لم تخلُ الحملة الانتخابية التي قادها مرشحو فيدرالية اليسار الديمقراطي من توجيه انتقادات لاذعة إلى أبرز الفرقاء السياسيين في الساحة الآن، خاصة حزب الأصالة والمعاصرة وحزب العدالة والتنمية. الفيدرالية، وبعدما قدّمت نفسها كخط ثالث يخالف تصور كل من "البيجيدي" بمرجعيته "الإسلامية" و"البام" بمرجعيته "الحداثية" للإصلاح، وجهت تصريحات قوية تجاههما؛ وذلك على لسان نبيلة منيب، الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد التي ترشحت على رأس اللائحة الوطنية لنساء فيدرالية اليسار الديمقراطي خلال الانتخابات الأخيرة ولم تتمكن من الدخول إلى البرلمان. زعيمة الاشتراكي الموحد لم تفوّت فرصة المهرجانات الخطابية واللقاءات التي حضرتها خلال الحملة الانتخابية لتوجه انتقادات لاذعة إلى "البيجيدي" متهمة إياه ب''الرجعية المتخلفة والتجارة باسم الدين وخدمة مصالح الحزب فقط". كما لم تتوان منيب عن وصف "البام" بحزب "المافيا والعصابات"، فضلا عن باقي الأوصاف المتداولة خاصة التحكم. وبعد انتهاء الحملة الانتخابية الممهدة للاستحقاقات التشريعية الأخيرة وإجراء الاقتراع يوم السابع من أكتوبر الجاري، وبعد ظهور النتائج التي أفرزتها هذه المحطة من مشهد حزبي مبهم المعالم؛ تبيّن أن فيدرالية اليسار من خلال المقعدين اللذين حصدتها داخل الغرفة الأولى ستكون أمام خيارين لا ثالث لهما؛ الأول الوجود في الحكومة مع الحزب الذي من المرتقب أن يشكلها والذي انتقدته بالرجعية والتخلف، أو الاصطفاف إلى جانب الأصالة والمعاصرة في المعارضة، وهو الذي سبق أن وصف بحزب "المافيا" من لدن الفيدرالية. شروط المشاركة في الحكومة غير متوفرة، حسب نبيلة منيب؛ حتى لو تمكنت الفيدرالية من حصد عدد كبير من مقاعد، "لأنه لكي تقبل بالمشاركة في الحكومة بالشروط نفسها التي قبلتها حكومة عبد الرحمن اليوسفي أو حكومة عبد الإله بنكيران التي جعلتها دون صلاحيات واسعة.. وبرنامجنا الانتخابي كان واضحا، ويسير في هذا المنحى" وفق تعبير منيب. وزادت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد، في تصريحها ل"هسبريس"، بالقول إن الفيدرالية عبّرت عن توجهها بالمشاركة في المعارضة؛ وهي المشاركة التي تقتضي شروطا كذلك، خاصة القيام بتحالفات على مستوى البرامج، "ونحن لا نرى اليوم إمكانية للتحالف مع البيجيدي أو مع الأصالة والمعاصرة سواء في الحكومة أو المعارضة". وأردفت منيب أن "الأمر سيؤخذ شكل معارضة من داخل المعارضة، خاصة أن الفيدرالية ترى أن إعادة بناء معارضة قوية مطلب أساسي، في الوقت الذي أصبحت فيه أحزاب المعارضة تسعى إلى ضرب الحكومة لتحل محلها فقط، ولم تطرح بدائل"، على حد تعبيرها. وحول الصيغة التي ستأخذها معارضة الفيدرالية، خاصة بالنظر إلى عدد المقاعد القليلة التي حصدتها، ردت منيب بأنهم على وعي بأنها لن تقدم مشاريع قوانين وستمر؛ "لكن عمل المعارضة البرلمانية هو صلة وصل ما بين الناس وبين المؤسسات المنتخبة. ويمكن مثلا أن نوقع على عرائض الملايين من الناس لإلغاء بعض القوانين أو تطبيق أخرى؛ وذلك من خلال ما يسمى بالديمقراطية التشاركية مع المواطنين". وأضافت الأمينة العامة لحزب الاشتراكي الموحد: "أحيانا، أغلبيات تنصت لأقليات؛ لأنه ليس لها ما تقدم"، في إشارة إلى حزب الأصالة والمعاصرة الذي من المرتقب أن يشارك في المعارضة ب102 من المقاعد.