تؤكد المعطيات الجديدة وتطورات منهجية إعداد ومسطرة المصادقة على القانونين التنظيميين لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية كل ما سبق أن توقعته وأكدت عليه إطارات المجتمع المدني والحقوقي الأمازيغي خلال جميع مراحل ترافعها وعملها ألاقتراحي ومساهمتها الإيجابية والنقدية على امتداد خمس سنوات الماضية. الخلاصة عنوانها: الإحباط واليأس من التضليل والتهريب التشريعي والإقصاء الممنهج ومحاولة الالتفاف على الترسيم. هذه كرنولوجية العمل الترافعي والنضالي الأمازيغي حول القانونين التنظيميين على امتداد خمس سنوات الماضية مند إقرار دستور 2011: - بعد العديد من التضحيات والنضال المتعدد الأبعاد والأشكال على امتداد أكثر من 50 سنة (احتجاجي، علمي، ترافعي، حقوقي...) من أجل الاعتراف والحق في الوجود، ثم رفع الميز وترسيم الأمازيغية... -وبعد انخراط الشباب الأمازيغي في حركة 20 فبراير وتبني أرضية الحركة لمطلب ترسيم الأمازيغية. -انتزاع ترسيم اللغة الأمازيغية والإقرار بتعدد الثقافة والهوية الوطنية في دستور 2011 بعد معارك فكرية ونضالية واحتجاجية، والتصدي لكل محاولات المناوئين ومنها: رفض الأمين العام لحزب العدالة والتنمية وتبخيسه للأمازيغية، مراسلات وعرائض القوميين العرب من مثقفين وسياسيين ونشطاء للحيلولة دون ترسيم الأمازيغية، تعبير مستشار في المحيط الملكي عن مواقف غير ديمقراطية وتصور نكوصي حول الأمازيغية، خاصة السيد عباس الجيراري الذي قال بكل وضوح في عرضه الشهير في ضيافة معهد التعريب سنة 2012 بأن ترسيم الأمازيغية خطأ ومن حسن ذكاء المشرع أن ربطه بقانون تنظيمي (ينظر ردنا حينها على الرابط تحت عنوان "الأمازيغية: هل هي بداية خطة التحايل على الوضعية الرسمية!" -التفاعل الايجابي مع نص الدستور ومقتضى الفقرة الخامسة منه من خلال أعمال الترافع والإنتاج العلمي والتربوي والقانوني وتقديم الخبرة والاقتراح التي أقدمت عليها مكونات الحركة الأمازيغية على امتداد خمس سنوات الماضية ومن أهمها: - إعداد الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة لمشروع قانون تنظيمي متكامل ساهم فيه عدة خبراء وقانونيين وباحثين وحقوقيين وتربويين ومنتخبين...، ويشهد له بالجودة وتحقيق شروط الإنصاف والملائمة مع المواثيق الدولية لحقوق الإنسان والتجارب الديمقراطية الناجعة في مجال تدبير التعدد اللغوي والثقافي. تلت إعداده عدة ترافعات ومراسلات ولقاءات مع الأحزاب السياسية والفرق البرلمانية وسبق أن تبناه فريق التجمع الوطني للأحرار وقدمه مقترح قانون للجنة التشريع قبل أن يسحبه بعد التعديل الذي حمله إلى الحكومة. وتبنيه من طرف فريق الأصالة والمعاصرة الذي قدمه مقترح قانون بمجلس المستشارين وتم رفضه من طرف الحكومة. -تقديم منظمة تماينوت والجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي وجمعية أزمزا وكنفدرالية تمونت ن إيفوس والأستاذ الحسين ملكي ...لمذكرات اقتراحية في شأن القانونين التنظيمين الخاصين بتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية وإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية. -اشتغال بعض الفعاليات الأمازيغية مع الأحزاب السياسية في إطار لجن اقتراحية لتصورات حول القانونين التنظيميين. -اشتغال فعاليات أمازيغية مع وزارة الثقافة في إطار لجنة حكومية غير معلنة لإعداد مشروع القانون التنظيمي لإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية وتقديم المشروع لجهة ما، تم رفضه وتقديمه كمجرد مقترح للاستئئاس فيما بعد. -تشكل المبادرة المدنية التي تضم مئات الإطارات والجمعيات الأمازيغية والحقوقية والنسائية، وتوقيعها على مذكرة حقوقية لإنصاف الأمازيغية والمساواة مع اللغة العربية في نص القانونين التنظيميين المرتقبين، قدمت للأحزاب السياسية والبرلمان، وقيامها بلقاءات ترافعية وجهوية للتعريف بها. -مراسلة التجمع العالمي الأمازيغي للديوان الملكي مطالبا بلجنة ملكية لإعداد القانون التنظيمي. - تشكل لجنة ترأسها إدريس خروز كلفت بإعداد القانون التنظيمي لإحداث المجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، تم رفضها من طرف مئات الإطارات الأمازيغية واعتبرتها ملتبسة من حيث منهجيتها وتركيبتها وصلاحياتها، وهي الإطارات التي أسست وانخرطت في دينامية 17 نوفبر. -تنظيم مئات الإطارات المنخرطة في دينامية 17 نونبر وتتكون أساسا من التنسيق الوطني الأمازيغي ومنظمة تماينوت والشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة. وكنفدرالية الجمعيات الأمازيغية بالجنوب..، لعدة لقاءات جهوية وللمناظرة الوطنية الأولى للحركة الأمازيغية ببوزنيقا من أجل إبراز صوت الحركة الأمازيغية وتحقيق قوانين منصفة وعادلة، توجت ببيان بوزنيقا وميثاق "الأمازيغية ملك لمن يعمل من أجلها". -إعلان رئيس الحكومة عن عنوان الكتروني لتلقي مذكرات واقتراحات الجمعيات في شأن القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، وهو الإجراء الذي رفضته جميع مكونات الحركة المدنية الأمازيغية واعتبرته إجراء استهتاريا واستفراديا يقصيها ويمنعها من حقها في المشاركة في إعداد القانون التنظيمي. -مراسلة فدرالية الجمعيات الأمازيغية للديوان الملكي للتعبير عن رفضها لاستفراد رئيس الحكومة بإعداد القانون والمطالبة بلجنة ملكية لهذا الغرض. -مراسلة إطارات المبادرة المدنية للديوان الملكي للطعن في الأهلية الديمقراطية لإعداد القانون التنظيمي من طرف رئيس الحكومة وحزبه الذي عبر عن مواقف عدائية اتجاه الأمازيغية وإطاراتها ومطالبها. -تسريب مشروع القانون التنظيمي الذي أعد رئيس الحكومة بعد توزيعه على الوزراء من طرف الأمانة العامة للحكومة، ورفض جميع إطارات ومكونات الحركة الأمازيغية للمشروع وإصدارها لبيانات احتجاجية على مضامينه التي اعتبرتها عنصرية ونكوصية تضرب المكتسبات وتتنافى مع مقتضيات الدستور. -تسريب مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية ورفض العديد من الإطارات لمضامينه التي اعتبرتها نكوصية ومستهترة بالوضعية المؤسساتية للأمازيغية انطلاقا من مكانتها كلغة رسمية والمكون ألأساسي للثقافة والهوية الوطنية. -إدراج القانونين التنظيميين في المجلس الحكومي، حيت أحيط الوزراء علما بهما وبأنهما سيعرضان على المجلس الوزاري القادم. -اجتماع أمناء الأحزاب الأغلبية الحكومية وتفويضها لرئيس الحكومة أمر عقد دورة استثنائية للبرلمان قصد المصادقة على القوانين التنظيمية المتبقية بعد عرضها على المجلس الوزاري. -توجيه رسالة مفتوحة من الباحث الأمازيغي المنسق الوطني للتنسيق الوطني الأمازيغي رشيد الحاحي لأمازيغ اللجنة التي أعدت القانون التنظيمي لمجلس اللغات والثقافة (أحمد أرحموش، أحمد بوكوس، محمد أجعجاع، محمد الشامي، أمينة بت الشيخ) قصد تأكيد فحوى المشروع المسرب والتعبير عن موقف من مضمونه النكوصي والالتحاق بالإطارات الأمازيغية من أجل تصحيح المسار وتدارك ما يمكن تداركه. -عقد مئات الإطارات والفعاليات الأمازيغية والخبراء والباحثين يوما دراسيا بالناظور قصد التداول حول مشروعي القانونين التنظيميين وكيفية التعاطي مع تطورات مسار المصادقة عليهما، أفضى إلى قرار مراسلة الديوان الملكي وفق مقتضيات الفصل 49 من الدستور، مراسلة تضمنت ديباجة والأسباب الموجبة ومقترحات لتصحيح مضامين القانونين خلال تداولهما بالمجلس الوزاري. -انعقاد مجلس وزاري بطنجة تمت خلاله المصادقة على القانونين التنظيميين. فبعد أن صادق المجلس الوزاري على مشروعي القانونين التنظيميين يوم 26شتنبر 2016، أحيلا على البرلمان يوم 30 شتنبر، أي في عز الحملة الانتخابية، وأحيلا على لجنة التعليم والثقافة والاتصال يوم 6 أكتوبر، أي في الساعات الأخيرة من عمر البرلمان والحكومة الذي ينتهي دستوريا اليوم ما قبل 7 أكتوبر أي يوم الاقتراع الجديد! أليس كل هذا المسار دليلا قاطعا على التهريب المفضوح في الوقت الميت والضائع من الزمن السياسي والتشريعي؟ حسب مقتضيات الفصل 85 من الدستور لا يمكن إصدار الأمر بتنفيذ القوانين التنظيمية إلا بعد أن تصرح المحكمة الدستورية بمطابقتهما للدستور. الأخبار المتوفرة تؤكد بأن نشر القانونين التنظيميين بالجريدة الرسمية جاهز، وينتظر فقط تمريرها في بداية البرلمان الحالي الجديد بعد أن تكون قد حظيت بموافقة المحكمة الدستورية! وإذا كان من المستبعد أن تراجع الأغلبية الحكومية الجديدة برأسة حزب العدالة والتنمية مشروعي القانونين، فهل ستصرح المحكمة الدستورية فعلا، باعتبارها مؤسسة قضائية ودستورية مستقلة، بمطابقة مشروعي القانونين التنظيميين للدستور؟ أليست الفرصة الأخيرة لوقف وتصحيح هذه المهزلة التشريعية والتضليلية غير المسبوقة في تاريخ المغرب المعاصر، والتي ستكون لها لا شك تبعات كبرى على مسار المصالحة ومشروع إنصاف الأمازيغية والنهوض بها باعتبارها مسؤولية وطنية؟ *باحث والمنسق الوطني للجمعيات والمنظمات الأمازيغية بالمغرب