إن الاجتماع المشترك الذي جمع البرلمان الإفريقي بنظيره العربي مؤخرا في شرم الشيخ عرف مشاركة جبهة البوليساريو بصفته عضوا داخل الاتحاد الإفريقي. هذا الحضور للانفصاليين لا علاقة لجمهورية مصر العربية به ولا يحق لها أن تمنع مشاركة من هذا القبيل لأنه ليس أصلا مخولة في أن أن تكون قد دعت هذا الطرف دون غيره. فهذه الاجتماعات المشتركة بين البرلمان العربي والبرلمان الإفريقي تحكمها اتفاقية للتعاون أبرمت قبل سنتين بين البرلمانيين المذكورين أشرف عليها من الجانب العربي الإماراتي محمد الجروان بصفته رئيسا للاتحاد العربي. وتقضي هذه الاتفاقية بعقد اجتماعات دورية مشتركة بالتناوب في بلدان عربية وإفريقية. واجتماع شرم الشيخ إذن هو الأول من نوعه، فيما سينعقد الاجتماع المقبل في "جوهانسبورغ" بجنوب إفريقيا. ومن خلا ل هذه المعطيات، يتضح أن البرلمان الإفريقي ، ومن خلفه الجزائر، هو الذي كان من وراء مشاركة الانفصاليين في هذا الاجتماع المشترك. وبموجب تلك الاتفاقية لايحق للبرلمان العربي أن يتدخل في طبيعة ونوعية الوفود الأفارقة التي رشحها البرلمان الإفريقي للمشاركة في الاجتماعات المشتركة مع نظرائهم العرب، والعكس صحيح. وبالتالي، فإن جمهورية مصر غير مسؤولة عما حدث، بل أكثر من ذلك أن مصر حرصت على ألا يرفع علم الانفصاليين سواء داخل قاعة الاجتماعات المشتركة أو خارجها. وبالفعل قد تأتى لها ذلك، فيما تعذر عليها منع وضع اسم الجمهورية الوهمية على طاولة الوفد المزعوم. وإذا كنا نعرض لهذه المعطيات كما هي على أرض الواقع، فنحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن جمهورية مصر العربية، ولكن أولا لتبيان الحقائق والإبقاء على العلاقات بين البلدين الشقيقين في منأى عن العبث بسبب مغالطات لا صلة لمصر بها، وثانيا فإن الغرض من توضيح هذه الحقائق هو طرح السؤال التالي: على من تقع إذن مسؤولية ما حدث في شرم الشيخ عوض أن نختبأ وراء اتهام مصر بشكل مجاني؟ إن المسؤولية تقع في المقام الأول على البرلمان المغربي. أين كان رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس المستشارين حتى تم التوقيع على اتفاقية التعاون بين البرلمان الإفريقي والبرلمان العربي. يجب أن نسمي الأشياء بمسمياتها هناك تقصير وإهمال واستخفاف وعدم متابعة الملفات والقضايا التي تطرح في المؤسسات والهيئات الإقليمية والدولية. نتحدث كثيرا عن الدبلوماسية الموازية وعلى رأسها الدبلوماسية البرلمانية. أين كان هؤلاء البرلمانيون حينما كان هذا الموضوع يطبخ، ولا أعتقد أنه كان يطبخ في الكواليس حتى نقول بأن مؤامرة دبرت في الخفاء ضد المغرب. فرئيس البرلمان من دولة الإمارات العربية المتحدة، وهي دولة شقيقة أقرب للمغرب من حبل الوريد. فأين كان البرلمانيون المغاربة حينما كان رئيس البرلمان العربي يفاوض نظيره الإفريقي. ونحن نعرف من مدة أن التعاون العربي الإفريقي فيه مطبات وأفخاخ كان على المغرب أن ينتبه إليها. برلمان المغرب تحول إلى وكالة للأسفار يحجز فيها البرلمانيون تذاكرهم للسياحة والتسوق تحت مسمى المشاركة في هذا المؤتمر أو ذاك. ويتسابقون إليها لزيارة الأركان الأربعة لهذا العالم. والدليل على ذلك، ألا أحد منهم سبق له أن قدم تقريرا عن مشاركته في أي مؤتمر كان. في المقام الثاني، نلقي بالمسؤولية على وزارة الخارجية التي كان من المقترض أن تطارد كل الاجتماعات المتعلقة بالتعاون العربي الإفريقي. فلديها ملف كبير في هذا الشأن يتضمن وثائق لن تجد من يتفحصها أو يدرسها دراسة بعين الملاحظ والمتتبع. وأين الدور الذي كان ينبغي أن يقوم به سفراؤنا حتى لا تفوتهم مثل هذه التطورات ذات الانعكاسات السلبية والخطيرة على المصالح المغربية، والحالة أن سفرائنا الجدد يعيشون نشوة تعيينهم في مناصبهم الجديدة ومن بينهم من كان مسؤولا على هذا الملف وفاته أن ينبه وزيره على هذه الخطايا في حق الوطن أو لربما أن الرجل قد نبه لكن ليست هناك آذان صاغية. وفي جميع الأحوال هناك تقصير كبير ولا يهم على أي مستوى، فالنتيجة أن المغرب يؤدي ثمن الإهمال وثمن ذلك التقصير. فتهنئتنا للسادة السفراء بمناصبهم وعزاؤنا في وطننا. واعتبارا لهذا الإهمال والترهل في الجسم الدبلوماسي الرسمي والموازي، وما لم نخرج من دائرة المصالح الضيقة والاعتبارات الشخصية فينبغي أن نتوقع الأسوأ. وقد لا نفاجأ في يوم ما أن يكون وفد الانفصاليين رئيسا للوفد الإفريقي سواء في هذه الاجتماعات المشتركة أو في اجتماعات مماثلة على مستوى الأممالمتحدة. ولقد أعذر من أنذر. واعتبروها صيحة في واد. وسياتيكم الهدهد يا أنبياء هذا الزمن بخبر ليس لديكم في الحسبان. [email protected]