شكل الخروج الأخير لصلاح الدين مزوار، رئيس التجمع الوطني للأحرار، ضد رئيس الحكومة والأمين العام لحزب العدالة والتنمية، عبد الإله بنكيران، خلال دورة المجلس الوطني لحزبه، مفاجأة كبيرة داخل أوساط الأغلبية الحكومية، وكذا الحزب الذي يرأسه وزير الخارجية والتعاون في الحكومة. وإذا كان الأمين العام ل"حزب المصباح" منع أعضاء حزبه من الرد على حليفه الذي ركب سفينة الحكومة في نسختها الثانية بعد مغادرة حزب الاستقلال، فإن مصدرا من داخل "حزب الحمامة" نفى لهسبريس أن تكون قيادة الحزب تداولت في الخروج القوي للرئيس مزوار ضد حليفه الأول قبل إقدامه عليه. ويرتقب وفق مصدر هسبريس عقد لقاء للمكتب السياسي لتدارس طريقة التعامل الجديدة التي اختارها الحزب، والتي ستؤثر بدون شك على علاقته مع حلفائه في الحكومة، وخصوصا حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة، وسط محاولات داخل الأغلبية لعقد لقاء لزعمائها، لوقف الخلافات التي تأتي على بعد أقل من تسعة أشهر من إجراء الانتخابات التشريعية. معارضة وزارية حاكمة عبد الرحيم المنار اسليمي، رئيس المركز المغاربي للدراسات الأمنية وتحليل السياسات، يرى في تصريحات لهسبريس أن "رئيس حزب التجمع الوطني للأحرار اختار بتصريحه إحداث قطيعة مع حزب العدالة والتنمية على بعد ثمانية أشهر من الانتخابات التشريعية المقبلة"، مشيرا إلى أن "الخطير في هذا التصريح يتمثل في إشارة مزوار التي يفهم منها تأييده لبعض المطالب المرفوعة في الشارع ضد حكومة بنكيران، وتقييمه السلبي لحكومة يُشارك فيها حزبه بسبعة مقاعد وزارية في قطاعات إستراتيجية دون إضافة وزارة الفلاحة، ورئاسة مجلس النواب، إضافة إلى بصماته في خارطة اقتراحات المناصب الدبلوماسية الجديدة". وبعدما سجل أستاذ العلوم السياسية والقانون الدستوري بجامعة محمد الخامس أن حكومة بنكيران باتت قادرة على إنتاج "معارضة وزارية حاكمة" من داخلها، أوضح أن خروج مزوار الأخير غير محسوب سياسيا بما فيه الكفاية، مبررا ذلك بكون اللعبة السياسية المغربية غير قادرة على استيعاب مخاطر صراع انتخابي شبيه بما جرى خلال انتخابات نونبر 2011 على الحكومة التي ستفرزها انتخابات أكتوبر 2016. وأوضح اسليمي أن "حلول الأحرار محل الأصالة والمعاصرة، والنيابة عنه في قيادة الصراع مع إسلاميي العدالة والتنمية، مغامرة قد يجد معها مزوار وحزبه نفسهما خارج الحكومة المقبلة"، وذلك "في حالة ما إذا ما أصبح المغرب أمام سيناريو تعايش سياسي بعد انتخابات أكتوبر المقبل يجمع حزبي العدالة والتنمية والأصالة والمعاصرة في حكومة واحدة"، حسب تعبيره. وأوضح المتحدث نفسه أنه "في حال انضمام الأصالة والمعاصرة، ومساندته لمزوار في صراعه المعلن مع العدالة والتنمية، سيتم فرز قطبين متصارعين في المغرب قبل انتخابات أكتوبر 2016، هما الأصالة والمعاصرة والعدالة والتنمية، منبها إلى أن هذه "قطبية ثنائية خطيرة ستميل نتائجها إلى حزب العدالة والتنمية، الذي باتت له مقدرات كبيرة في الانعزال قبل الانتخابات واستعمال أدوات إستراتيجية في الهجوم على الأصالة والمعاصرة". "موقف التجمع الوطني للأحرار قد يؤثر على الأصالة والمعاصرة، إذا لم يتم استيعابه بشكل حسابي توقعي جيد لما هو قادم"، يقول الأستاذ الجامعي، مؤكدا أن "المسافة الزمنية عن انتخابات أكتوبر المقبلة لازال من الممكن أن تتغير فيها كل التوازنات، والإعلان عن المعركة المبكرة مع العدالة والتنمية إستراتيجية غير محسوب النتائج". الانفصال عن العدالة والتنمية من جانبه أوضح الدكتور عبد الرحيم العلام، الباحث في العلوم السياسية، أن وجود التجمع داخل الحكومة غير طبيعي، مذكرا بأن دخوله إلى التشكيلة الثانية من حكومة بنكيران اقتضته الضرورة بعد انسحاب حزب الاستقلال، باعتبار أن إسقاط الحكومة لم يكن في صالح العديد من الجهات. وقال العلام لهسبريس: "كان لزاما أن يتم سد الفراغ بحزب الحمامة لاستمرار الحكومة، لذلك طُلب منه أن يلتحق كما كان يفعل دائما"، مشيرا إلى أن الخروج الأخير لمزوار هو نوع من القفز من سفينة العدالة والتنمية، وركوب سفينة الأصالة والمعاصرة قبل الانتخابات المقبلة. وردا على تهمة الخيانة التي دفعت مزوار إلى الخروج ضد حليفه عبد الإله بنكيران، أوضح العلام أن ذلك يعتبر نوعا من الانتقام من الحزب لما تعرض له من طرف العدالة والتنمية في العديد من المحطات.