مع قرب الاستحقاقات التشريعية المزمع تنظيمها في السابع من أكتوبر القادم ، اشتد الصراع بين الأحزاب السياسية، كل واحد منهم يستعرض برنامجه الانتخابي، ويحاول إقناع المواطنين بالتصويت، وسط توقعات بارتفاع نسبة عزوف شبيهة بانتخابات التشريعية لسنة 2007 . بغض النظر عن الأداء السياسي للأحزاب السياسية - خاصة تلك التي شكلت الائتلاف الحكومي الأخير - وعن طبيعة ومضمون البرامج التي تم تقديمها ، ومع بدأ ارتفاع وثيرة الشد والجذب بين القوى السياسية برزت الفئات المشكلة لخارطة الاقتراع، والتي ستتكون غالبا من ثلاثة فئات : الفئة الأولى تدعو بشكل صريح إلى المشاركة في تدبير الشأن العام ، عبر تكثيف المشاركة السياسية، ومحاربة العزوف الانتخابي، وذلك - حسب تصورها - لقطع الطريق عن "النخب " المتحكمة في القرار التدبيري، والمتهمة غالبا بالفساد ، واستغلال النفوذ ونهب المال العام. وفئة ثانية، تتجه عكس سابقتها، وذلك بتبنيها خيار المقاطعة، لكن هذا الموقف لا ينبع عن وعي سياسي، بل عن ما يمكن تسميته ب"اللامبالاة " ، لكونها -هذه الفئة - تعيش خارج زمن السياسية، ولا تعتبرها ذات أهمية ، لأنها لا تمس احتياجاتها اليومية. بالإضافة إلى الفئتين السالفتي الذكر، هناك فئة ثالثة، غالبا ما يتم تغيبها عن النقاشات السياسية، وعن الإعلام ، وهي فئة تقاطع الانتخابات عن وعي سياسي كبير. كما أن المشكلين لها أغلبهم ذا تكوين سياسي وأكاديمي عال. تنطلق هذه الفئة من تصور مفاده أن المشاركة السياسية في ظل نسق سياسي شبه" مغلق" لا تحدث تغييرا ، بل تقوم بإنتاج نفس النمط "السلطوي " ، بآليات و ميكانزمات جديدة ، كما أن الانتخابات - حسب هذه الفئة - لا تتعدى سوى إضفاء نوع من المشروعية السياسية على البنية السياسية والاقتصادية والاجتماعية القائمة. عموما ، فالفئة الثانية ( المقاطعة للانتخابات عن غير وعي )، يمكن تغيير موقفها الحسي، وذلك بجعل الممارسة السياسية تقيس احتياجاتها اليومية من خلال تنزيل قوانين تصب في اتجاه تغيير واقعها الاجتماعي والاقتصادي. أما الفئة الثالثة ( المقاطعة للانتخابات عن وعي) ، فيصعب إقناعها بتغيير موقفها، لأنه موقف غير ظرفي ، ولا يرتبط فقط بالانتخابات ، كما أنها ذا وعي سياسي وأكاديمي عال جدا .