كشف التقرير السنوي للمجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، برسم سنة 2015، "تناقضات" تسم نسبة النموّ في علاقتها بإحداث مناصب الشغل. ففي وقت يرَى السّاسة أنَّ تقليص نسبة البطالة مُرتبط برفع نسبة النموّ، جاء في تقرير "مجلس بركة" أنَّ هناك عدمَ تلازُمٍ بين فرص الشغل وبيْن النموّ في المغرب. وحسب أرقام تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، فإنّ عدد مناصب الشغل التي تم إحداثها سنة 2015 كان في حدود 33.000 ألف منصب شغل فقط، أيْ حوالي 7.300 منصب عن كل نقطة نمو، مقابل 9.000 منصب سنة 2014، لافتا إلى أنّ من أسباب عدم التلازم بين فرص الشغل وبين نسبة النمو الخيارات الاستثمارية ذات المستويات المنخفضة من حيث الأرباح المباشرة. وفي ما يخصُّ نسبة البطالة، حسب المجال، قال التقرير المُنجز حول الوضعية الاقتصادية والاجتماعية والبيئية بالمملكة، والمرفوع إلى الملك، إنّ نسبة البطالة في الوسط الحضري تظل مرتفعة بنسبة 14،6 في المائة سنة 2015، مقابل 14،8 في المائة سنة 2014، بيْنما لم تتعدّ نسبة البطالة في صفوف الساكنة النشيطة في العالم القروي 4،1 في المائة. ويبْقى الشباب الفئة المجتمعية الأكثر عرضة للبطالة في المغرب، خاصة الذين تتراوح أعمارهم ما بين 15 و24 سنة، إذ واصلت البطالة ارتفاعها في صفوفهم، لتصل خلال السنة الماضية إلى 20،8 في المائة على الصعيد الوطني؛ بيْنما وصلتْ إلى 39 في المائة في الوسط الحضري. ولا تبْدو وضعية حاملي الشهادات أحسن، إذ استقرت نسبة البطالة في صفوفهم عند 24،4 في المائة سنة 2014. في المقابل، عرفتْ مشاركة النساء في الشغل تراجعا، مسجّلة معدّل نشاط انتقل من 25،2 في المائة سنة 2014، إلى 24،8 في المائة سنة 2015. وتزداد هذه النسبة انخفاضا في الوسط الحضري، حيث بلغت 17،4 في المائة، حسب ما جاء في التقرير ذاته. ولتجاوز هذه الوضعية، أوصى المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي بإعادة النظر في النموذج المتعلق بالنموّ؛ وذلك من أجل خلق مزيدٍ من فرص الشغل الجيد والمستدام، وخاصة لفائدة النساء والشباب. ومن ضمن المقترحات التي قدمها المجلس ذاته العمل على تيسير شروط الولوج إلى عناصر الإنتاج (العقار المهنيّ، التمويل) ولاسيما بالنسبة للأنشطة التصنيعيّة ذات المحتوى التكنولوجيّ القويّ أو المتوسط، والقطاعات المبتكِرة، والمرافق التي تتوفر على إمكانيات قوية على مستوى النموّ وخلق فرص الشّغل. من جهة أخرى، اعتبر المجلس ذاته أنّ تحسين الشروط القانونية والإدارية لتدبير المشاكل التي تعترض بعض المقاولات وتدبير طرق تصفيتها من شأنه تسهيل الإبقاء على النشاط في حالة حدوث أزمة ظرفيّة، وتيسير عمليات التصفية لتمكين مختلف الأطراف من التّوجّه نحو أنشطة خالقة للثروات ولفُرص الشّغل. من ناحية أخرى، دعا المجلس الاقتصادي والاجتماعي والبيئي، في تقريره، السلطات العموميّة إلى إعادة توجيه الدعم والجهود العموميّة المبذولة في اتجاه أنشطة الإنتاج، بَدَلاً من المضاربات التجارية أو الاستيراد أو الاستثمار غير المنتج.