أول أمس خرج والي بنك المغرب ليعلن للمغاربة أن نسبة نمو الاقتصاد الوطني هذا العام لن تتجاوز 1%, الشيء الذي يمكن اعتباره كارثة حقيقية يمكن أن تسبب انفجاراً مجتمعياً غير مسبوق. كل المغاربة، اليوم، يتذكرون وعود الحزب الحاكم، خلال الحملة الانتخابية الأخيرة، بتحقيق نسبة نمو في حدود 7%, قبل أن يتراجع عن وعوده في البرنامج الحكومي ويعد المغاربة بتحقيق نسبة نمو في حدود 5,2 % اعتبرها الاقتصاديون آنذاك ضرباً من الخيال في ظرفية اقتصادية عالمية جد صعبة. حققت الحكومة في عامها الأول (2012) 2,4% ، ونسبة 4,3% في عامها الثاني (2013)، ونسبة 2,2 % في عامها الثالث (2014)، ونسبة 4,5% في عامها الرابع (2015 حسب توقعات بنك المغرب)، قبل أن يخلط تأخر التساقطات المطرية هذه السنة (السنة الأخيرة من عمر الحكومة) كل توقعات الحكومة لسنة 2016. نسبة نمو 1%، التي أعلن عنها والي بنك المغرب، تعني أن الاقتصاد الوطني لن يخلق أكثر من 30.000 منصب شغل هذه السنة، الشيء الذي سيتسبب في كارثة مجتمعية إذا قارنا هذا العدد بعدد مناصب الشغل المفقودة خلال هذه سنة، إضافةً إلى عدد الخريجين الجدد الذين سينضافون إلى قوائم الباحثين عن العمل، دون أن ننسى بأن القطاع الفلاحي، المتضرر الأول هذا العام، يشغل ما يقارب نصف الساكنة الناشطة بالمغرب. يعني أن نسبة البطالة، وخاصةً في المدن وفي صفوف الخريجين، قد تصل إلى مستويات غير مسبوقة هذا العام، وهو ما سيعقد مهمة أي حكومة ستأتي بعد انتخابات أكتوبر 2016. ولفهم المعني الحقيقي لنسبة 1% التي اعلنها والي بنك المغرب بالأمس وحجم الأضرار التي ستترتب عنها، يجب العودة إلى أرقام المندوبية السامية للتخطيط فيما يخص الولاية الحكومية الحالية : * بلغ معدل النمو سنة 2012 نسبة 2,4 في المائة، حيث تم إحداث 81.000 منصب مؤدى عنه وفقدان 196.000 منصب غير مؤدى عنه (%89,8 منها بقطاع "الفلاحة، الغابة والصيد")، وهو ما يمثل فقدان عدد صاف من مناصب الشغل يقدر ب 115.000 منصب. ارتفع عدد العاطلين ب 18.000 و سجل معدل البطالة ارتفاعا طفيفا ب 0,2 نقطة بكلا وسطي الإقامة. كما سجل معدل البطالة الأكثر ارتفاعا لدى الأشخاص البالغين من العمر مابين 35 و 44 سنة. * سنة 2013 بلغ معدل النمو 4,3%، حيث تم إحداث 100.000 منصب شغل، مع فقدان 32.000 منصب بالوسط الحضري. وقد كان قطاع "الفلاحة، الغابة والصيد" بالوسط القروي و"الخدمات" بالوسط الحضري وراء معظم المناصب المحدثة. كما أن ثلثي المناصب المحدثة على الصعيد الوطني هي غير مؤدى عنها وهمت في مجملها النساء. وارتفع عدد العاطلين ب 109.000 شخص، وارتفع معدل البطالة ب 0,8 نقطة 2),1+ نقطة بالوسط الحضري و0,4+ نقطة بالوسط القروي)، وشمل الارتفاع أساسا الشباب البالغين من العمر ما بين 15 و24. * سنة 2014 بلغ معدل النمو 2.2%، حيث تم إحداث 35.000 منصب بقطاع "الفلاحة، الغابة والصيد"، 11.000 منصب بقطاع "الخدمات"، 4.000 منصب بقطاع "الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية" وفقدان 8.000 منصب بقطاع "البناء والأشغال العمومية". و يعتبر قطاعي "الفلاحة، الغابة والصيد" بالوسط القروي و"الخدمات" بالوسط الحضري وراء معظم المناصب المحدثة. وارتفع عدد العاطلين بالمغرب، خلال نفس السنة، ب 33.000 شخص، 31.000 بالوسط الحضري و2.000 بالوسط القروي ليصل بذلك حجم البطالة على المستوى الوطني إلى 1.149.000 شخص. وهكذا ارتفع معدل البطالة ب 0,2 نقطة، منتقلا بذلك من 5%9, إلى 9,7% على المستوى الوطني، من 14,4% إلى 14,8% بالوسط الحضري واستقر في 4% بالوسط القروي. كما انتقل لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة من 19,6% إلى 19,7% ولدى حاملي الشهادات من 16,5% إلى 17%. * سنة 2015 بلغ معدل النمو حسب توقعات بنك المغرب ما يقارب %4,5، حيث تم إحداث 29.000 منصب بقطاع "البناء والأشغال العمومية"، 23.000 منصب بقطاع "الخدمات"، 16.000 منصب بقطاع "الصناعة بما فيها الصناعة التقليدية" وفقدان 39.000 منصب بقطاع "الفلاحة، الغابة والصيد". وفي هذا السياق، انخفض عدد العاطلين بالمغرب، خلال نفس السنة، ب 69.000 شخص، 42.000 بالوسط الحضري و27.000 بالوسط القروي ليصل بذلك حجم البطالة على المستوى الوطني إلى 1.080.000 شخص. وهكذا انخفض معدل البطالة ب 0,5 نقطة على المستوى الوطني إلى9,2% ، من 14,8% إلى 14,1% بالوسط الحضري ومن 4% إلى 3,5% بالوسط القروي. كما انتقل لدى الشباب المتراوحة أعمارهم ما بين 15 و24 سنة من 19,7% إلى 20% ولدى حاملي الشهادات من 17% إلى 17,1%. يعني أننا اليوم أمام كارثة اقتصادية إذا لم تتحرك الحكومة بسرعة لإيجاد بدائل اقتصادية قادرة عل امتصاص أكبر عدد من الخريجين والعاطلين من حاملي الشواهد، الشيء الذي نبهنا إليه الحكومة الحالية منذ بداية ولايتها. حيث ذكَرنا في كل مناسبة بمحدودية نموذج النمو الحالي، وضرورة وضع نموذج نمو جديد كفيل بخلق أكبر عدد من مناصب الشغل ودعم القدرة الشرائية للمغاربة وتحسين تنافسية الاقتصاد الوطني وضمان استقلاليته. لكن لا حياة لمن تنادي, وفاقد الشيء لا يعطيه للأسف. خالد أشيبان