الرد على سعيد الكحل العابث في شؤون الجماعات الإسلامية بخصوص ما نشر في جريدة الصباح عدد 3457 بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله ومن والاه. ضمن الملف الذي نشرته جريدة الصباح في عدد: 3457 والخاص بأحداث التمرد بسجن سلا، نشرت الجريدة استجوابا مع سعيد الكحل أحد رؤوس الاستئصال ببلادنا فيه من التجني على الحقيقة والإساءة إلي شخصيا ما يستوجب الرد والردع دفاعا عن النفس وإظهارا للحق. يقول الكحل: ((( لكن للأسف الشديد المجالس العلمية لم تبادر إلى مناقشة عقائد التكفير والضلال والغلو والتطرف التي يعتنقها الجهاديون وكل المتطرفين، وسبق لشيوخ السلفية الجهادية من داخل السجن، وعلى رأسهم الفزازي أن وجهوا رسائل يتحدون فيها العلماء لمناقشتهم في القضايا التي يطرحونها للنقاش. ولحد الساعة لم يناقش العلماء أي نقطة من النقاط المطروحة، مما أوهم الجهاديين أنهم على حق وأن العلماء على خطإ وضلال، وكرس لديهم حكمهم على هؤلاء العلماء بأنهم (علماء السلطان) ، بل هم (عملاء لا علماء) كما عنون الفزازي أحد كتبه.))) أقول: لقد صبرت على المدعو الكحل العابث في شؤون الجماعات الإسلامية صبرا جميلا. كان بمقدوري أن أرد عليه من داخل السجن، لا سيما وشطحاته فيما يسميه بحثا تئن بحملها الجمال. وكان في الإمكان تفنيد مباحثه المتهافتة تفنيدا لن تقوم له بعده قائمة. بل كان من السهل تقديمه للمحاكمة بتهمة القذف والسب، وهو كثير، ليعلم أي منقلب ينقلب... ولكني لم أفعل أي شيء من ذلك _ لا سيما على المستوى الفكري _ ترفعا عن مواجهات غير متكافئة بيني وبينه. فأنا شيخ من شيوخ المساجد الرسمية للمملكة منذ حوالي ثلاثين سنة، بتزكية من المجالس العلمية الرسمية، وليس كما يدعي في كل مرة من كوني شيخا ومنظرا للسلفية الجهادية كذبا وافتراء. في حين هو تلميذ من تلامذة السلفية الاستئصالية الذي كان من الأجدر به البحث في شؤون نفسه بدل العبث في ما ليس له فيه قيد قطمير. أما وأنه تمادى في غيه فليعلم أنه إن كان ريحا فقد لقي إعصارا، وعلى نفسها جنت براقش. والآن أسأله: لماذا لم تبحث في شؤون جماعات (كيف كيف) و (عبدة الشيطان) و (المجاهرين بالإفطار في رمضان) وأضرابهم ممن جعلوك وكيلا لهم ونصيرا؟ تلك الجماعات التي تعيث في أبناء شعبنا المسلم فسادا في الدين والدنيا؟؟ دون أن تطالبهم بالمراجعات الفكرية؟ ألم تجد سوى الجماعات الإسلامية عدوا لك؟ دعني أخبرك بأن (أبحاثك) في هذه الجماعات هي أشبه ببحث جدتي رحمها الله في شبكة الأنترنت. وهل قمت شخصيا بمراجعة أفكارك الاستئصالية قبل مطالبة الآخرين بالمراجعات؟ أم الأمر كما يقول المثل: (رمتني بدائها وانسلت)؟ إن أمثالك عندما يطالبون أمثالي بمراجعة العقيدة والأفكار، فعلى الدنيا السلام، وصدق من قال: (لو ذات سوار لطمتني). هل تعتقد فعلا ما يعتقده شعبنا المغربي المسلم؟ فشعبنا _ لعلمك _ يؤمن بالله ربا لا إله غيره. وباليوم الآخر يوما للتناد (يوم تجد كل نفس ما عملت من خير محضرا، وما عملت من سوء تود لو أن بينها وبينه أمدا بعيدا) (آل عمران: 30) ويؤمن بسيدنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وسلم نبيا ورسولا. ويؤمن بالقرآن الكريم كتاب هداية وشعائر وشرائع وأخلاق.. والشعب المغربي توافق على مذهب الإمام مالك بن أنس رحمه الله وعلى ما جاء في موطئه من فقه، ذلك الفقه الذي لو اطلعت عليه لوليت منه فرارا ولملئت منه رعبا، لأنه لا يوافق أفكارك الهدامة في شيء، في حين نجد فيه نحن المغاربة المسلمين بغيتنا ومرادنا. لقد ارتضى شعبنا هذا المذهب الذي لا مكان فيه لترهاتك السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية... وغيرها إما بشكل تفصيلي كما هو حال متعلميه، أو بشكل إجمالي كما هو حال عامته. هذا هو مرجع شعبنا العظيم من حيث دينه ومذهبه. والشعب يؤمن بالملكية وإمارة المؤمنين من حيث هي صورة من صور الحكم الشرعي القائم على البيعة والإسلام والانتساب إلى بيت النبوة. ملكية لم تأت على الدبابات، ولا بانقلابات، ولا هي وليدة صدفة ظهرت بين عشية وضحاها. بل هي متجذرة في قلوب المغاربة منذ بزوغ شمس الهداية على ربوعنا الجميلة. والشعب يؤمن بأخلاق الإسلام من حياء وفضيلة وكرامة وشرف... ويقدس ميثاق الأسرة الإسلامية تقديسا، ذلك الميثاق الذي يسميه القرآن الكريم: (ميثاقا غليظا) (النساء: 21) هذا هو شعبنا أيها العابث في شؤون الجماعات الإسلامية. والآن أتحداك على رؤوس الأشهاد أن تعلن للقراء الكرام أنك تؤمن بما نؤمن به نحن المسلمين المغاربة... افعلها إن كنت صادقا! ولئن فعلت لآتينك ولو حبوا معلنا لك أخوتي في الله وفي الدين والوطن. إنني أؤكد للقراء الكرام ولك شخصيا أنك انتصبت لما ليس لك فيه معض ولا مستمسك، وأنك في مسائل الجماعات الإسلامية لا سيما على مستوى الفكر والعقيدة كحاطب ليل لا تميز بين عود رطب وثعبان قاتل. وبما أنك مغرم بالافتراء على علماء الإسلام عامة، وعلي شخصيا خاصة، وشغفت بذكر اسمي كلما تحدثت عن التطرف والإرهاب والغلو والضلال شغفا شديدا فإني قررت التصدي لك ولأمثالك ممن أبوا إلا نطح الصخر بجباههم الهشة بالولوغ في عرضي وفي فكري وعقيدتي. وبيني وبينكم القراء الكرام حكما خاصة وأننا اليوم نمتلك من وسائل النشر الأجود والأوسع انتشرا أكثر مما تمتلكون. فقد فاتكم قطار الاحتكار إلى غير رجعة. كما أنني أدعوك وأدعو شيوخ الاستئصال الذين يعضون أناملهم من الغيظ على خروجي من السجن إلى مناظرات مفتوحة على الهواء، وعبر وسائل الإعلام المتعددة، بشرط الالتزام بلغة الأدب وبالأسلوب المتحضر.. أتحداك على رؤوس الأشهاد وأرجو أن ترفع التحدي لنشرع في المناظرات الهادئة والهادفة ليعلم الناس أينا أولى بالمراجعات والتراجعات. وأنا زعيم بإعلان توبتي أمام الدنيا كلها إذا أظهرت لي شططا أو تطرفا أو غلوا أو فتوى ضالة لا قدر الله. لك فيها من الله برهان. فهل أنت مستعد للاعتراف بأخطائك وخطيئاتك أمام الملأ عندما أبرهن بالدليل القاطع على أنك استئصالي من العيار الذي ليس له معيار؟ وإليك البداية أفتح بها شهية القارئ لأطلعه على أنك لست باحثا في شؤون الجماعات الإسلامية ولا أنت ممتلك للأهلية اللازمة لذلك... مكتفيا بمسألة واحدة أنتقيها من ركام أكاذيبك ومغالطاتك. ويكفي من القلادة ما أحاط بالعنق: خطورة الكلام الأرعن المذكور أعلاه ذات شقين: أولهما سياقه الواقع في مجرى الحديث عن الإرهاب والتطرف والعنف بمناسبة التمرد الخطير الذي شهده سجن سلا (الزكي) في الأسبوع الماضي.. ومن ثمة فالكاتب لا يعترف بتبرئة العاهل الكريم لي وإخراجي من السجن، وهذه وقاحة منه في حق ولي الأمر. ولو كان يقدر القرار الملكي حق قدره لما تجرأ على حشري في خانة الإرهاب والتطرف والضلال ضدا على الإرادة الملكية. وإني أرجئ القول في هذا الجانب إلى لاحق الأيام. وثانيهما، وهو لا يقل خطورة عن الشق الأول، المادة الفكرية المضللة عينها، وبما أن هذه المادة ذات أبعاد متعددة ومستويات شتى، أكتفي بالبدء من حيث انتهى (الكحل) لأقول: إن كتابي هذا (عملاء لا علماء) كتبته سنة 1997 أي قبل اعتقالي بست سنين. ومن ثمة فلا علاقة له بدعوة العلماء لأي محاورة أو مناظرة داخل السجن. وعليه فإن (الكحل) أقحم هذا الكتاب في سياق السجن وأحواله.. عنوة وعن سبق إصرار ليوهم القراء أنني وصفت العلماء الأجلاء بكونهم (عملاء لا علماء)، في حين كان الكتاب سجالا فكريا في الرد على الشيخ المغراوي تحديدا، والذي كنت أختلف معه في قضايا منهجية بعينها وأتفق معه في أخرى.. وهو أمر طبيعي في الساحة الفكرية. وعلى الأقل فالشيخ المغراوي فقيه أختلف معه مرة وأتفق معه مرات... ولا ضير. والسؤال: ما علاقة الكتاب الذي هو رد على الشيخ المغراوي ومكتوب قبل التفجيرات الإرهابية وقبل المحاكمات... بست سنين... بعلماء الدولة الذين طالبناهم بمحاورتنا قصد فضح أمثالك ممن يتهمنا بالتطرف والغلو والإرهاب والضلال... ؟؟؟ لقد أشاع العابث بغير وجه حق أنني من شيوخ السلفية الجهادية، وكذب. وأشاع أنني تكفيري خالص أكفر المجتمع والشعب والدولة وكل من يخالفني الرأي، وكذب. وأشاع أنني متطرف ومتشدد وإرهابي.. وكذب. وأذاع أنني أستبيح قتل (الكفار) وأستحل المال الحرام. وكذب. مستعملا في ذلك من التدليس والتلبيس على القارئ ما الله به عليم. ولمن يريد أن يعرف الحقيقة فإننا أعلنا عن عقيدتنا الإسلامية ومذهبنا السني وتشبثنا بالملكية ووحدة تراب أمتنا، وبراءتنا من العنف وأهله، ومن تكفير المسلم بباطل بله تكفير المجتمع برمته.. إلخ. الشيء الذي جعل العلماء لا يجدون ما يختلفون فيه معنا فأحجموا عن مناظرتنا. ليس عجزا ولا خوفا ولكن لكون إيماننا واحد ومذهبنا واحد ومراجعنا واحدة. وعندما سقط في أيدي الاستئصاليين راحوا يتهمون العلماء بالعجز والنكوص، ويتهموننا بأننا توهمنا أننا على حق وأن العلماء على ضلال. ولماذا لم يطلب الكحل والبريني ولغزيوي وباقي الجوقة الاستئصالية محاورتنا داخل السجون حين تخلف عنها العلماء؟ أليسوا – ما شاء الله – باحثين في شؤون الجماعات الإسلامية؟ صحيح قوله بأن المجالس العلمية لم تبادر إلى مناقشة عقائد التكفير والضلال والغلو والتطرف. ولكنه كاذب في قوله (التي يعتنقها الجهاديون وكل المتطرفين) ذلك أن من يسميهم الجهاديين ليسوا سواء، فمنهم المتعلم ومنهم الأمي، منهم من هو متطرف حقا، ومنهم من هو أشد اعتدالا وأكثر إخلاصا ووطنية من العابث نفسه. منهم من يؤمن بالعنف كأداة للتغيير، ومنهم من يؤمن بالدعوة السلمية والحوار الآمن. إذن فالحكم على الجميع بالتطرف والضلال في العقائد والأفكار... مجانب للصواب عن عمد وسبق إصرار. إن (الكحل) لا ولن يستطيع أن يحدد تحديدا دقيقا ما يسميه عقائد (التكفير والضلال والغلو والتطرف) ذلك لأن الكثير مما يسميه تكفيرا قد يكون عين التوحيد والإيمان. فمثلا الاعتقاد بأن الله تعالى خلق الناس وقسمهم إلى كافر ومؤمن مصداقا لقوله سبحانه (هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن) (التغابن : 2) يصطدم بالكامل مع عقيدة (الكحل) الذي لا يعترف بهذا التقسيم القرآني الصريح حتى لا يقع في تكفير الكافرين بنص من القرآن. ولأن الكثير مما يسميه ضلالا قد يكون عين الهداية والهدى، كالإيمان بالحدود الشرعية مثلا التي جاء بها صريح القرآن وصحيح السنة وأجمع عليها علماء الأمة. ولأن الكثير مما يسميه غلوا وتطرفا قد يكون عين الوسطية والاعتدال مثل الشرائع الإلهية المتعلقة باللباس مثلا (ولا أقصد هنا برقع الأفغانيات ولا حجاب السعوديات) بل أقصد حجاب جداتنا وأمهاتنا (الحايك) و (الجلباب المغربي واللثام) و (الكحل) من أنصار العري للرجال والنساء على السواء، لكن ماذا تريدون؟ فالرجل استمرأ التدليس والتلبيس في خطاباته الركيكة وراح يهذي بما يؤذي ويهرف بما لا يعرف ظانا أن سكوت العقلاء على حماقاته يبوئه في الفكر مكانا عليا. إننا لم نتحد العلماء في محاوراتنا كما يزعم الاستئصالي (الكحل) بل طالبناهم بقبول الحوار من أجل إقامة الحجة على أننا لم نكن تكفيريين ولا ضالين ولا غلاة متشددين. وبأننا كنا ضحايا آلة خسيسة من الإعلام الفاسد والكاسد.. حرك خيوطها قوم آخرون. مسألة التحدي لم تكن واردة على الإطلاق. نحن نتحدى الأدعياء والعابثين في ما ليس لهم فيه إلا الدعوى أمثال (الكحل) وآخرين ممن سيأتي عليهم الدور قريبا لأفضحهم فضحا. من هنا تعلم أيها القارئ الكريم أن القضايا المطروحة للنقاش والتي لم يجرؤ الكحل العابث في شؤون الجماعات الإسلامية على تسميتها، ما هي إلا قتل الأبرياء في تفجيرات عشوائية وإرهاب الآمنين والمستأمنين، وهو ما أدنته شخصيا في حينه بشدة، يراجع في هذا ردي على يوسف فكري في جريدة العصر سنة 2001 تحت عنوان: (تطبيق الحدود من أحكام السلطان وليس من أحكام الأعيان.) وراجع كذلك العدد الشهير من جريدة الشرق الأوسط التي حوكمت بسببها ظلما وعدوانا أواخر ماي 2003 رغم أني أدنت فيها تفجيرات الدارالبيضاء بما لا مزيد عليه. ونفس الشيء في جريدة لاكرونيك في نفس الحقبة الزمنية. وبخصوص التهمة الساقطة التي يروج لها الكحل وأضرابه والمتمثلة في رفض مؤسسات الدولة وتكفيرها بمن فيها... يكفي أن أبرهن على كذبها وافترائها بكوني شخصا كنت أعمل في وظيفتين رسميتين اثنتين: التعليم والأوقاف والشؤون الإسلامية، وزوجتي لحد الساعة أستاذة في مدارس الحكومة، وأولادي كلهم طلبة وتلاميذ في مؤسسات الدولة، ونمتلك كل الوثائق الرسمية مثل البطاقات والجوازات وعقود الزواج وما إلى ذلك. وبمناسبة ذكر العقود فأنا هو مؤلف كتاب (توثيق عقد النكاح والرد على من قال إنه كفر بواح) كتبته قبل اعتقالي بسنين، رددت فيه على من أبطل توثيق عقود الزواج وضلل فاعله، وأفتى بالاكتفاء بما كان يجري على عهد السلف الصالح: الصيغة والرضى والولي والمهر والوليمة والإعلان، أو الإشهاد.. فأين يرى الكحل وأزلامه كفري بالمؤسسات والدعوة إلى هجرانها؟؟ لهذه الأسباب كلها أحجم العلماء عن محاورتنا حيث تبين لهم أننا أبرياء من تهمة الإرهاب والخروج على الحاكم وتكفير المجتمع واستعمال العنف في الدعوة إلى الله وما إلى ذلك. وبمناسبة ذكر هذه الشهادات على براءتي من تهمة العنف والإرهاب قبل تفجيرات 16 ماي وبإضافة ما صرحت به أثناء محاكمتي صيف 2003 حيث أدنت بشدة كل صور الإرهاب والعنف وتكفير المجتمع والخروج على الحاكم والمؤسسات... وبالرجوع إلى عشرات البيانات والمقالات التي أصدرتها من داخل مختلف السجون التي أقمت بها والتي تصب في نفس الاتجاه... يتبين لكل منصف أن الفزازي قبل السجن هو نفس الفزازي بعد السجن، خلافا لما يروج له الكحل من أن السجن وراء اعتدالي (الطارئ). نعم، لقد تراجعت عن أمور كثيرة أعلنت عنها في حينها، واعترفت بأخطاء كبيرة وقعت فيها.. لكن لم يحدث أنني تراجعت عن الإرهاب أو تكفير المجتمع أو الخروج على الحاكم... لسبب بسيط هو أنني لم أكن في يوم من الأيام إرهابيا ولا تكفيريا ولا خارجيا.. مشكلتي قبل السجن أن إعلام الاستئصال مارس التعتيم والحجب على تلك التصريحات والبيانات والشهادات لخدمة أجندة معينة، في مقابل تكثيف شهادات الزور ومقالات الإدانة وعبارات التجريح والتشهير والتهويل... وقد رأى المتتبعون كيف كانت جريدة الأحداث المغربية تتصدر حملات الإدانة تلك بمؤازرة منابر إعلامية أخرى متواطئة على خدمة الباطل والمبطلين. اليوم كل هذا لم يعد ممكنا، فقد فتحت في وجهي وسائل إعلامية دولية ووطنية، علاوة على المواقع الإلكترونية.. وأصبحت أعبر عن قناعاتي الفكرية والسياسية بكل حرية وأريحية الشيء الذي حاصر إعلام الاستئصال المهجور أصلا... فراحوا يتحدثون عن مراجعات وتراجعات وتوبة تمت بتأثير السجن الطويل. – زعموا - لذا وجب تنبيه كل متتبع على أن الإرهاب وتكفير المجتمع والدعوة إلى الله بالعنف والخروج على الحاكم وإكراه الغير على شيء... لم يكن في يوم من الأيام من ديني ولا ديدني ولا من جهادي ولا اجتهادي، علمه من علمه وجهله من جهله. واليوم يكفي أن يعلم الكحل ومن خلفه من الاستئصاليين أن ملك البلاد لم يكن ليقدم على إخراج إراهبي وتكفيري.. من السجن، وعليه فإن كل من رماني بهذه التهم الكاذبة بعد 14 أبريل 2011 إنما هو يطعن في قرار الملك رأسا، هو الذي ما تفضل علي بإطلاق السراح إلا وقد علم من مظهري ومخبري أنني ممن شملتهم التجاوزات التي سبق لجلالته أن أعرب عنها لجريدة الباييس الإسبانية سنة 2005 وأنني بريء مما رموني به ظلما وعدوانا براءة الذئب من دم ابن يعقوب عليه السلام. ولهذا يلزمك يالكحل في المرة القادمة أن تعيد حساباتك جيدا قبل أن تقع في الطعن في أسيادك فتندم ولات ساعة مندم. هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن (الكحل) يتأسف بشدة على كون المجالس العلمية لم تبادر إلى مناقشة عقائد التكفير والضلال والغلو والتطرف التي يعتنقها الجهاديون وكل المتطرفين (كذا) لكنه لم يأسف ولا مرة على كون هذه المجالس العلمية لم تناقش في يوم من الأيام عقائد الماويين والماركسيين وأنصار فيدل كاسترو وتشيفارا ودوركايم وأنجليز وفرويد... وغيرهم ممن يسمونهم (الآخر). إن (الكحل) لم يكتب سطرا واحدا في حياته يحمد فيه رب العالمين، ولا سطرا واحدا في مدح سيد الأنام صلى الله عليه وسلم. ولا أعلم أن له كلمة واحدة في تمجيد كتاب الله تعالى.. فضلا عن علماء الأمة عبر تاريخهم الذهبي. ولا كلمة، وكل ما انتصب لأجله هو محاربة الإسلام في عقائده وشرائعه وشعائره وأخلاقه... دون تسميتها عينا، لكن بالغمز واللمز والهمز.. وبمحاربة المؤمنين في عقيدتهم التي يسميها ضلالا، وفي شريعتهم التي يسميها تخلفا، وفي شعيرتهم التي يسميها طقوسا، وفي التزامهم العام الذي يسميه تطرفا... والحبل جرار. ومنذ تفجيرات الدارالبيضاء الإرهابية والعابث في شؤون الجماعات الإسلامية يصول ويجول قدحا في أعراضنا وديننا وأخلاقنا... ظنا منه أنه لن يفرج عني إلا إلى المقبرة، أو إلى غاية 2033 عجوزا فانيا كما نطق بذلك القاضي.. فنسوا من له الأمر من قبل ومن بعد، ولم أنساه سبحانه، فاستكملت حفظ كتاب الله عز وجل، وهي منحة لو علم أعداء الإسلام قيمتها وفضلها لمنعوني من السجن بالنفس والنفيس، ودعوت إلى الله تعالى داخل الأسوار على بصيرة فاستجاب لدعوتي غير قليل من الأجانب والمنحرفين من ذوي الجنح وفي ذلك من الفضل والأجر إن شاء الله ما لا يدركه أمثال (الكحل) وحتى فيما يرجع إلى المعاملات التفضيلية والامتيازات الممنوحة لي والتي لم تكن تروق الاستئصاليين، وهو ما دندنوا حوله في الملف الذي نشرته جريدة الصباح في عددها 3457 باعتبار ذلك تمييزا عن سجناء الحق العام، لكنهم سكتوا سكوت الأموات عندما كنا في أسفل سافلين في السنوات الأولى حيث كنا دون سجناء الحق العام بكثير... فهذه بتلك. وفي الختام أرجو الا ينسى الرجل أنني لم أعد سجينا عاجزا عن تتبع سمومه، كما أرجو أن يستفيد الاستئصاليون الآخرون من هذا الرد والردع ليلزموا جحورهم المظلمة، وألا يعودوا لمثل هذه الأكاذيب والمغالطات.. (وإن عدتم عدنا). والحمد لله رب العالمين.