امتحان الديموقراطية في المغرب لا زال مستمرا ، لا نقول أنه أخفق في دورة 7 أكتوبر ، ولا يقول إلا مدع أفاق أنه " اجتاز الوادي وجفت قدماه " بالفصيح عن المثل الدارج المغربي ؛ هو امتحان عسير لأن مصاعب أسئلته تنتصب بعناد تختبر الكائنات السياسية التي تحوم حول الحكم عن مدى قدرتها على تقديم الأجوبة الصحيحة ومباشرة المعالجة الفعالة للأدواء الاقتصادية و الاجتماعية والثقافية التي تئن من وطأتها البلاد، وفك الإشكاليات الحقيقية التي يعانيها المواطن في معاشه اليومي وحاله ومآله. لا يتوقف تنقيط وميزة الأداء على حملة انتخابية محمومة حماسية أو تدبيج برامج براقة بالوعود والأرقام أو خطب رنانة تدغدغ العواطف وتجيش الأتباع والأشياع دون أن يلقى معظمها ذرة التعاطف المأمول لدى المكتوين بلظى البؤس والبطالة والفاقة ، ولا يفتح كوة أمل في أعين اليائسين من شعارات الإصلاح والتغيير تتغنى بها الأحزاب وشبه الأحزاب . ها قد حطت الحملة أوزارها ونطقت الصناديق بالأرقام والنسب وتوزعت المقاعد واستلت كل جهة أقلامها وجندت حشودها ونصبت أبواقها لصياغة البيانات والمواقف للتعبير عن نوايا الاصطفاف ‘ وقرأنا رسائل بدعوات للمصالحة منحوتة بحبر المهزوم المتعنت وكأننا خارجون من " داحس والغبراء " وطغى على أجواء المشاورات الأولى لتشكيل الحكومة المقبلة شعار ليس غريبا عن أحد : " عفا الله عما سلف " ها هم هؤلاء يعفون اليوم عن بعضهم البعض ويعفون عن أنفسهم عازفين لحنا نشازا على أسطوانة مشروخة : " المصلحة العليا للوطن". المصلحة العليا للوطن هي أن تنظروا إلى أنفسكم في المرآة وتستحضروا حقائق الحال وتعودوا إلى مراجعة صريحة وعميقة لدروس وعبر الواقع حتى تستطيعوا تقديم الأجوبة الصحيحة. الامتحان عسير ولكن النجاح فيه ممكن شريطة الحرص على اجتيازه بمصداقية وبدون غش والاعتماد على الكفاءات لا الولاءات والإنجازات لا الشعارات الجوفاء التي تحبل بها معظم برامجكم الانتخابية ، الطريق سيكون سالكا نحو خدمة مصلحة الوطن وتلبية انتظارات المواطنين وتحقيق النجاح حين يكون مرادف المشاركة في التحالف الحكومي أو التمترس في المعارضة هو البحث الحثيث عن الأجوبة الحقيقية لأسئلة التنمية والعدالة الاجتماعية واستئصال جذور الفساد والتخلف في كل مظاهره بدل البحث عن مقاعد وثيرة يتربع عليها متسلقون تافهون أو حقائب فاخرة تحملها عقول فارغة لا تسمن ولا تغني من جوع. *مستشار قانوني