المغرب، "شريك رئيسي" للولايات المتحدة (عضو الكونغرس الأمريكي، جو ويلسون)    حموشي يستقبل المفوض العام للاستعلامات بإسبانيا    العقد ‬الاجتماعي ‬المتقدم ‬مع ‬الشباب ‬لينخرط ‬في ‬صناعة ‬المستقبل    الدينامية ‬الثنائية ‬بين ‬المغرب ‬وإسبانيا ‬تعزز ‬أفق ‬الشراكة ‬الاستراتيجية    جمعية دكالة تنظم احتفالا برأس السنة الأمازيغية    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    ردود فعل دولية على اتفاق وقف إطلاق النار في غزة    هانز فليك يشيد بعقلية لاعبي برشلونة    بمعلومات من "الديستي".. أمن سلا يوقف 4 أشخاص بحوزتهم 11 ألفا و400 قرص من "ريفوتريل"    ارتفاع أسعار النفط وسط مخاوف بشأن المعروض    الداكي: خط الرشوة أثبت نجاعته وحصيلة هذه السنة 61 حالة    رغم اتفاق وقف إطلاق النار.. 50 شهيدا فى غارات إسرائيلية متفرقة على قطاع غزة منذ فجر اليوم    حياة الكابرانات: سيارات وإقامات فاخرة على حساب الشعب الجزائري    أنفوغرافيك | تصنيف أقوى جيوش العالم في 2025.. المغرب يتبوأ المركز 59 عالمياً    إسرائيل تتهم حماس ب"التراجع عن أجزاء"    دفاعا عن وطنية أكبر ومواطنة.. أكثر    تدهور مستوى المعيشة وارتفاع البطالة يؤثران سلبا على مؤشر ثقة الأسر المغربية خلال عام 2024    استئنافية البيضاء تخفض مدة حبس القاضية المتقاعدة إلى 8 أشهر    كيوسك القناة | الاتحاد العام للصحفيين العرب يؤكد مساندته للوحدة الترابية للمملكة    المغرب يدعو لتفاوض عربي موحد مع الشركات الرقمية الكبرى للدفاع عن القضية الفلسطينية    الرئيس المنتخب ترامب يدرس خيارات "الحفاظ" على "تيك توك"    طقس الخميس.. جو بارد مصحوب بصقيع    مشروع الطريق السريع بين الحسيمة والناظور سيمر عبر قاسيطة    استقرار أسعار الذهب بعد تسجيل أعلى مستوياتها    الصين: أكثر من 100 مليون زيارة لمتاحف العلوم والتكنولوجيا في 2024    إيغامان يسجل من جديد مع "رينجرز"    HomePure Zayn من QNET يحدد معيارًا جديدًا للعيش الصحي    تركيا.. عام 2024 كان الأشد حرارة في تاريخ البلاد    إبرام اتفاق وقف إطلاق النار وتبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس    المغرب وبلجيكا يوقعان مذكرة تفاهم تشمل تعزيز استقلال السلطة القضائية وتكريس دولة الحق والقانون    بطولة أمم إفريقيا للاعبين المحليين.. المغرب في المجموعة الأولى إلى جانب كينيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا    تسجيل إصابات ب"بوحمرون" في 15 مدرسة يستنفر مديرية التعليم ويثير الخوف بين الأسر    كأس إفريقيا للمحليين... المنتخب المغربي في المجموعة الأولى رفقة كينيا وأنغولا والكونغو الديمقراطية وزامبيا    كلمة .. السراغنة: غوانتانامو للمرضى النفسيين    فرق الإطفاء تنجح في إخماد حريق بغابة "أغاندرو" في الحسيمة    موجة برد وتساقطات ثلجية تهم عدة مناطق بالمغرب من الأربعاء إلى السبت    تسجيل إصابة 79 نزيلة ونزيلا بداء "بوحمرون".. وسجن طنجة في المقدمة    الرباط .. الصناعات الثقافية والإبداعية وتحديات التحول الرقمي في صلب أشغال الدورة ال24 لمؤتمر وزراء الثقافة العرب    العدوي: يتعين الحفاظ على مجهود الاستثمار العمومي    حكيمي يؤكد لأول مرة حقيقة تسجيل أملاكه باسم والدته    انطلاق مهرجان آنيا تحت شعار "الناظور عاصمة الثقافة الامازيغية"    تسجيل نمو ملحوظ في المبادلات التجارية بين المغرب وإسبانيا في سنة 2024    الفنان ياسين احجام يروج لشخصية المعتمد بن عباد    غياب مدرب الجيش الملكي عن مواجهة صن داونز بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة    تداولات الإفتتاح ببورصة الدار البيضاء    فاروق لايف: التغيير بدأ قبل حملة التنمر وسأجعله مصدر إلهام للآخرين    استثمارات خليجية تنقذ نادي برشلونة من أزمته المالية الكبرى    اليوبي: الوضعية الوبائية "عادية" وفيروسات الموسم مألوفة لدى المغاربة    تسجيل 25 إصابة بداء بوحمرون في السجن المحلي طنجة    بلقصيري تحتفي بالكتاب الأمازيغي والغرباوي في "آيض يناير"    إيض يناير 2975: الدار البيضاء تحتفي بالتقاليد والموسيقى الأمازيغيين    ثمود هوليود: أنطولوجيا النار والتطهير    أرسنال يفتقد خدمات مهاجمه البرازيلي خيسوس بسبب الاصابة    العيون تحتفل بحلول "إيض إيناير"    الأمازيغية :اللغة الأم….«أسكاس امباركي»    ملفات ساخنة لعام 2025    أخذنا على حين ′′غزة′′!    الجمعية النسائية تنتقد كيفية تقديم اقتراحات المشروع الإصلاحي لمدونة الأسرة    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رقصة مع الطفولة
نشر في هسبريس يوم 14 - 10 - 2016

تكبر الأيام في أعيننا وتتراكم السِنُون فوق بعضها مغيرة بذلك أرقاما تشي بعمرنا. يمر الزمن من أمامنا بخطى مسرعة وتتقدم معه في العمر أجسادنا، لِنعِيَ فجأة بأننا قد كبرنا..
اليوم اكتشفت أنني كبرت وقد حدث ذلك في غفلة مني. كبرت وصارت قصيدة نزار(كبرت يا أمي) تشبهني أكثر، كبرت وما عدت أشبه نفسي. عذرا ألم أعرفكم بنفسي؟
أنا رجل ثلاثيني نال الزمن من ملامحه لتدل هيئته على أنه أكبر من ذلك بكثير. بِطُول فارعٍ وجسم نحيل وضعته على كرسي إحدى المقاهي، التي تعودت الانزواء فيها، ها أنذا أرقبكم من خلف شاشة حاسوبي وأنتم تلتهمون كلماتي. بصحبتي فنجان قهوة تمددت بجانبه جثة سيجارة استهلكتها لتوي وأخرى تبدو لك متكئة على المطفأة وقد توهج رأسها في حُمرة شديدة استعدادا لتزويد دماغي بجرعة نيكوتين أخرى .
الساعة تشير إلى التَّعَبِ إلاَّ هُنَيْهَة والبحر يعاكس الرمال كلما مرت أمواجه تمسح وجه الشاطئ والشمسُ تَأْفُل. فجأة يصيب العالم صمت رهيب والكل من حولي يحرك شفاهه دون أية أصوات . الحركة تبدو بطيئة والضحكات تراها تتمايل ثملة. أصارت الحياة سكيرة أم أن الصور التي أمامي قد أصابها الدوار؟
صراخ! صُراخ صامت بداخلي وأصوات الذاكرة تتضارب على مسمعٍ مني، ضحكات كثيرة تعزف على أوتار الحنين ألحانها الغجرية بلا رحمة. وفجأةً تهب عاصفة من اللاّشيء فتقتلع معها كل شيء … تقتلعني من واقعي لتسافر بي إلى أيام الصبا. أخرج طائرتي الورقية وأطلق لها العنان ملبيا نداء الشوق.. أخرج ذلك الطفل من داخلي وأترك أصابعنا تشابك خيوط الطائرة. نلعب سوية على الشاطئ ونغني :
انطرد أيها الواقع من مساحتي فَمِن بُرودِك اليوم جئت أثأر!
ارقصي أيتها الدنيا وافتني العالم بحسنك .. لقد جئت أنشر الفرح في كل مكان ..
بين فجاج همومك ووسط أنهار الدموع المتدفقة من وجه طفل مغلوب على أمره …
غردي أيتها العصافير واعبقي أيتها الورود بنسيم العشق فقلبي قرر أن يضخ الابتسامة في جسم أنحفه الحزن.
اليوم قررت أن أكافئ نفسي بلحظة فرح اختلستها سرا من قسوة الأيام ..ابتسامة سرقتها شفتاي ليس برغبتي إنما هي أيامي أصبحت تتضرع جوعا للمسرات ..
ارقصي أيتها الحياة فقد قررت أن أعود طفلا! قررت العودة لأيام ما كانت الأحلام فيها تُذْبَح ..
يحدث أن تُغادر نفسك وتتأملها مِن بعيد. ويحدث كذلك أن تراها ضائعة متشردة ولست بقادر على إرشادها. تحدثها، تصرخ بوجهها وتُعَنِّفُها، لكنها لا تسمعك. فهي صارت ثملة كالصور التي مرت من أمامك قبل قليل... إلا أنك لا تستسلم، تهمس في قلبها كلمات ليست كالكلمات، تتلو عليها تعويذة الشوق واللهفة: "تعالي يا صغيرتي تعالي أيتها الضائعة! أعطني يدك واتَّبِعي خطواتي! سنعيد ذلك الطفل الذي غادرنا منذ زمن..." ومن ثم تجد نفسك على دروب الذكريات تسترجع أياما كان فيها همك الوحيد هو عدم تفويت حلقة من مسلسل الرسوم المتحركة المفضل لديك ، أياما كان فيها شغلك الشاغل هو انتظار وقت الاستراحة التي تتخلل الحصص الدراسية لكي تلهو وأصحابك في ساحة المدرسة . تنتظر بلهفة حلول الأعياد لكي تتلقى عيديتك من أعمامك وأخوالك ... وغير ذلك من الأحلام الصغيرة و البريئة.
تجتاحك موجة من النوستالجيا كلما رأت عيناك طفلا يلهو أمامك غير آبه بزيف الواقع ولا بهمومه. وتتمنى لو أنه يعود بإمكانك الصراخ بعفوية وركوب الأرجوحة مثلما كنت تفعل فيما مضى. تقول لنفسك :" يا لَحَظِّه ! لم تتعبه الحياة بمتطلباتها ولم تنهكه الأيام وهو يحاول عيشها" .تبتسم في وجهه وتعود إلى عالمك لتجد الحياة تنتظرك بمقتضياتها ومسؤولياتها.
أطمئنك!
ليس بانفصام في الشخصية ما وصفته فيما سلف من كلامي وإنما هو رفضنا المستمر لقبول التغيير الذي يصيبنا كلما استهلكنا أيام حياتنا. ذلك الحنين الدائم لحالة من الاستقرار عشناها و نحن أطفال. اشتياقنا لعالم مليء بالبراءة والصدق وعدم قبولنا بواقع غريب أكثر منه جديدا، فتجدنا نلجأ غالبا إلى استحضار ماضينا عوض التأقلم مع واقِعِنا ظنًّا مِنا أنه أقرب طريق لاستحضار الطمأنينة... بداخل كل واحد منا طفل يتمرد في لحظات الحنين ولكل منا طائرته الورقية، يخرجها كلما ناداه ذلك الطفل. فلا تخجل يوما إن نادتك أيام الصبا؛ بل لب الدعوة مهرولا نحوها، لأنها وحدها قادرة على تزويد فؤادك بطاقة إيجابية وإعطائك نفسا جديدا لمواجهة مصاعب الحياة و تقلباتها المستمرة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.