتوسط المعتدل الذي يحترم كل الأديان والطوائف نعم للمطالبة بالإصلاحات الجذرية وتغيير نظام الفساد السائد في البلاد تحت راية الإسلام سواء بمسيرات سلمية أو عبر صحوة جماعية فكرية سلوكية الملك نعم للملكية بغض النظر عن نظامها الحالي أو ما يطالب به من تغيير في صلاحياتها التي تحافظ على الإسلام وعلى وحدة الوطن وعلى السلم لكل الأعراق والأديان نعم، أناصر الملكية التي تحافظ على الإسلام ووحدة الوطن والتحام الديانات والأعراق تحت الهوية المغربية أحترم شخص محمد السادس الرجل الملك بكل معزة وافتخار أناهض الفكر المخزني المخابراتي الذي يغسل أدمغة الشعب ويعاملهم بطريقة الرعاع ويجعل من مواطنتهم ولاية ويدعوهم باسم الدين إلى السلبية والعبودية وإن وجدت مسيرات مطالبة بالإصلاح دون تقديم العلمانية كطريق نحو الديمقراطية، لن أتهاون في المشاركة. لكني الآن أمام مسيرة هذا الجمع الشبابي المثقف المطالب بالإصلاح في إطار علماني، سأختار الإسلام. وأنا متأكدة أن من ترك شيء لله عوضه الله خيرا منه. ولنا طريق سينتظرنا حتما للتغيير بالإسلام وفي الإسلام. لا أدري كيف سيأتي لكنه آت. http://www.ipetitions.com/petition/nofassifihri http://www.elmayssa.com [email protected]