يتذكر الجميع الحرب الطاحنة التي دارت رحاها بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب التجمع الوطني للأحرار قبيل موعد انتخابات 25 نونبر 2011، والتي بوأت حزب المصباح الصدارة، ليقرر التحالف بعد سنتين من التدبير الحكومي مع "الحمامة". الاتهامات التي وُجّهت إلى قيادة الأحرار وقتها من لدن حزب العدالة والتنمية، وخصوصا تلك الصادرة عن عبد الإله بنكيران، الأمين العام لل"مصباح"، لم تصمد كثيرا لتتحول إلى إشادة بدور "رفاق" صلاح الدين مزوار في استمرار سفينة الحكومة التي يقودها حزب العدالة والتنمية إلى الآن. ومع انطلاق الحملة الانتخابية الحالية لانتخابات السابع من أكتوبر المقبل، تجددت الاتهامات والاتهامات المضادة بين الحليفين "المصباح" و"الحمامة"؛ وهو الأمر الذي قرأ فيه كثيرون أن التحالف بينهما بعد السابع من أكتوبر في حال تصدر أحدهما الانتخابات سيكون صعبا. ودشن عبد الإله بنكيران، أمين عام حزب العدالة والتنمية، حملته الانتخابية بتوجيه اتهامات إلى الأحرار بالقول إنه "لا أحد يمكنه أن يقول إن حزبه هو من حقق هذه المنجزات؛ لأننا سنقول لكم وقتها إن العمدة على السائق"، مضيفا "ربما نزيد ونقول لكم، لماذا لم تقوموا بذلك في الحكومات السابقة والتي كنتم شركاء فيها"؛ وذلك في رسائل إلى حزب التجمع الوطني للأحرار. اتهامات بنكيران، الذي أكد أن سفينة المغرب كادت تغرق، رد عليها مزوار بقوة؛ فقد قال إن المغرب "لم يكن يغرق عند وصول حكومة بنكيران، حتى نقول إن هذه الحكومة هي التي أنقذت سفينة البلد"، متسائلا عن "نسب النمو الاقتصادي التي تحققت في السنوات السابقة، وأليست الحكومات السابقة هي التي حققتها؟ هل كانت الحكومات السابقة مجرد كراكيز لم تحقق للمغرب شيئا؟". كمال القصير، الباحث والمحلل السياسي، يرى أن "الاتهامات المتبادلة بين حزب العدالة والتنمية وبين حزب التجمع الوطني للأحرار قديمة، وتعود إلى ما قبل انتخابات 2011"، مذكرا "بخوض رئيسه صلاح الدين مزوار لتجربة جي 8". وأوضح القصير، في تصريح لهسبريس، أن "الطرفين تبادلا الاتهامات حينها، والتي تدخل ضمن سياق الانتخابات التي تسمح بهامش واسع من الانتقادات المتبادلة"، مبرزا أن "ذلك لم يمنع دخول حزب مزوار إلى الحكومة بعد انسحاب حزب الاستقلال منها". وفي هذا الصدد، أكد الباحث في العلوم السياسية أن "تحالف الأحرار مع حزب العدالة والتنمية لا علاقة له بوجود اتهامات، أو بحملات انتخابية مضادة"، مشددا على "أن الأمر مرتبط بتموضعات سياسية قبل بها الحزبان معا عندما خاضا تجربة الشراكة داخل الحكومة". "الأحرار في التحالفات المقبلة بعد نهاية الاقتراع لن يقدم للعدالة والتنمية في حال فوزه شيكا على بياض"، يقول القصير لهسبريس، مسجلا أن "حزب الحمامة يخضع لتوازنات لها علاقة بأصدقائه السياسيين الآخرين الأقرب إليه". وختم الباحث في الشأن السياسي حديثه للجريدة بالتأكيد على أن "التحالفات ستبقى رهينة التوازنات المطلوب أن يعرفها المشهد السياسي المغربي، وفق رؤية الدولة أيضا"، مضيفا أنه "لا يوجد حتى اللحظة أي صيغة غير ممكنة ومعلنة مسبقا للتحالف إلا صيغة واحدة؛ وهي التحالف بين العدالة والتنمية وبين الأصالة والمعاصرة، التي بات يرفضها الطرفان. أما غير ذلك، فكله ممكن".